أثارت تصريحات الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، أنه لا يمكن منع المقاتلين من العودة إلى تونس شرط اتخاذ الإجراءات الضرورية بشأنهم، ردود فعل متباينة، إذ رأى خبراء في المجال الأمني أن تونس لا يمكنها في الوقت الراهن استقبال المقاتلين العائدين من بؤر التوتر، محذرين من الخطر الكبير الذي يشكله هؤلاء، خصوصاً أن الدولة لم توفر المراكز والظروف الملائمة لهذه العودة. وجاءت تصريحات السبسي، على هامش مشاركته في نقاش تلفزيوني في باريس، أوضح فيه أن تونس لا يمكنها أن تضع الإرهابيين جميعاً في السجون، مضيفاً أن خطورتهم باتت من الماضي، وأن العديد منهم يرغبون في العودة، ولا يمكن منع أي تونسي من العودة إلى بلاده، فـ"هذا أمر يكفله الدستور".
فيما قال وزير الداخلية التونسية، الهادي مجدوب، لـ"العربي الجديد" على هامش المؤتمر الأربعين لقادة الشرطة والأمن العرب، إن طريقة التعامل مع المقاتلين العائدين من بؤر التوتر وككل البلدان العالمية تكون على المستوى الإداري والقانوني، موضحاً أن هناك إشكالات عدة مطروحة اليوم في طريقة التعامل مع المقاتلين العائدين، مؤكداً أن أي مقاتل يعود إلى تونس وتكون هناك أدلة وإثباتات حول انخراطه في القتال، يُحال على القضاء، وإن لم تكن هناك إثباتات فيتم اتّباع وسائل أخرى كالمراقبة والمتابعة. وأضاف مجدوب أن هذه الإجراءات فورية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمدى البعيد فإن هناك اليوم إمكانيات عديدة مطروحة كالإدماج في مراكز مختصة والتأهيل، ولكن يبقى الأهم الوقاية من الإرهاب، وهو ما يتطلب إمكانيات عديدة وتوفير الآليات الضرورية لذلك.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال الخبير في الحركات الإسلامية، مازن الشريف، لـ"العربي الجديد" إن عودة المقاتلين من سورية والعراق وليبيا محفوفة بالكثير من المخاطر، خصوصاً أنه لا توجد سجون خاصة بهم وأن اختلاطهم بسجناء آخرين لا يخلو من مخاطر. واعتبر أن أبرز المخاوف تكمن في غياب التشريعات والقوانين التي سيتم تطبيقها على المقاتلين العائدين من بؤر التوتر، معتبراً أنه توجد إشكاليات عدة في كيفية التمييز بين الإرهابيين العائدين وتحديد درجات خطورتهم، مبيناً أن السماح لهم بالعودة إلى تونس خطر على التونسيين.
وأشار شريف إلى أن هذه العودة قد تكون لها خفايا دولية وسياسية، خصوصاً أن الأوضاع في سورية والعراق بدأت تتغير وبالتالي لا توجد بلدان أخرى تستقبلهم وهم سيقصدون بلدانهم. وأفاد بأن من اعتاد على القتل وحمل السلاح لن يتغير، مؤكداً أن الملف يجب أن يُعالج برؤيا أخرى مختلفة، وليس التصريح بالسماح لهم بالعودة، وإلا فإن جهود المؤسسة الأمنية والعسكرية في محاربة الإرهاب ستضيع هباء، معتبراً أن إرهابياً واحداً مثل سيف الدين الرزقي، الذي تدرب شهرين فقط في ليبيا، تمكّن من تنفيذ هجوم سوسة الإرهابي والإيقاع بالعديد من الضحايا، وبالتالي لا يجب أن تستخف السلطات التونسية بخطر عودة المقاتلين.
ودعا الشريف المجتمع الدولي إلى مساعدة تونس في إدارة هذا الملف، وإيجاد حلول بديلة كإنشاء سجون مختصة، مرجحاً أن يصل عدد المقاتلين مع نهاية العام الحالي إلى ألفي مقاتل، مشيراً إلى أن نسبة قليلة من المقاتلين ممن تم التغرير بهم يُعبّرون عن ندمهم ويقبلون الخضوع إلى العلاج، أما نسبة كبيرة منهم فلا يمكنها التوبة بل إن أدوارها لن تنتهي بالعودة.
اقــرأ أيضاً
من جهته، قال رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، العميد مختار بن نصر، إن قانون الإرهاب وتحديداً الفصل 33 منه ينصّ على أن كل من قام بأعمال إرهابية أو يُشتبه في ارتباطه بالإرهاب، يحال على القضاء، لافتاً إلى أن الأوضاع الإقليمية واقتراب نهاية تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العديد من المناطق كالعراق وسورية وسرت، باتت تنبئ بعودة وشيكة للإرهابيين إلى تونس، محذراً من أن هذه العودة لن تكون بطرق قانونية بل تماماً كما خرجوا أي أن بعضهم سيأتي متخفياً والبعض الآخر سيأتي عبر معابر غير قانونية أي تهريباً.
ورأى بن نصر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تونس وعلى الرغم من التحذيرات الكثيرة التي أطلقها العديد من الخبراء الأمنيين، لم تستعد جيداً لهذه العودة، معتبراً أنه تجب دراسة الحالات كل واحدة لوحدها وتكثيف التنسيق مع البلدان التي تواجد فيها المقاتلون للحصول على المعلومات الكافية والتي قد تساعد في كشف الإرهابيين العائدين.
وأوضح أن وزارة الداخلية، سبق لها أن طلبت من مركز دراسات الأمن الشامل إعداد دراسة حول هذا الموضوع، موضحاً أنهم قدّموا العام الماضي مقاربة شاملة إلى الداخلية التونسية، وطالبوا بتشكيل مركز للتأهيل والإدماج. وأفاد بأن تونس لا تملك حالياً الرؤيا والخبرة الكافيتين لتقييم التجارب الدولية في هذا المجال، إذ إن لكل بلد خصوصياته في إدارة هذا الملف، معتبراً أنه يمكن الاستفادة من بعض التجارب كالدنمارك وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وعلى الرغم من أن لهذه الدول مجموعات صغيرة من المقاتلين العائدين، إلا أنهم شكّلوا مراكز مختصة يشرف عليها خبراء.
واعتبر بن نصر أنه لا يمكن لتونس أن تقول إنه ليس لديها سجون لاستيعاب العائدين، بل عليها أن تنكب على الملف بكل ثقلها وأن تجد الحلول، مشدداً على أن من تورط في سفك الدماء لا بد أن ينال جزاءه، ومن لم يتورط فيمكن النظر في طريقة لإيوائه في مراكز متخصصة. ولفت إلى أن المشروع الذي قدّمه المركز إلى وزارة الداخلية كان بمشاركة مجموعة من الخبراء المختصين وشمل 3 فئات من المقاتلين، الفئة الأولى هي العائدون من بؤر التوتر وهؤلاء يجب أن يمروا عبر أجهزة القضاء ثم يودعون بالمركز المختص، والفئة الثانية ممن قضوا عقوبة بالسجون ولا بد أن يمروا بفترة تأهيل، والفئة الثالثة هم الذين مُنعوا من السفر وهؤلاء لا بد من تأهيلهم وإعطائهم أملاً جديداً. وأشار إلى أن هذه المراكز قد تكون تحت إشراف وزارة الدفاع أو الداخلية، ولكن للأسف لم يتم الانطلاق في العمل ووضع مقاربة واضحة على المستوى الحكومي واتخاذ القرارات المناسبة.
في السياق نفسه، قال رئيس المرصد التونسي للشباب، محمد الجويلي، إن نحو 800 تونسي وتونسية عادوا من بؤر التوتر منذ العام 2011 وحتى أواخر 2015، وجميعهم مروا عبر القضاء، منهم من هو في السجن، وهناك من أخلي سبيله لكنه تحت الرقابة حالياً. وأضاف الجويلي، في لقاء إعلامي، أن قرابة 3 آلاف تونسي موجودون خارج البلاد في مناطق متوترة، منهم من هو في السجون ومنهم من قُتل، مؤكداً أن هذه الأرقام "من مصادر رسمية تونسية".
فيما قال الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، فيصل الشريف، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تحديات عدة تواجه تونس، ومنها تشتت الآراء، فكل وزارة لديها رؤية في هذا الملف، ولا توجد هيئة وطنية تجمع كافة الوزارات وتُقدّم استراتيجية واضحة ومتكاملة. وأضاف أنه في غياب مراكز وهياكل ومختصين وعلماء نفس يهتمون بعودة المقاتلين، فإن الخطر يبقى قائماً ويمكن لهؤلاء المقاتلين الذين هم عبارة عن قنابل موقوتة أن يؤثروا على أشخاص آخرين. واعتبر أن مراقبة شخص واحد تستوجب عمل 16 أمنياً، وهو ما يُعتبر إهداراً للطاقات البشرية والجهود الأمنية، موضحاً أن هذه المراقبة لم تعد مجدية كما أنها مكلفة، والمسألة لا تتعلق بالإمكانيات المادية بل بصدور قرار سياسي عاجل في هذا الشأن.
فيما قال وزير الداخلية التونسية، الهادي مجدوب، لـ"العربي الجديد" على هامش المؤتمر الأربعين لقادة الشرطة والأمن العرب، إن طريقة التعامل مع المقاتلين العائدين من بؤر التوتر وككل البلدان العالمية تكون على المستوى الإداري والقانوني، موضحاً أن هناك إشكالات عدة مطروحة اليوم في طريقة التعامل مع المقاتلين العائدين، مؤكداً أن أي مقاتل يعود إلى تونس وتكون هناك أدلة وإثباتات حول انخراطه في القتال، يُحال على القضاء، وإن لم تكن هناك إثباتات فيتم اتّباع وسائل أخرى كالمراقبة والمتابعة. وأضاف مجدوب أن هذه الإجراءات فورية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمدى البعيد فإن هناك اليوم إمكانيات عديدة مطروحة كالإدماج في مراكز مختصة والتأهيل، ولكن يبقى الأهم الوقاية من الإرهاب، وهو ما يتطلب إمكانيات عديدة وتوفير الآليات الضرورية لذلك.
وأشار شريف إلى أن هذه العودة قد تكون لها خفايا دولية وسياسية، خصوصاً أن الأوضاع في سورية والعراق بدأت تتغير وبالتالي لا توجد بلدان أخرى تستقبلهم وهم سيقصدون بلدانهم. وأفاد بأن من اعتاد على القتل وحمل السلاح لن يتغير، مؤكداً أن الملف يجب أن يُعالج برؤيا أخرى مختلفة، وليس التصريح بالسماح لهم بالعودة، وإلا فإن جهود المؤسسة الأمنية والعسكرية في محاربة الإرهاب ستضيع هباء، معتبراً أن إرهابياً واحداً مثل سيف الدين الرزقي، الذي تدرب شهرين فقط في ليبيا، تمكّن من تنفيذ هجوم سوسة الإرهابي والإيقاع بالعديد من الضحايا، وبالتالي لا يجب أن تستخف السلطات التونسية بخطر عودة المقاتلين.
ودعا الشريف المجتمع الدولي إلى مساعدة تونس في إدارة هذا الملف، وإيجاد حلول بديلة كإنشاء سجون مختصة، مرجحاً أن يصل عدد المقاتلين مع نهاية العام الحالي إلى ألفي مقاتل، مشيراً إلى أن نسبة قليلة من المقاتلين ممن تم التغرير بهم يُعبّرون عن ندمهم ويقبلون الخضوع إلى العلاج، أما نسبة كبيرة منهم فلا يمكنها التوبة بل إن أدوارها لن تنتهي بالعودة.
من جهته، قال رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، العميد مختار بن نصر، إن قانون الإرهاب وتحديداً الفصل 33 منه ينصّ على أن كل من قام بأعمال إرهابية أو يُشتبه في ارتباطه بالإرهاب، يحال على القضاء، لافتاً إلى أن الأوضاع الإقليمية واقتراب نهاية تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العديد من المناطق كالعراق وسورية وسرت، باتت تنبئ بعودة وشيكة للإرهابيين إلى تونس، محذراً من أن هذه العودة لن تكون بطرق قانونية بل تماماً كما خرجوا أي أن بعضهم سيأتي متخفياً والبعض الآخر سيأتي عبر معابر غير قانونية أي تهريباً.
ورأى بن نصر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تونس وعلى الرغم من التحذيرات الكثيرة التي أطلقها العديد من الخبراء الأمنيين، لم تستعد جيداً لهذه العودة، معتبراً أنه تجب دراسة الحالات كل واحدة لوحدها وتكثيف التنسيق مع البلدان التي تواجد فيها المقاتلون للحصول على المعلومات الكافية والتي قد تساعد في كشف الإرهابيين العائدين.
وأوضح أن وزارة الداخلية، سبق لها أن طلبت من مركز دراسات الأمن الشامل إعداد دراسة حول هذا الموضوع، موضحاً أنهم قدّموا العام الماضي مقاربة شاملة إلى الداخلية التونسية، وطالبوا بتشكيل مركز للتأهيل والإدماج. وأفاد بأن تونس لا تملك حالياً الرؤيا والخبرة الكافيتين لتقييم التجارب الدولية في هذا المجال، إذ إن لكل بلد خصوصياته في إدارة هذا الملف، معتبراً أنه يمكن الاستفادة من بعض التجارب كالدنمارك وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وعلى الرغم من أن لهذه الدول مجموعات صغيرة من المقاتلين العائدين، إلا أنهم شكّلوا مراكز مختصة يشرف عليها خبراء.
واعتبر بن نصر أنه لا يمكن لتونس أن تقول إنه ليس لديها سجون لاستيعاب العائدين، بل عليها أن تنكب على الملف بكل ثقلها وأن تجد الحلول، مشدداً على أن من تورط في سفك الدماء لا بد أن ينال جزاءه، ومن لم يتورط فيمكن النظر في طريقة لإيوائه في مراكز متخصصة. ولفت إلى أن المشروع الذي قدّمه المركز إلى وزارة الداخلية كان بمشاركة مجموعة من الخبراء المختصين وشمل 3 فئات من المقاتلين، الفئة الأولى هي العائدون من بؤر التوتر وهؤلاء يجب أن يمروا عبر أجهزة القضاء ثم يودعون بالمركز المختص، والفئة الثانية ممن قضوا عقوبة بالسجون ولا بد أن يمروا بفترة تأهيل، والفئة الثالثة هم الذين مُنعوا من السفر وهؤلاء لا بد من تأهيلهم وإعطائهم أملاً جديداً. وأشار إلى أن هذه المراكز قد تكون تحت إشراف وزارة الدفاع أو الداخلية، ولكن للأسف لم يتم الانطلاق في العمل ووضع مقاربة واضحة على المستوى الحكومي واتخاذ القرارات المناسبة.
فيما قال الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، فيصل الشريف، لـ"العربي الجديد"، إن هناك تحديات عدة تواجه تونس، ومنها تشتت الآراء، فكل وزارة لديها رؤية في هذا الملف، ولا توجد هيئة وطنية تجمع كافة الوزارات وتُقدّم استراتيجية واضحة ومتكاملة. وأضاف أنه في غياب مراكز وهياكل ومختصين وعلماء نفس يهتمون بعودة المقاتلين، فإن الخطر يبقى قائماً ويمكن لهؤلاء المقاتلين الذين هم عبارة عن قنابل موقوتة أن يؤثروا على أشخاص آخرين. واعتبر أن مراقبة شخص واحد تستوجب عمل 16 أمنياً، وهو ما يُعتبر إهداراً للطاقات البشرية والجهود الأمنية، موضحاً أن هذه المراقبة لم تعد مجدية كما أنها مكلفة، والمسألة لا تتعلق بالإمكانيات المادية بل بصدور قرار سياسي عاجل في هذا الشأن.