شهدت الاعتداءات الإرهابية التي يشنّها تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تطورات نوعية في الفترة الأخيرة، بحيث باتت هجماته تستهدف مقرات عسكرية وأمنية وكمائن للجيش بشكل موسّع ومتزامن، وتكبّد الجيش خسائر بشرية ومادية ومن ضمنها ذخائر، فيما كانت في السابق تعتمد على السيارات المفخخة أو الاغتيالات.
اقرأ أيضاً "فاينانشال تايمز": قانون الإرهاب بمصر يمنح الشرطة سلطات أكبر
وبحسب مصادر مطلعة ومراقبين، فإن السبب الأساسي لهذا التطور يعود إلى الدعم المقدّم من التنظيم الأم، بما يسمى بـ"قادة ميدانيين". وغالبية هؤلاء القادة الميدانيين من الجنسية المصرية، وسبق أن شاركوا في القتال في العراق وسورية.
ولا يستطيع تنظيم "ولاية سيناء" تحريك عدد كبير من المقاتلين لتنفيذ عمليات متزامنة ثم الانسحاب والهجوم مرة أخرى ومحاصرة قسم شرطة ومشاركة مجموعات إسناد لمنع وصول إمدادات إلى قوات الجيش، إلا من خلال وجود قادة ميدانيين يتولّون مسألة التنسيق وتحركات المقاتلين.
وافتقدت جماعة "أنصار بيت المقدس"، قبل مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" وتعديل الاسم إلى "ولاية سيناء"، إلى القادة الميدانيين، أو الكوادر العسكرية، بحسب تسميات في أوساط التنظيمات المتطرفة.
وتقول مصادر مصرية، إن أهم ما كان يفتقده "ولاية سيناء" هو قيادات عسكرية ميدانية لتولّي مهمة المقاتلين. وتضيف المصادر، والتي طلبت عدم نشر اسمها، لـ"العربي الجديد"، إن "سيناء كانت فيها كوادر شابة مقاتلة تتمكن من مواجهة الجيش والشرطة، ولكن ليس تحقيق نصر عليهم".
وتشير إلى أنه "عقب وصول قادة ميدانيين إلى سيناء، ورفع مستوى التدريب على العمليات، أسهم هذا في تطور قدرات التنظيم في سيناء". وتشدد المصادر على أن "التنظيم بات يستقبل عدداً كبيراً من المقاتلين سواء من ليس لديهم خبرات سابقة، أو بعضهم شارك في القتال بسورية والعراق، ومن بينهم صانعو المفخخات".
وفي إصدار للتنظيم حمل عنوان "صولة الأنصار 2"، قال صانع مفخخات في رسالة إلى الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي "جئناك من الشام بالمفخخات"، ما يشير إلى وجود قدرة للتنظيم على تصنيع أطنان من المتفجرات، وهو ما ظهر من استخدام 10 أطنان متفجرات في اعتداءات شنّها في أوقات سابقة.
اقرأ أيضاً: ولاية سيناء يفجر آليتين عسكريتين رداً على زيارة السيسي
وتشير الدلائل المتاحة، إلى أنه عقب مبايعة "ولاية سيناء" لـ"داعش"، عادت "الطيور المهاجرة" من مصر في أوقات سابقة خلال الأعوام القليلة الماضية، إلى سيناء للمشاركة في صفوف التنظيم.
وتكمن خطورة "الطيور المهاجرة"، في أن لديها تدريباً عالياً في مناطق الصراع، وبالتالي تصنع الفارق بشكل كبير في العمليات ضد الجيش. وهذا الأمر يطرح تساؤلاً حول كيفية دخول العناصر المقبلة من العراق وسورية إلى مصر بهذه البساطة والسهولة.
ويؤكد الجيش عبر المتحدث العسكري الرسمي، أن القوات تفرض حظراً مشدداً على كل من يدخل ويخرج من سيناء، عبر السيطرة على المنافذ، لكن يبدو أن عملية انتقال المقاتلين إلى الداخل تتم عبر طرق للدخول والخروج لعناصر التنظيم لا يعرفها الجيش.
وينعكس هذا الخلل الأمني في عدم التنبه إلى دخول عناصر عائدة من مناطق القتال في العراق وسورية، وهو ما يؤكده الخبير الأمني حسن حمودة.
ويقول حمودة، لـ"العربي الجديد" إن "الأجهزة الأمنية ليست مستعدة لمواجهة هذا النوع من الإرهاب الجديد، العابر للقارات".
ويضيف أن "الأجهزة الأمنية تتعامل بمنطق الثمانينيات والتسعينيات، وبالتالي تفشل في مواجهة هذه التنظيمات". ويشدّد على وجود خلل أمني لعدم معرفة الشباب الذي سافر إلى الخارج للانضمام إلى تنظيمات متطرفة، وعدم تسجيل تلك الأسماء، ووضعها على قوائم ترقّب الوصول.
ويلفت الخبير الأمني إلى أن انضمام عناصر من الخارج ولديها خبرات سابقة في العمليات العسكرية، يعد أزمة كبيرة لتقديم دعم قوي للعمليات الإرهابية، ولكن في الوقت نفسه، قلل من زيادة عدد القادمين من الخارج، متوقعاً ألا يتجاوز عدد العائدين اثنين.