عادت ظاهرة الهجرة السرية من المغرب إلى "الفردوس الأوروبي" بواسطة ما يسمى بـ"قوارب الموت" إلى الواجهة، في خضم تسجيل تراجع حالات اقتحام المهاجرين غير النظاميين الأسيجة الحدودية من مدينتي سبتة ومليلية، الخاضعتين للسيادة الإسبانية في الشمال المغربي.
ونشر مرصد الشمال لحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية غير حكومية، دراسة حول دينامية الهجرة بشمال المغرب في شهر يناير/ كانون الثاني 2018، بيّنت أن 1104 مهاجرين حاولوا الوصول إلى الضفة الأخرى، أو اقتحام السياجات الحدودية لسبتة ومليلية خلال هذا الشهر.
كذلك أشارت الدراسة إلى أن 75 في المائة من المهاجرين حاولوا الوصول من الشمال الغربي، أي من مضيق جبل طارق أو مدينة سبتة، مقابل 25 في المائة حاولوا الوصول إلى الضفة الأوروبية من ناحية الشمال الشرقي، على وجه الخصوص مدينة مليلية، من بينهم 57 في المائة من المهاجرين جرّبوا "قوارب الموت"، في سياق تشديد المراقبة الأمنية، سواء من المغرب أو إسبانيا على حدود سبتة ومليلية.
وبخصوص جنسيات المهاجرين، كشفت الدراسة ذاتها أن 89 في المائة من المهاجرين غير الشرعيين ينحدرون من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، و3 في المائة من جنسية مغربية، مبرزة أن جميع المغاربة الذين وصلوا أو حاولوا الوصول إلى الضفة الأخرى استعملوا القوارب والزوارق المطاطية.
ولفتت الأرقام إلى أن 28.5 في المائة من المهاجرين وصلوا إلى الضفة الأوروبية باستعمال القوارب والزوارق المطاطية أو اقتحام السياجات الحدودية لسبتة ومليلية، فيما فشل 71 في المائة من هؤلاء المهاجرين، ولقي 0.5 في المائة منهم حتفهم.
وتفيد إحصاءات ميناء مدينة مليلية بأنّ 19 ألف طفل مغربي حاولوا اقتحام السياج المحيط بالميناء خلال السنة الماضية، فيما بدأت السلطات الإسبانية الحاكمة في مدينة مليلية المغربية في وضع شفرات حادة على السياج الحديدي المحيط بالميناء، في محاولة لصدّ تسلّل الأطفال القصر المغاربة نحو السفن المتوجّهة إلى إسبانيا.
وفي السياق، يوضح محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان لـ "العربي الجديد"، أنّ ظاهرة الهجرة النظامية باتجاه أوروبا شهدت تزايداً ملحوظاً منذ سنة 2017 من جراء الوضع الأمني غير المستقر في الأراضي الليبية.
ويشرح بن عيسى أن المهاجرين هناك يتعرضون للمعاملة القاسية والاضطهاد والنصب من طرف شبكات الاتجار في البشر، مبرزاً أن نسبة نجاح عبور المتوسط انطلاقاً من سواحل ليبيا منخفضة جداً مقارنة بالمغرب حيث يستفيد المهاجرون من أوضاع جيدة نسبياً، وإمكانية نجاحهم في معانقة "الحلم الأوروبي" تبقى كبيرة.
وأورد الناشط أن "تقرير المرصد يسعى إلى إثارة الانتباه إلى الدينامية التي يمكن أن تشهدها ظاهرة الهجرة في الزمان، وتأثير الأسباب والعوامل التي تحيط بها"، لافتاً إلى أنه بعد تجميع المعطيات الخاصة بشهر يناير/ كانون الثاني 2018 وتحليلها جرى تسجيل ارتفاع عبور المتوسط بواسطة القوارب المتهالكة في مقابل تراجع محاولات اقتحام السياجات الحدودية.
وبيّن رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان أن هناك عودة متنامية لهجرة المغاربة نحو أوروبا بعدما تراجع ذلك من جرّاء الأزمة الاقتصادية التي ضربت بلدان القارة العجوز عموماً وإسبانيا خصوصاً، فضلاً عن عدم استقرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في المغرب.