عودة قوافل المقاتلين من العراق إلى سورية

06 مارس 2020
دخلت مجموعات المقاتلين عبر القائم والبوكمال إلى سورية (Getty)
+ الخط -


كشفت مصادر عراقية، مقربة من فصائل مسلحة في العاصمة بغداد، توصف عادة بأنها مرتبطة بإيران، لـ"العربي الجديد"، أن ما بين 400 إلى 500 مقاتل محلي يتبعون لمليشيات منضوية ضمن "الحشد الشعبي"، انتقلت بين 28 فبراير/ شباط الماضي والثالث من الشهر الحالي، إلى سورية، في أكبر موجة تدفق مسلحين ينتمون لمليشيات عراقية إلى سورية منذ العام 2017.

ويتوقع من الخطوة التصعيدية من قبل المليشيات المرتبطة بإيران أن تزيد حرج السلطات العراقية، التي تحرص على تكرار مسألة سيطرتها على جميع الفصائل المسلحة، ضمن قانون "الحشد الشعبي"، وما تبعه من تنظيم عملها ومواقع وجودها وارتباطها. إلا أن عدداً من تلك الفصائل رفض تطبيق قرارات الحكومة العراقية العام الماضي في ما يتعلق بملف انسحابها من المدن والأحياء السكنية، وتسليم سلاحها الثقيل للدولة، والالتزام بقرارات مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية.

وحتى الآن تعصف خلافات حادة داخل هيئة "الحشد الشعبي" حول مسألة البديل عن زعيمها الميداني أبو مهدي المهندس، الذي لقي مصرعه بغارة أميركية استهدفت زعيم "فيلق القدس" قاسم سليماني مطلع العام الحالي قرب مطار بغداد الدولي. وتشكل هذه الهيئة المظلة الجامعة لمليشيات "الحشد"، البالغة 69 فصيلاً مسلحاً، جزء منها يرتبط بشكل مباشر بـ"فيلق القدس" الإيراني، على غرار كتائب "حزب الله" و"النجباء" و"الأوفياء" و"العصائب" و"سيد الشهداء" و"الإمام علي" و"جيش المؤمل" و"الخراساني" وفصائل مسلحة أخرى.

وكشفت معلومات خاصة، حصلت عليها "العربي الجديد"، من عضو برلمان سابق مقرب من فصيل مسلح ضمن "الحشد الشعبي"، يدعى "سرايا عاشوراء"، أن حافلات كبيرة تقل مقاتلين عراقيين، غالبيتهم يتبعون لحركة "النجباء" بزعامة أكرم الكعبي، دخلت سورية عبر معبر القائم الحدودي بين الأنبار والبوكمال السورية في الأيام الماضية. وأكد أن عدة فصائل عراقية أرسلت دفعات من عناصرها لـ"دعم جهود الجيش السوري في استعادة إدلب"، على حد تعبيره. ولفت إلى أن دفعات الدعم انطلقت منذ 28 فبراير الماضي، وآخر الدفعات وصلت في الثالث من الشهر الحالي، ويراوح إجمالي عددهم بين 400 و500 مقاتل حتى الآن. وحول أبرز الفصائل التي نقلت جزءاً من مقاتليها إلى سورية، قال "نفسها الموجودة منذ سنوات في سورية، دفعت تعزيزات من العراق. لا جديد على أسماء الفصائل. النجباء والكتائب (حزب الله) والأوفياء وجماعة حجي سعد سوار"، في إشارة إلى زعيم مليشيا "جيش المؤمل" سعد سوار، المتهم بجرائم قتل وانتهاكات بعدة بلدات عراقية وسورية.


في السياق، أكد موظف في منفذ القائم الحدودي مع سورية، وسائق سيارة أجرة يعمل في المكان، لـ"العربي الجديد"، عبور حافلات كبيرة، تسع كل واحدة منها 44 راكباً خلال الأيام الماضية، ترافقها سيارات من طراز "تويوتا" رباعية الدفع يستقلها مسلحون وتحمل أعلاماً ورايات ملونة باتجاه الأراضي السورية، إحداها بعد عصر الأحد الماضي، لم تخضع للتفتيش، واعتبرت قوافل زيارات دينية، إحداها تابعة للواء 12 في "الحشد الشعبي"، وهي التسمية الخاصة بمليشيا "النجباء"، ضمن قانون هيكلة "الحشد"، الذي لم تستطع حكومة عادل عبد المهدي فرضه على أغلب تلك الفصائل، باستثناء التسميات بالمخاطبات الرسمية، أو ما يكتب على السيارات التابعة لتلك المليشيات وهوياتهم التعريفية.

وانتشرت المليشيات العراقية، المرتبطة بإيران، خلال الأسابيع الماضية، ضمن جبهة إدلب، في عدة مناطق، أبرزها ريف إدلب الجنوبي، شرق الطريق الدولي "ام 4"، وفي قرية التمانعة التابعة لمعرة النعمان، وغرفة عمليات قرب مطار أبو الظهور، وفي بلدة الزربة الواقعة أيضاً شرق طريق "ام 4"، فضلاً عن عدة مواقع في ريف حلب الجنوبي، فضلاً عن بلدة سراقب. ويتوقع أن يكون توجه المسلحين التابعين لتلك المليشيات ممن دخلوا حديثاً إلى سورية تلك المناطق، وتحديداً بلدة سراقب.

ويرى مراقبون وخبراء أمنيون أن انتقال أفراد مليشيات من العراق إلى سورية لا يمكن اعتباره حدثاً جديداً، كونها مشاركة بالمعارك والعمليات الدائرة هناك منذ العام الأول لانطلاق الثورة السورية، غير أن عودتها اليوم للتدفق مجدداً براً إلى سورية، ستؤكد حقيقة عدم سيطرة الدولة العراقية على تلك الفصائل، وأن قانون "الحشد الشعبي" مجرد غطاء شكلي لا أثر له في الواقع. وحول ذلك، قال الخبير الأمني العراقي نجم القصاب، إن "حكومة عبد المهدي، ومنذ تشكيلها، اتخذت قراراً بأن تكون مع الجانب الإيراني ضد المحور الأميركي والدول المتحالفة معه. لذا من غير الممكن أن تتخذ قراراً الآن بشأن انتقال مقاتلين من العراق إلى سورية. كما أنها أصدرت قرارات كثيرة بشأن تنظيم الحشد، آخرها ما يعرف بهيكلة الحشد الشعبي، ولم ينفذ". وأضاف، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "بعض الفصائل، ولا نقول كلها، لا تأخذ أوامر لا من وزارة الدفاع ولا وزارة الداخلية، وهي أقوى بكثير من الحكومة. بالتالي هذا الأمر لا يحرج الحكومة، لكنه يحرج العراق كدولة أمام العالم، لكونه يدعم أو يدافع عن الأنظمة الاستبدادية". وتخوف من أن "إقدام بعض الفصائل المسلحة، إن صحت المعلومات، على إرسال مقاتلين إلى سورية، سيقود إلى مواجهة العراق عقوبات دولية، ويكون الشعب العراقي هو الخاسر فيها".