27 سبتمبر 2018
عودة الاحتجاج ضد الفقر
ليس ما جرى في الأردن من حراك مجتمعي استثناءً، على الرغم مما أحدثه من إعادة إنهاض روح التفاؤل التي أوجدتها الثورات في البلدان العربية قبل أكثر من سبع سنوات. فقد حدثت خلال الأشهر الأخيرة حركات احتجاج وإضرابات ومظاهرات في بلدان عديدة. في المغرب، حيث لا يزال الحراك مستمراً. في السودان وأثيوبيا. في إيران حدثت انتفاضة كبيرة، ومن ثم عادت الإضرابات. كما نشهد في الأرجنتين حركة احتجاجٍ كبيرة، وإضرابات في البرازيل، وضغطاً شعبياً في أرمينيا فرض إسقاط الحكومة. وكذلك نشهد احتجاجات وإضرابات في إسبانيا وفرنسا. وسيظهر أن ذلك كله مقدمة لاحتجاجات كبيرة، وربما ثوراتٍ يمكن أن تحدث في بلدان كثيرة. والسبب الجوهري هو، من جهةٍ، أن الرأسمالية الحاكمة في البلدان التي شهدت مرحلة "دولة الرفاه"، والتي قامت على دعم الطبقة الوسطى، وتحسين وضع العمال، وتقديم الخدمات العامة والضمان الاجتماعي والصحي وغيرها، باتت تميل إلى تقليص كل "الامتيازات" التي قدّمتها، بالضبط لأنها باتت بحاجةٍ إلى مراكمة الربح، ولم تعد تكتفي بنهب الأطراف. ومن جهة أخرى، أصبحت الطغم المالية التي باتت تتحكم بالاقتصاد العالمي بحاجةٍ إلى ربح أعلى، بعدما بات النشاط المالي المحور الرئيس للاقتصاد العالمي، وهو النشاط الذي نقل مستوى الربح من شكله "الطبيعي" الذي يقوم على السيطرة على فائض القيمة، والذي يعني نسبةً معينةً من الربح، إلى مستوى مضاعف أضعاف ذلك. وبهذا بات التراكم المالي سريعاً ومضخماً، يصل إلى نسبة 50 أو 100% وربما أكثر.
يقوم هذا الأمرالذي يعني أنه يجب تشديد الاستحواذ على الثروة عبر النشاط المالي على المديونية والمضاربات المالية والاستثمار قصير الأجل، كما على تقليص الأجور، وسحب كل الحقوق على تحصلت عليها الطبقات العاملة والشعوب، ومركَزَة المال بيد طغمةٍ ماليةٍ تحتكر السيطرة على البنوك والمؤسسات المالية. ولهذا، توضّح الأرقام مدى تمركز الثروة بيد أقليةٍ ضئيلة، وتوسّع الفقر والبطالة والتهميش في معظم العالم. وبالتالي، وصل الوضع إلى مرحلةٍ من عدم الاستقرار نتيجة هذه الحالة من الفقر والبطالة، في مقابل تمركز الثروة. والأسوأ أن الطغم المالية (التي بات نشاطها الأساسي في المضاربات والمديونية والاستثمار قصير الأجل) تندفع أكثر في النهب من أجل زيادة التراكم، وهي تتطاحن فيما بينها، حيث أنها باتت معنيةً بهذا التراكم السريع والمستمر والمتضخم. ويريد كل منها أن يستحوذ أكثر على المال في مواجهة الآخرين. وقد فرضت على العالم، تحت مسمى العولمة، فتح الأسواق كلياً، وتعميم أسواق الأسهم عالمياً، وتكوين نخبٍ في الأطراف، مافياوية الطابع، لكي تجعل الدولة في خدمة الرأسمال المنفلت، هذا الذي ينشط في هذه القطاعات. وعاد صندوق النقد الدولي لينشط، بعد ركود سببته الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا سنة 1997، وليكمل مسيرة الخصخصة، والتداين، وليفرض على الدول أن تستدين، ووفق الشروط التي تخدم الطغم المالية، أولاً، ومن ثم المافيا المحلية. بالتالي، أصبح على الدولة في الأطراف أن تنهب الشعوب من أجل تسديد الديون، ومراكمة المال، وأن ترفع الأسعار بشكلٍ يتناقض جذرياً مع الأجور.
ولأن التراكم بات سريعاً، ومتضخماً، بات الإفقار المتزايد والسريع سمةً تحكم أغلبية الشعوب. وآلية تقسم العالم إلى أقلية ضئيلة (ربما 1%) تملك معظم ثروة العالم، وأغلبية ساحقة لا تملك شيئاً. لهذا نحن نسير نحو عالمٍ متفجّر، تنزع شعوبه إلى الثورة، وإلى صراع طبقي سيطاول معظم دول العالم. كانت الثورات في البلدان العربية "قمة جبل الجليد"، وقد حوصرت من كل الطغم المالية والمافيات الدولية والرأسماليات المحلية، وانشغلت على سحقها كما ظهر في سورية. لكن جبل الجليد سيظهر في المرحلة المقبلة ولن يكون ممكناً حصار الثورة أو سحقها، فالشعوب لم تعد تستطيع العيش، والنهب الرأسمالي لا يتوقف، ولا تستطيع الرأسمالية توقيفه، لأنها بذلك ستنهار.
نحن في عصر الثورة.
يقوم هذا الأمرالذي يعني أنه يجب تشديد الاستحواذ على الثروة عبر النشاط المالي على المديونية والمضاربات المالية والاستثمار قصير الأجل، كما على تقليص الأجور، وسحب كل الحقوق على تحصلت عليها الطبقات العاملة والشعوب، ومركَزَة المال بيد طغمةٍ ماليةٍ تحتكر السيطرة على البنوك والمؤسسات المالية. ولهذا، توضّح الأرقام مدى تمركز الثروة بيد أقليةٍ ضئيلة، وتوسّع الفقر والبطالة والتهميش في معظم العالم. وبالتالي، وصل الوضع إلى مرحلةٍ من عدم الاستقرار نتيجة هذه الحالة من الفقر والبطالة، في مقابل تمركز الثروة. والأسوأ أن الطغم المالية (التي بات نشاطها الأساسي في المضاربات والمديونية والاستثمار قصير الأجل) تندفع أكثر في النهب من أجل زيادة التراكم، وهي تتطاحن فيما بينها، حيث أنها باتت معنيةً بهذا التراكم السريع والمستمر والمتضخم. ويريد كل منها أن يستحوذ أكثر على المال في مواجهة الآخرين. وقد فرضت على العالم، تحت مسمى العولمة، فتح الأسواق كلياً، وتعميم أسواق الأسهم عالمياً، وتكوين نخبٍ في الأطراف، مافياوية الطابع، لكي تجعل الدولة في خدمة الرأسمال المنفلت، هذا الذي ينشط في هذه القطاعات. وعاد صندوق النقد الدولي لينشط، بعد ركود سببته الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا سنة 1997، وليكمل مسيرة الخصخصة، والتداين، وليفرض على الدول أن تستدين، ووفق الشروط التي تخدم الطغم المالية، أولاً، ومن ثم المافيا المحلية. بالتالي، أصبح على الدولة في الأطراف أن تنهب الشعوب من أجل تسديد الديون، ومراكمة المال، وأن ترفع الأسعار بشكلٍ يتناقض جذرياً مع الأجور.
ولأن التراكم بات سريعاً، ومتضخماً، بات الإفقار المتزايد والسريع سمةً تحكم أغلبية الشعوب. وآلية تقسم العالم إلى أقلية ضئيلة (ربما 1%) تملك معظم ثروة العالم، وأغلبية ساحقة لا تملك شيئاً. لهذا نحن نسير نحو عالمٍ متفجّر، تنزع شعوبه إلى الثورة، وإلى صراع طبقي سيطاول معظم دول العالم. كانت الثورات في البلدان العربية "قمة جبل الجليد"، وقد حوصرت من كل الطغم المالية والمافيات الدولية والرأسماليات المحلية، وانشغلت على سحقها كما ظهر في سورية. لكن جبل الجليد سيظهر في المرحلة المقبلة ولن يكون ممكناً حصار الثورة أو سحقها، فالشعوب لم تعد تستطيع العيش، والنهب الرأسمالي لا يتوقف، ولا تستطيع الرأسمالية توقيفه، لأنها بذلك ستنهار.
نحن في عصر الثورة.