قبل أيام قليلة من انطلاق الانتخابات التشريعية في تونس، عادت مسألة رفع سن التقاعد لتخلق أزمة جديدة بين الاتحاد العام التونسي للشغل الرافض للقرار، والحكومة التي ترى فيه حلاً للتصدي لعجز الصناديق الاجتماعية.
وقال الوزير المكلف بالاقتصاد والناطق الرسمي باسم الحكومة نضال الورفلي إن "تونس تتجه إلى رفع سن التقاعد ليصل إلى 62 عاماً، بدءاً من عام 2015، بهدف خفض العجز الكبير الذي تعاني منه الصناديق الاجتماعية"، مشيراً إلى أنها "من الدول القليلة التي ما زال سن التقاعد فيها 60 عاماً".
في المقابل، بيّن الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، المسؤول عن التغطية الاجتماعية والسلامة المهنية، عبد الكريم جراد، لـ"العربي الجديد"، أن "قرار رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاماً لا يجب أن يكون أحادياً". وأشار إلى أن "الاتحاد العام التونسي للشغل جدد رفضه لهذا المقترح في آخر جلسة جمعت الاتحاد وأطرافا حكومية"، مؤكداً أنه "قرار لا يمكن مناقشته إلا في إطار نظرة شاملة لمختلف مكونات منظومة الحماية الاجتماعية".
أمر انعكس على الشارع
وأشار الطالب مكرم بن أحمد إلى أن "رفع سن التقاعد سيفاقم أزمة البطالة في صفوف الشباب، خصوصاً خريجي التعليم العالي، الأمر الذي يتطلب دراسة شاملة في كيفية إصلاح منظومة التغطية الاجتماعية، والحدّ من العجز المالي لصناديق التغطية الاجتماعية، مع البحث عن مقاربة شاملة للحدّ من أزمة البطالة، من خلال فتح حوار شامل تتشارك فيه جميع الأطراف، حتى مكونات المجتمع المدني".
من جهته، أعرب الموظف صالح راشدي (50 عاماً) عن رفضه رفع سن التقاعد، مشيرا إلى أن الموظف بعد عمر الستين لن يكون قادراً على العمل بسبب التقدم في السن، مما سيؤثر على مردود العمال والموظفين على حدّ السواء.
وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، أكد أن "رفع سن التقاعد لن يحلّ مشاكل الصناديق الاجتماعية. ويكمن الحل في التعمق بواقع هذه الصناديق، ومناقشة الحلول العاجلة التي يمكن أن تقيها الانهيار على الأقل خلال السنوات العشر المقبلة". وشدّد على ضرورة البحث عن موارد جديدة تعيد التوازن للصناديق الاجتماعية التي تعاني من وضع متأزم منذ سنوات.
في المقابل، أكد وزير الشؤون الاجتماعية أحمد عمار الينباعي أن "من بين الحلول العاجلة للخروج من أزمة الصناديق الاجتماعية، رفع سن التقاعد، واستخلاص ديون الدولة لفائدة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، والتي بلغت 273 مليون دينار". وأضاف أن "عجز الصناديق الاجتماعية الثلاثة سيكون في حدود 400 مليون دينار عام 2014، بعدما بلغ 280 مليون دينار عام 2013. ومن المتوقع أن يصل إلى حدود 700 مليون دينار عام 2015 إذا لم يتم اتخاذ بعض الإجراءات العاجلة".
وأشار الينباعي إلى "وجود 3 مقترحات للبحث: يتمثل الأول في رفع سن التقاعد إلى 62 عاماً، على غرار المغرب. فيما ينص الثاني على أن يكون التقاعد إجبارياً بعمر 62 عاماً، واختيارياً بين 63 و65 عاماً. أما الثالث، فيتمثل في أن يكون سن التقاعد اختيارياً بعمر 65 عاماً.