عن صوت الشعب ورضا السيسي وفضيلة الستر وسفاسف أخرى

14 فبراير 2019
+ الخط -
ـ ليس هناك ما هو أسوأ من أن يحكمك جنرالات لم يدخلوا حرباً في حياتهم، إلا خوفك من أن يدخلوا حرباً في حياتك.

ـ لا يؤمن المواطن "الشريف" بفضيلة الستر، إلا إذا ارتبطت بفضائحه الشخصية، أو بفضائح من يمتلك القدرة على إيذائه.

ـ لا يمكن أن تجد دليلاً على مدى خطورة الضلالات التي تملأ دماغ عبد الفتاح السيسي، أقوى من أنه أصر على اختيار الممثل أحمد السقا ليقوم بأداء دوره في فيلم دعائي أنفقت الدولة عليه ملايين الجنيهات ثم قررت إعدامه لأنه لم يعجب السيسي، طيب، بذمتك كيف تثق في رجاحة عقل من يتناسى أن أقرب الممثلين المصريين شبهاً به على مستوى الشكل لا الروح، هو الممثل رضا إدريس؟

ـ فيما عدا فترات قليلة في التاريخ تعلو فيها هتافات المطالب والأحلام، يظل صوت الشعب مقتصراً على الشخير والشخر.

ـ إذا رأيت الرجل يتحدث بجدية عن الروح الرياضية، فاعرف على الفور أنه لم يكن ممن يأخذون الرياضة بجدية.

ـ ستدرك أنه ليس للإلحاد مستقبل حقيقي في بلادنا، حين تتذكر عدد الإجازات والعطل الرسمية التي تكفلها لشعبنا الأديان.

ـ وراء كل طاغية ضعيف القدرات اللغوية، امرأة مخلصة يضحكها من القلب ارتجاله المخجل في الخطب.

ـ سيحدثك المواطن الصالح المتدين بالفطرة عن رفضه للأسماء المستحدثة التي دخلت حياتنا في غفلة من الزمن، وسيلقي عليك خطبة عصماء عن عظمة أسماء الأنبياء وأهمية أن نطلقها على أبنائنا لكي تمنحهم الخير والبركة، لكن ابقى قابلني لو وافق أن يسمي ابنه: لوط.

ـ حتى نجد وسيلة علمية لإثبات العكس، يمكن أن نقول إنه لا أحد لديه القدرة على مقاومة مصيره المحتوم مثل الإنسان، لن تجد ورقة شجر تخاف بشكل مرضي من السقوط، ولا قطرة ماء تقاوم بكل ما استطاعت التبخر، وحده الإنسان يقاوم بكل ما أوتي من قوة العبور نحو الموت.

ـ كلما راودك الاعتقاد في أنك حين تكبر ستصبح أكثر حكمة وتعقلاً، استرجع شريط ذكرياتك مع جدك وجدتك، وسيختفي ذلك الاعتقاد فوراً.

ـ على عكس المرض، ليس لكلمة الفقر جمع، لأن مفرده يغني ويفيض.

ـ كلنا نعرف مصير الدعاء المستجاب، وندرك أثره في حياتنا، لكن لماذا لم يفكر أحد فينا في موضوع شديد الأهمية: أين تذهب الدعوات التي لا تستجاب، هل يتم تخزينها في مكان ما، لتتم إعادة النظر فيها في وقت ما؟ هل يتم إتلافها أولاً بأول؟ هل هناك ملك موكل بإتلافها؟ أم أنها مصممة لكي تتلف نفسها ذاتياً مثل الرسائل المسجلة؟ وهل حدث أن فكّر أحد الملائكة في دراسة الملابسات والظروف التي تجعل أدعية بعينها تلقى مصير عدم الاستجابة، لعلنا نقرأ يوماً ما دراسته تلك فنجتهد في تقليل عدد الأدعية التي لا تستجاب إلى أدنى حد ممكن؟

ـ كلما تقدم الإنسان في العمر يزداد ارتياح ضميره، لسبب بسيط هو أن ذاكرته تزدد ضعفاً.

ـ تخطئ كثيراً لو صدقت حكاية أن صيد السمك يعلم الصبر، كل ما هنالك أن الصبورين يكتشفون قدرتهم على الصبر حين يبدأون صيد السمك.

ـ عبارة من فرط صراحتها لن تقرأها على ظهر ميكروباص أو توكتوك: ارتقوا فالقاع اتبضن.

ـ ليس عندي رغبة في أن أعيش دور أبي الطيب المتنبي حين قال "أنام ملء جفوني عن شواردها.. ويسهر الخلق جراها ويختصم"، ليس لأن عمنا المتنبي كان "بُقّا" على الفاضي، وكان يتأثر بكل كلمة تقال في حقه بصورة مرضية، بل لأن الكذب خيبة، فأنا مبتلى بطول السهاد صيفا وشتاءا، لأن من يرتبط بكتابة تستلزم موعدا ثابتاً للتسليم، يدرك أن انشغالك بغير الطريق يفضي بك إلى التهلكة، وبما أن انشغالك في الطريق أيضا يفضي بك إلى التهلكة، لذلك واصل السير في ما تظن أنه الطريق الأفضل، وإن سألك أحد هل أنت متأكد أن هذا هو طريق الحق، فقل له أنك لا تعتقد بوجود طريق وحيد للحق، لكنك اخترت هذا الطريق بالذات، لقلة سالكيه.

ـ انتشر وباء السِمنة في العالم، لأن الذي ابتكر عبارة "ما فيش حد بياكل أكتر من بطنه" والتي تسببت في غواية الملايين، نسي أن البطن ليس لها سعة موحدة.

ـ أكثر ما يخيفك حين تصادف الآراء الهوجاء شديدة التطرف التي يطلقها المقربون منك، هو إدراكك أنك مضطر لأن تعيش مع أصحابها حتى آخر لحظة في حياتك أو حياتهم.

ـ ما شاء الله، أخيراً تم ملء الفجوة الحضارية التي كانت تفصلهم عن زملائهم الغربيين، وأصبح حضور ممثلينا ومطربينا رائعاً في السوشيال ميديا، عقبال المسلسلات والأفلام والأغاني.

ـ يوماً ما ستنخفض نسب الطلاق والانفصال إلى حد مدهش، حين يصبح من حقك أن تدخل على "هارد ديسك" شريكك المحتمل، لتتصفح تاريخه العاطفي قبل أن تأخذ قرار الارتباط به.

ـ الكل يتأثر من فرط الشجن، حين يسمع علي الحجار ينادي في الأغنية الشهيرة على مصر: "قومي افتحي لولادك الطيبين"، ولا أحد يسأل ما الذي يجعل الأولاد الطيبين يتركون بلدهم، إذا كانت بالفعل "حلوة الحلوات"، وإذا كانت مصر تنتظر عودتهم بفارغ الصبر، فما الذي يجعلها لا تترك الباب مفتوحاً قبل أن تروح في النوم، لكي لا يضطروا إلى إيقاظها بتكرار النداء: "قوومي قوومي قوومي افتحي لولادك الطيبين".

ـ أصبح دراكيولا يعرف الآن أن مشكلة الناس معه تنحصر في الشرب العلني للدم، وهي عادة لو توقف عنها واكتفى بقتل القتيل دون مص دمه في العلن، لأصبح له مستقبل مشرق في الشرطة والجيش.

ـ الغريب أن الذين يعكرون مزاج أبنائهم بعبارة "الإيد البطالة النجسة"، ليس لديهم مانع في تقبيل الأيدي التي تجعل أيدي أبنائهم بطّالة.

ـ عزيزي الناصح: حكاية أن كل شيء مهما كان سيمر ويمضي ويعدّي وينقضي، يمكن أن تصلح للتعامل مع فسية، وليس مع دَين بآلاف الجنيهات.

ـ لا شيء يمكن أن يجعلك تتخلى عن حقك في المعرفة مثل التوابل، فبإضافة القدر المطلوب منها ببراعة، لا يصر أغلبنا على معرفة مصدر ما يأكله من لحوم، ولا معرفة ما الذي جرى بالضبط أثناء طبخه.

ـ يقضي الإنسان نصف عمره في السخرية من القيلولة، ونصف عمره الآخر في شرح أهميتها.

ـ أنا من المؤمنين بالمستقبل البعيد، وليس بالمستقبل القريب، لأني لحسن الحظ لن أكون موجوداً للتعامل مع مشاكله.

ـ حين تغضب من أكاذيب أبنائك، خذ نفساً عميقاً وتذكر كم مرة كان يمكن أن تخسر أمهم إلى الأبد، لولا الكذب.

ـ علينا أن نشكر الله أن أغلب مرتكبي جرائم القتل ليسوا مولعين بقراءة التاريخ، وإلا لتغير أداءهم حين يعرفون أن دخول القاتل إلى كتب التاريخ مرتبط بارتفاع أعداد ضحاياه.

ـ لن تجد وسيلة أجدى وأقوى في منع الحمل، أكثر من صوت بكاء طفل، بإمكانك أن تتأكد أن البشرية ستقضي تماماً على مشكلة الانفجار السكاني، لو نجح العلماء في اختراع تقنية ما أو دواء ما، يجعل كل رجل يسمع في أذنيه صوت جعير طفل باكٍ، فور انتصاب عضوه.

ـ أصدقائي السابقين الأعزاء: مشكلتكم الحقيقية ليست أنكم ع**** للحاكم ووالستم له، لأن قدرتكم على المكابرة والعناد جعلتكم من قبل تعتبرون التع*** وجهة نظر، فترونه إنقاذاً للوطن ودفاعاً عنه، ولن تعدموا إن أردتم مزيداً من المكابرة والعناد والاستمرار في الت****. مشكلتكم الحقيقية أنكم "بطّلتوا تكتبوا حلو، أو ترسموا حلو، أو تِشعِروا حلو، أو تفنّوا حلو، أو تنظّروا حلو، أو حتى تكدبوا حلو"، ولذلك فقدتم أهميتكم لدى من كان فرحاناً بتع***** له، لأنه لم يكسب منكم ما كان ينتظره، ولذلك لن تفرقوا معه ببصلة، وكل ما نابكم أنكم خسرتم محبة كثيرين كانوا يحبونكم بجد، ليس لأنهم كانوا يعرفونكم شخصياً، بل لأنكم كنتم أصحاب حضور وبصمة وخفة ظل مبهجة، ربما لم تُرزقوا بها إلا لأنكم كنتم منحازين للإنسانية والحرية. هارد لك.
605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.