عودة إعلامية لـ"القذافية" في ليبيا: إسكات الأصوات المعارضة

23 اغسطس 2014
ازدواجية حكومية في التعامل مع وسائل الإعلام(أرشيف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
سيطرت السلطة على مقاليد ومفاتيح الإعلام في ليبيا، خلال حكم العقيد معمر القذافي، وجعلته رسمياً كاملاً، لا مجال فيه للإعلام الخاص أو لحرية نقل المعلومة لعموم الشعب. عاد هذا الواقع من جديد، بحسب ما يقول إعلاميون ليبيون، بعد طلب رئيس حكومة تسيير الأعمال، عبد الله الثني من شركة "النايل سات" إيقاف بث قناتي "الرسمية" و"الوطنية".

واتُهمت القناتان، بالتحريض على الاقتتال الداخلي، وتفتيت الوحدة الوطنية، في حين، أن قنوات تعلن عداءها الواضح لثورة السابع عشر من فبراير، مثل قناتي "الخضراء" و"الدردنيل". ويجد متابعون أن قرار المنع يحمل شبهة سياسية، بسبب عدم وجود معايير موضوعية تجعل حكومة الثني، ووزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، والمجتمع المدني، ووزير الخارجية المقيم بالقاهرة، منذ أكثر من ستة شهور، يغلقون قنوات مؤيدة للثورة، ويغضون الطرف عن أخرى معادية لها.

وإذا كان انحسار الحرية الإعلامية ومحاصرتها في ظل أنظمة ديكتاتورية عسكرية تخشى حرية التعبير، يبدو مفهوماً لدى البعض، فإن سلوك القمع الإعلامي غير مفهوم لدى حكومة أحوج ما تكون إلى الشفافية، والحرية الإعلامية، وعرض الحقيقة على شعبها، وخصوصاً أنها تتسم بالضعف، وسط احتلال الميليشيات مقارها وسيطرتها على قرارها.

وعبّر المركز الليبي لحرية الصحافة، عن قلقه البالغ من تعرض حرية الإعلام في ليبيا، للتراجع الشديد، بعد رصده العديد من الانتهاكات ضد حرية الصحافة والإعلاميين. وسارع رئيس المركز، محمد الناجم، إلى اتهام الحكومة بالانحياز لتوجهات سياسية بعينها واتباعها سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع وسائل الإعلام.

تبدو ازدواجية الحكومة الليبية، في تعاملها مع وسائل الإعلام، واضحة جداً، إذ لم تقم بأية إجراءات ضد قناة "الدولية" الراعي الإعلامي لمليشيات "القعقاع" و"الصواعق" و"المدني"، في حربها داخل طرابلس ضد قوات "فجر ليبيا". كما أن قناتي "العاصمة "المملوكة لرجل الأعمال، جمعة الأسطى، أحد أبرز قيادات حزب تحالف القوى الوطنية، وقناة "ليبيا أولاً"، التي يديرها رجل الأعمال، حسونة طاطانكي، والمؤيدة للواء المتقاعد خليفة حفتر، لم تتعرضا لأي عقوبات.


وأبدى عضو المؤتمر الوطني العام السابق، منصور الحصادي، استغرابه عدم اتخاذ حكومة تسيير الأعمال أي إجراءات ضد قناة "الدولية"، خصوصاً بعد ظهور أحد قادة مليشيات "القعقاع" على شاشتها، مهدداً المؤتمر الوطني العام بضرورة تسليم السلطة خلال خمس ساعات قبل انتخابات مجلس النواب الحالي، كما اعتبر اعضاء المؤتمر الوطني هدفاً مشروعاً للقبض عليهم والقتل.

وأشار الحصادي، إلى أن "قنوات العاصمة والدولية وليبيا أولاً، ظهر على برامجها قادة عسكريون ومدنيون وسياسيون، دعوا صراحة إلى الاقتتال الداخلي وتصفية تيار سياسي بعينه والانقلاب على شرعية المؤتمر الوطني العام، ولم تتخذ وزارة الإعلام الليبية حينها أية إجراءات ضدها ولم تطالب بإيقاف بثها".

من جهتهم، يقول مراقبون سياسيون إن "الحكومة الحالية وبعض أعضاء مجلس النواب الحالي، يصطفّون سياسياً مع حزب تحالف القوى الوطنية في ليبيا والتيار المدني، ضد تيار الإسلام السياسي في محاولة لتصفية وجوده سياسياً واجتماعياً عبر تبني وسائل إعلامية تمارس دعاية سوداء، كتلك التي كانت تمارسها وسائل إعلام النظام السابق".

وتتعمق أزمة الشرعية لدى الحكومة، ومجلس النواب المنعقد بطبرق، إثر تحولهما إلى غطاء سياسي، لمليشيات "الصواعق" و"القعقاع" و"المدني"، أكثر منهما مؤسستي تشريع وتنفيذ وطنيتين لجميع أطياف ومكونات الشعب الليبي السياسية والاجتماعية، بحسب ما يؤكد المراقبون.

وتبدو تصريحات بعض أعضاء مجلس النواب الليبي، المنعقد بمدينة طبرق، دليلاً واضحاً على مواصلة سياسة الاصطفاف الإعلامي، إذ أكد بعضهم أن قناتي "الرسمية" و"الوطنية"، مختطفتان من قبل التيار السياسي المؤيد لعملية "فجر ليبيا"، وأعلنوا تأييدهم إيقاف بثهما بطلب حكومي.

واقع يدفع نحو المزيد من الانشقاقات السياسية والمجتمعية وتأزيم المشهد السياسي والأمني في ليبيا، إضافة إلى فرز المجتمع، بين موالين ومعارضين، في سيناريو مشابه، لما حصل في مصر بعد عزل الرئيس محمد مرسي.

وفي هذا السياق، تطرح استجابة الحكومة المصرية السريعة، لطلب إغلاق القناتين، تساؤلات حول كواليس الدور المصري الداعم للواء المتقاعد، خليفة حفتر، وخصوصاً أن جنرال ليبيا لم يخف إعجابه في أكثر من مناسبة، بجنرال مصر، الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويرى البعض أن سرعة استجابة الحكومة المصرية لطلب إغلاق القناتين، تعبير واضح عن السياسة الخارجية المصرية، تحديداً إزاء الملف الليبي.
المساهمون