وعاد النقيب السابق في الجيش والمعارض السياسي أحمد شوشان، بعد 25 سنة من العيش في المنفى قضاها بين مالي وبريطانيا، على خلفية ملاحقته في قضايا سياسية.
وقام شوشان، بعد عودته مباشرة، بزيارة قبر قائد الجيش السابق الراحل الفريق أحمد قايد صالح، حيث يُعرف عن شوشان دعمه في الخارج لقايد صالح والخيارات السياسية التي فرضها على الجزائريين.
كما دعم شوشان المسار الانتخابي، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأسس مع ناشطين بالجزائر تنظيماً سياسياً باسم "الجبهة الشعبية لإنهاء الوصاية الفرنسية على الجزائر"، وتنظيماً يُعتقد أنه سيتحول إلى حزب سياسي هو "الوحدة الشعبية"، وساعدت مواقفه هذه في ترتيب السلطات والأجهزة الأمنية لعودته إلى البلاد.
وكان أحمد شوشان قد أرجأ، في يوليو/ تموز الماضي، عودته من المنفى إلى الجزائر، حسب ما ذكره حينها، بناءً على طلب من السلطات الجزائرية، إلى حين توفر الظروف المناسبة وبطلب من الملحق الأمني في السفارة الجزائرية في لندن الذي طلب منه تأجيل سفره.
ولمّح شوشان إلى وجود تنسيق بينه وبين جهة عليا في الجزائر (الجيش) تتولى مسألة ترتيب عودته إلى البلاد، مشيراً إلى أنه يثق في رغبتها وتقديرها للأوضاع.
وشوشان هو نقيب سابق في الجيش، كان مقرّباً في بداية التسعينيات من الإسلاميين، وتحديداً من "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، ويقر بأنه أبلغ قيادة الجبهة بوجود مخطط من قبل الجيش للانقلاب ووقف المسار الانتخابي، وهو ما تم فعلاً، في يناير/ كانون الثاني عام 1992.
واعتُقل شوشان من قبل جهاز المخابرات؛ بسبب علاقته هذه بالجبهة، لكن السلطات زعمت أن له صلات من مجموعة من المتشددين الذين كانوا بصدد تشكيل مجموعة مسلحة، وأصدرت المحكمة العسكرية في بشار جنوبي الجزائر، في عام 1992، حكماً بالسجن لثلاث سنوات بحقه بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم بالقوة مع أطراف معادية.
وفي فترة سجنه، بحسب ما ذكره شوشان في كتاب للضابط السابق في جهاز المخابرات الذي يعيش في المنفى محمد سمراوي، فإنّ قيادة المخابرات حاولت تجنيده وتكليفه باختراق الجماعات المسلحة والعمل كمساعد لزعيم الجماعة الإسلامية المسلحة حينها عنتر زوابري، وأنه أُخرج من السجن لتنفيذ هذا المخطط، وأنه كان فعلاً بصدد لقاء مبعوث عن الجماعة، لكنه هرب من الجزائر عبر مالي، في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1995، ليستقر في بريطانيا منذ عام 1997، وكانت له نشاطات سياسية معارضة للجيش الذي اتهمه بالتورط في مجازر في التسعينيات، وضد نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وقال بن عيسى، للصحافيين، عقب عودته، إنّ الظروف الجديدة في البلاد بعد اندلاع الحراك الشعبي وانتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، وفرت له فرصة للعودة.
وأكد بن عيسى، وهو أمين عام سابق لوزارة التعليم ومن مؤسسي مؤتمرات الفكر الإسلامي في الجزائر نهاية الستينيات، أنه ظل لمدة 28 سنة ممنوعاً من الدخول إلى الجزائر بفعل "هيمنة التيار الفرانكفوني على السلطة في البلاد، وعدائه المطلق للمفكرين الإسلاميين" على حد قوله، مضيفاً أنه اتخذ قرار العودة من دون ترتيبات مسبقة.
ويعتقد مراقبون أنّ سماح السلطات بعودة "المنفيين"، وبغض النظر عن كونها حقاً ورفع مظلمة سياسية، فإنها تتزامن مع التحولات الجارية في الجزائر، وهي مرتبطة بصعود قوة جديدة في المؤسسة العسكرية والسياسية لها توجهات تخالف تماماً توجهات الجناح الذي كان يسود الجيش والحكم ككل طيلة سنوات التسعينيات وبداية الألفية، والذي أُحيلت صقوره إلى السجن أو التقاعد.
ويشير مسعودي إلى أنّ "مواقف العائدين وخطابهم السياسي تصنف في خانة الكراهية وشيطنة الحراك والتأجيج الدعائي؛ على غرار موقفهم من قضية رفع الراية الأمازيغية، وأخشى أن يكون النظام بصدد التخطيط لصناعة أزمة وافتعال معركة أيديولوجية لتجنب ثورة تحرر من الفساد والاستبداد".
ويقصد حكيم مسعودي بـ"افتعال معركة أيديولوجية"، مواقف النقيب أحمد شوشان المرتبطة بدعم السلطة واستعداء الحراك والزعم باختراقه من قبل من يصفهم بـ"عملاء فرنسا والتيار البربري"، ومواقف رشيد بن عيسى الذي يدعو إلى إلغاء الاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية.