يصرّ رب الأسرة الروسي بافيل كاراولوف على وصف قرار القضاء العسكري الروسي بإدانة ابنته فارفارا كاراولوفا بالانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي بـ"الاستعراضي"، حتى بعد مرور عامين على الحكم الصادر في 31 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015، عن دائرة موسكو في المحكمة العسكرية، قائلاً لـ"العربي الجديد": "الحكم بسجن فارفارا أربعة أعوام ونصف العام يغلق باب العودة أمام آلاف المواطنين الروس الموجودين في سورية والعراق، بدلاً من العمل على عودتهم وإعادة اندماجهم".
تجارب الروس في داعش
ذاع صيت طالبة السنة الثانية بكلية الفلسفة في جامعة موسكو، فارفارا كاراولوفا، في عام 2015، بعد محاولتها التسلّل إلى سورية عبر تركيا خلسة من دون علم والديها، من أجل الالتحاق بشاب تتاري الأصل تعرّفت عليه بواسطة شبكة "فكونتاكتي" للتواصل الاجتماعي، وبعد توقيفها على الحدود التركية السورية ضمن مجموعة من الأشخاص في يونيو/ حزيران 2015، بمن فيهم سكان من الشيشان وداغستان ومن مواطني أذربيجان، وإعادتها إلى روسيا، جرى حبسها وإقامة دعوى جنائية من لجنة التحقيق الروسية بتهمة "محاولة المشاركة في جماعة "بدر" التي تعد أحد فروع "داعش"؛ المتخصصة في إعداد الانتحاريين، قبل أن يصدر حكم الدرجة الأولى بحقها، تلاه آخر أيده وصدر عن المحكمة العليا الروسية.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن ألكسندرا إيفانوفا المولودة في عام 1995، وهو الاسم الجديد لـ"فارفارا" الذي غيّرته لمنع الاهتمام المفرط من قبل الإعلام، "كانت تقيم في موسكو، وكونها من أنصار تنظيم "الدولة الإسلامية" قرّرت الإقدام على محاولة المشاركة في التنظيم المحظور، مع إدراكها أن ذلك قد يؤثر سلباً على مصالح روسيا الاتحادية"، وقالت مصادر قضائية أن فارفارا تعاني من اضطراب عقلي شبيه بانفصام الشخصية، وهو ما أدّى إلى تخفيف الحكم بحقها.
ويلخص كاراولوف " تجارب الروس مع تنظيم "داعش" الإرهابي في ثلاث مراحل عاشتها ابنته، قائلاً: "يبدأ الأمر بالتجنيد عبر الإنترنت؛ وهو المرحلة الطولى، ثم جمع المتعلقات الشخصية والسفر، وأخيراً اكتشاف حقيقة ما يجري على الأرض والخوف من العودة إلى وطنهم لعلمهم أنه سيتم سجنهم".
ويعلق والد فارفارا على سير التحقيق ونتائجه، قائلاً: "بعد عودتها، تعاونت ابنتي مع جهات التحقيق، ولكن لم تتم مراعاة ذلك، وحتى لم يتم السماح بمشاركة خبراء من خارج جهاز الأمن الفدرالي، وصدر حكم استعراضي في نهاية المطاف لإصدار إنذار لمن يفكر في مجرد الهروب إلى سورية".
اقــرأ أيضاً
ولم يستسلم كاراولوف للمصير الذي واجهته ابنته، بل طعن في الحكم أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، آملاً في استكمال الإجراءات والإفراج عنها خلال نصف عام أو عام، أو صدور عفو رئاسي عنها.
وحول ظروف سجن ابنته في إصلاحية "فولوغدا" وأحلامها بعد الإفراج عنها، يضيف: "بالطبع، السجن ليس مخيماً أو مصيفاً، ولكن فارفارا بشخصها تلاقي معاملة جيدة إلى حد كبير، ربما لإدراك العاملين بالسجن الظلم الذي تعرضت له. تسنى لها الالتحاق بجامعة "سينيرغيا" لدراسة القانون بنظام التعليم عن بعد، وهي تحلم بتوظيف معرفتها في النشاط الحقوقي للدفاع عن ضحايا التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" و"القاعدة" وغيرهما".
ويصف كاراولوف شخصية ابنته بأنها متعاطفة مع الآخرين، وسبق لها العمل بمنظمة معنية بحقوق الحيوانات، وتعلمت لغة الإشارات للتواصل مع الصم والبكم، متمنياً أن تساعدها تجربتها المريرة في نشاطها الحقوقي في المستقبل.
وتعد فارفارا كاراولوفا واحدة من بين 3417 التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية، بحسب ما وثقته دراسة أجرتها مجموعة "سوفان" الأميركية للاستشارات الأمنية وكشفت عنها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتعد روسيا من بين الدول الأولى عالمياً من حيث عدد الملتحقين بـ"داعش"، بحسب الدراسة التي رصدت أعداد الملتحقين حتى مارس/ آذار 2016، فيما يقدر الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية والباحث في شؤون الحركات الراديكالية، أنطون مارداسوف، عدد مواطني روسيا والجمهوريات السوفييتية السابقة الذين قاتلوا في صفوف "داعش" منذ عام 2012، بـ"نحو عشرة آلاف".
ويوضح مارداسوف، في إفادة خاصة لـ"العربي الجديد"، أن ما بين ألفين وثلاثة آلاف منهم من مواطني روسيا، في حين أن أغلبهم من الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة في شمال القوقاز.
ولا تقتصر دوافع انضمام الروس إلى "داعش" على تلك الأيديولوجية أو العاطفية، إذ انضم ضابط الجيش السابق دينيس خيساموف إلى التنظيم الإرهابي لعدم تحمله ضغوطاً نفسية تعرض لها من قبل محصّلي الديون، إثر عجزه عن سداد أقساط سيارته، وفق ما كشفته التحقيقات في قضيته بعد القبض عليه في طريق عودته إلى روسيا، بعد إيقاف ضباط الجوازات الأتراك له بسبب حمله أوراقاً مزورة.
لا طريق للعودة
عند بدء تدخلها العسكري المباشر في سورية في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، أعلنت روسيا أن العملية في سورية سيكون لها "طابع استباقي" قبل عودة آلاف المسلحين من مواطني روسيا ورابطة الدول المستقلة إلى الأراضي الروسية، غير أن أنطون مارداسوف يقلّل من الخطر الذي يمثّله العائدون من سورية، قائلاً: "صحيح أن هناك خطر عودتهم، ولكن هناك تضخيماً له، إذ إن أسماء أغلب الملتحقين بـ"داعش" معروفة لدى الأمن، ما يعني أنه سيتم إلقاء القبض عليهم بمجرد وصولهم إلى نقطة الحدود الروسية".
ولا يستبعد الخبير الروسي أن تكون الأجهزة الخاصة الروسية في مرحلة من المراحل قد غضّت النظر عن عشرات المتطرفين ممن هربوا إلى سورية والعراق للحد من المخاطر أثناء الألعاب الأولمبية الشتوية في عام 2014.
وتنص المادة 205 الفقرة الخامسة منها من القانون الجنائي الروسي على أن "المشاركة في منظمة إرهابية، وفقاً لقوانين روسيا الاتحادية، يعاقب عليها بالسجن لمدة بين 10 و20 عاماً".
وهو ما يغلق باب العودة أمام الراغبين في الهروب من أهوال الحرب، كما يقول كاراولوف الذي التقى أثناء وجوده في تركيا لإعادة ابنته إلى موسكو مع عدد من مواطني روسيا العائدين من سورية والعراق الذين وجدوا أنفسهم في مأزق بسبب خوفهم من الملاحقة الجنائية في وطنهم، قائلاً: "عند وصولهم إلى سورية أو العراق اكتشف هؤلاء ما هي ظروف الحرب، وبأي حال من الأحوال لا يمكن مقارنتها بالظروف الآمنة في روسيا، فرغبوا في العودة، ولكن الباب مغلق والسجن بانتظارهم. بعضهم مراهقون هربوا من بيتهم نكاية في والديهم، ولكن المراهق يجب أن يجد باب منزله مفتوحاً للعودة".
ويرى كاراولوف أنه "يجب توفير منابر لمن خاضوا مثل هذه التجارب ورأوا أهوال الحرب بأم عيونهم، وهم الأصلح لدور التوعية". وينصح أولياء الأمور بالتحدّث مع أبنائهم في المواضيع كافة بصراحة حتى لا يقعوا تحت تأثير المتطرفين، ويتابع: "على الآباء والأمهات أن يتحدّثوا مع أبنائهم في سن المراهقة في الأمور كافة، بما فيها الأمور الشخصية، لكن من دون فرض الرقابة التي ستُثير رفضهم. إذا كان الشباب يقضون أوقاتاً طويلة على شبكات التواصل الاجتماعية وأصبحوا منغلقين على أنفسهم، فهذا يدعو للقلق".
ويستشهد والد العائدة فارفارا بالتجربة الشيشانية لإعادة اندماج العائدين من صفوف "داعش" وتوظيفهم لتعريف الشباب بمخاطر الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، معتبراً أن "كل حالة تتطلّب اهتماماً وتفهماً ونهجاً هيكلياً من الدولة، ولا يمكن تدارك الأمر بالعقوبات وحدها".
عودة الأطفال والشباب الشيشانيين
منذ نهاية أغسطس/ آب الماضي، تمكّنت السلطات الشيشانية من إعادة 15 طفلاً من العراق، بعد أن قضى آباؤهم ممن تأثروا بفكر داعش والتحقوا به، ويقدّر إجمالي عدد الأطفال الروس العائدين من العراق بـ 350 طفلاً وطفلة، أغلبهم من أصول شيشانية وداغستانية، كما يوضح الناطق باسم الرئيس الشيشاني، علوي كريموف، أن أقرباء الأيتام يتولّون تربيتهم، بينما تمكن 99 في المائة من الشباب العائدين من الاندماج في الحياة اليومية من جديد.
ويقول كريموف، في تصريح لـ"العربي الجديد": "هؤلاء الأطفال إما يستقبلهم أجدادهم وجداتهم وإما أقرباء آخرون".
وتصدّرت قضية أيتام عناصر داعش الروس عناوين الإعلام الروسي بعد بث قناة "أر تي"، الموجهة إلى الخارج، تقريراً حول أبناء مواطني روسيا في دار للأيتام في العراق وما عاشوه من أهوال الحرب وفقدان آبائهم في الموصل.
لكن ماذا عن أوضاع العائدين من الشباب البالغين، يضيف كريموف، مجيباً عن السؤال: "تمكّن 99 في المائة من العائدين من الاندماج في الحياة اليومية، إذ عملنا على توفير إمكانات لهم لتلقّي التعليم والتكيّف طالما لم يتورطوا في جرائم جنائية. لكن حتى المثول أمام القضاء بعد العودة كان أفضل لهم من الموت تحت القصف"، ومن بين هؤلاء العائدين من سورية، الشاب الشيشاني، سعيد مجايف، الذي قضى نصف عام في صفوف "داعش"، وبعد عودته أصبح ضيفاً دائماً في التلفزيون الشيشاني والمدارس والجامعات والمساجد لتوعية الشباب بخطورة التنظيم، وهو ما يراه رئيس قسم البحوث في معهد "حوار الحضارات" الدولي، أليكسي مالاشينكو، أمراً إيجابياً، قائلاً: "يتم بذل جهود كبيرة عند عودة الروس من مناطق "داعش"، على مستوى العائلات والسلطة على حد سواء، وأسفرت تلك الجهود في الشيشان عن عدم تكرار محاولات هؤلاء الشباب للهروب".
تجارب الروس في داعش
ذاع صيت طالبة السنة الثانية بكلية الفلسفة في جامعة موسكو، فارفارا كاراولوفا، في عام 2015، بعد محاولتها التسلّل إلى سورية عبر تركيا خلسة من دون علم والديها، من أجل الالتحاق بشاب تتاري الأصل تعرّفت عليه بواسطة شبكة "فكونتاكتي" للتواصل الاجتماعي، وبعد توقيفها على الحدود التركية السورية ضمن مجموعة من الأشخاص في يونيو/ حزيران 2015، بمن فيهم سكان من الشيشان وداغستان ومن مواطني أذربيجان، وإعادتها إلى روسيا، جرى حبسها وإقامة دعوى جنائية من لجنة التحقيق الروسية بتهمة "محاولة المشاركة في جماعة "بدر" التي تعد أحد فروع "داعش"؛ المتخصصة في إعداد الانتحاريين، قبل أن يصدر حكم الدرجة الأولى بحقها، تلاه آخر أيده وصدر عن المحكمة العليا الروسية.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن ألكسندرا إيفانوفا المولودة في عام 1995، وهو الاسم الجديد لـ"فارفارا" الذي غيّرته لمنع الاهتمام المفرط من قبل الإعلام، "كانت تقيم في موسكو، وكونها من أنصار تنظيم "الدولة الإسلامية" قرّرت الإقدام على محاولة المشاركة في التنظيم المحظور، مع إدراكها أن ذلك قد يؤثر سلباً على مصالح روسيا الاتحادية"، وقالت مصادر قضائية أن فارفارا تعاني من اضطراب عقلي شبيه بانفصام الشخصية، وهو ما أدّى إلى تخفيف الحكم بحقها.
ويلخص كاراولوف " تجارب الروس مع تنظيم "داعش" الإرهابي في ثلاث مراحل عاشتها ابنته، قائلاً: "يبدأ الأمر بالتجنيد عبر الإنترنت؛ وهو المرحلة الطولى، ثم جمع المتعلقات الشخصية والسفر، وأخيراً اكتشاف حقيقة ما يجري على الأرض والخوف من العودة إلى وطنهم لعلمهم أنه سيتم سجنهم".
ويعلق والد فارفارا على سير التحقيق ونتائجه، قائلاً: "بعد عودتها، تعاونت ابنتي مع جهات التحقيق، ولكن لم تتم مراعاة ذلك، وحتى لم يتم السماح بمشاركة خبراء من خارج جهاز الأمن الفدرالي، وصدر حكم استعراضي في نهاية المطاف لإصدار إنذار لمن يفكر في مجرد الهروب إلى سورية".
ولم يستسلم كاراولوف للمصير الذي واجهته ابنته، بل طعن في الحكم أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، آملاً في استكمال الإجراءات والإفراج عنها خلال نصف عام أو عام، أو صدور عفو رئاسي عنها.
وحول ظروف سجن ابنته في إصلاحية "فولوغدا" وأحلامها بعد الإفراج عنها، يضيف: "بالطبع، السجن ليس مخيماً أو مصيفاً، ولكن فارفارا بشخصها تلاقي معاملة جيدة إلى حد كبير، ربما لإدراك العاملين بالسجن الظلم الذي تعرضت له. تسنى لها الالتحاق بجامعة "سينيرغيا" لدراسة القانون بنظام التعليم عن بعد، وهي تحلم بتوظيف معرفتها في النشاط الحقوقي للدفاع عن ضحايا التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" و"القاعدة" وغيرهما".
ويصف كاراولوف شخصية ابنته بأنها متعاطفة مع الآخرين، وسبق لها العمل بمنظمة معنية بحقوق الحيوانات، وتعلمت لغة الإشارات للتواصل مع الصم والبكم، متمنياً أن تساعدها تجربتها المريرة في نشاطها الحقوقي في المستقبل.
ويوضح مارداسوف، في إفادة خاصة لـ"العربي الجديد"، أن ما بين ألفين وثلاثة آلاف منهم من مواطني روسيا، في حين أن أغلبهم من الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة في شمال القوقاز.
ولا تقتصر دوافع انضمام الروس إلى "داعش" على تلك الأيديولوجية أو العاطفية، إذ انضم ضابط الجيش السابق دينيس خيساموف إلى التنظيم الإرهابي لعدم تحمله ضغوطاً نفسية تعرض لها من قبل محصّلي الديون، إثر عجزه عن سداد أقساط سيارته، وفق ما كشفته التحقيقات في قضيته بعد القبض عليه في طريق عودته إلى روسيا، بعد إيقاف ضباط الجوازات الأتراك له بسبب حمله أوراقاً مزورة.
لا طريق للعودة
عند بدء تدخلها العسكري المباشر في سورية في 30 سبتمبر/ أيلول 2015، أعلنت روسيا أن العملية في سورية سيكون لها "طابع استباقي" قبل عودة آلاف المسلحين من مواطني روسيا ورابطة الدول المستقلة إلى الأراضي الروسية، غير أن أنطون مارداسوف يقلّل من الخطر الذي يمثّله العائدون من سورية، قائلاً: "صحيح أن هناك خطر عودتهم، ولكن هناك تضخيماً له، إذ إن أسماء أغلب الملتحقين بـ"داعش" معروفة لدى الأمن، ما يعني أنه سيتم إلقاء القبض عليهم بمجرد وصولهم إلى نقطة الحدود الروسية".
ولا يستبعد الخبير الروسي أن تكون الأجهزة الخاصة الروسية في مرحلة من المراحل قد غضّت النظر عن عشرات المتطرفين ممن هربوا إلى سورية والعراق للحد من المخاطر أثناء الألعاب الأولمبية الشتوية في عام 2014.
وتنص المادة 205 الفقرة الخامسة منها من القانون الجنائي الروسي على أن "المشاركة في منظمة إرهابية، وفقاً لقوانين روسيا الاتحادية، يعاقب عليها بالسجن لمدة بين 10 و20 عاماً".
ويرى كاراولوف أنه "يجب توفير منابر لمن خاضوا مثل هذه التجارب ورأوا أهوال الحرب بأم عيونهم، وهم الأصلح لدور التوعية". وينصح أولياء الأمور بالتحدّث مع أبنائهم في المواضيع كافة بصراحة حتى لا يقعوا تحت تأثير المتطرفين، ويتابع: "على الآباء والأمهات أن يتحدّثوا مع أبنائهم في سن المراهقة في الأمور كافة، بما فيها الأمور الشخصية، لكن من دون فرض الرقابة التي ستُثير رفضهم. إذا كان الشباب يقضون أوقاتاً طويلة على شبكات التواصل الاجتماعية وأصبحوا منغلقين على أنفسهم، فهذا يدعو للقلق".
ويستشهد والد العائدة فارفارا بالتجربة الشيشانية لإعادة اندماج العائدين من صفوف "داعش" وتوظيفهم لتعريف الشباب بمخاطر الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، معتبراً أن "كل حالة تتطلّب اهتماماً وتفهماً ونهجاً هيكلياً من الدولة، ولا يمكن تدارك الأمر بالعقوبات وحدها".
عودة الأطفال والشباب الشيشانيين
منذ نهاية أغسطس/ آب الماضي، تمكّنت السلطات الشيشانية من إعادة 15 طفلاً من العراق، بعد أن قضى آباؤهم ممن تأثروا بفكر داعش والتحقوا به، ويقدّر إجمالي عدد الأطفال الروس العائدين من العراق بـ 350 طفلاً وطفلة، أغلبهم من أصول شيشانية وداغستانية، كما يوضح الناطق باسم الرئيس الشيشاني، علوي كريموف، أن أقرباء الأيتام يتولّون تربيتهم، بينما تمكن 99 في المائة من الشباب العائدين من الاندماج في الحياة اليومية من جديد.
ويقول كريموف، في تصريح لـ"العربي الجديد": "هؤلاء الأطفال إما يستقبلهم أجدادهم وجداتهم وإما أقرباء آخرون".
وتصدّرت قضية أيتام عناصر داعش الروس عناوين الإعلام الروسي بعد بث قناة "أر تي"، الموجهة إلى الخارج، تقريراً حول أبناء مواطني روسيا في دار للأيتام في العراق وما عاشوه من أهوال الحرب وفقدان آبائهم في الموصل.
لكن ماذا عن أوضاع العائدين من الشباب البالغين، يضيف كريموف، مجيباً عن السؤال: "تمكّن 99 في المائة من العائدين من الاندماج في الحياة اليومية، إذ عملنا على توفير إمكانات لهم لتلقّي التعليم والتكيّف طالما لم يتورطوا في جرائم جنائية. لكن حتى المثول أمام القضاء بعد العودة كان أفضل لهم من الموت تحت القصف"، ومن بين هؤلاء العائدين من سورية، الشاب الشيشاني، سعيد مجايف، الذي قضى نصف عام في صفوف "داعش"، وبعد عودته أصبح ضيفاً دائماً في التلفزيون الشيشاني والمدارس والجامعات والمساجد لتوعية الشباب بخطورة التنظيم، وهو ما يراه رئيس قسم البحوث في معهد "حوار الحضارات" الدولي، أليكسي مالاشينكو، أمراً إيجابياً، قائلاً: "يتم بذل جهود كبيرة عند عودة الروس من مناطق "داعش"، على مستوى العائلات والسلطة على حد سواء، وأسفرت تلك الجهود في الشيشان عن عدم تكرار محاولات هؤلاء الشباب للهروب".