عن تقرير لمفتي مصر

22 يوليو 2014
+ الخط -

لا ينقضي العجب من تقرير مفتي مصر الذي أصدره تأييداً لتطبيق حكم الإعدام، أو حد الحرابة، على عمداء كليات الأزهر الشريف، ومن حيثيات هذا التأييد، وزاد الطين بلة، أن هذا التقرير وجد من المنتسبين للأزهر تأييداً وظهيراً، كما جاء في كلام عضو مجمع البحوث الإسلامية، عبد الله النجار، والذي عندما ظهر تأييده التقرير بشأن تصديقه على الحكم على عمداء كليات الأزهر، وخيرة من العلماء بالإعدام، لم أشك لحظة في أن المقصود بكلامه من قاموا بالانقلاب العسكري على السلطة المنتخبة، وصادروا إرادة الشعب، وقيدوا حرياته، فلو رفعت من هذا التأييد أسماء المحكوم عليهم، ووضعت مكانه لفظ المنقلبين ومشايخ السلطة، لانطبق التأصيل على التنزيل تمام الانطباق.

وإذا كانت الجناية على النفس، كما جاء في تقرير المفتي وتأييد النجار، تَثْبُتُ بمقتضى إقرار صحيحٍ، يصدر عن الجاني، أو بمقتضى بينة شرعية، أو بمقتضى القرائن القاطعة، فإن الجناية التي قام بها الانقلاب العسكري وقائده، ومن عاونهم، ثبتت بالقرائن القاطعة، وبالبينات الشرعية، بل ثبتت بالإقرار الصحيح الواضح والمبين.

كل ما قاله النجار ينطبق تماماً على من قاموا بهذا الانقلاب، وينطبق كذلك على مشايخ السلطة الذين أيدوا هذا القتل الجماعي والحرق الجماعي، وحرضوا عليه، وعبد الله النجار منهم. أما المحكومون بالإعدام، وهم من رموز العلم، وفخر العلماء ورسالتهم، فهل للمفتي والنجار أن يثبتوا عليهم التهم بأي نصٍ من نصوص كلامهم، حتى لو كان بالقرائن غير القاطعة.

كل ما كان يقوله العلماء على منصة ميدان رابعة العدوية وغيرها، هو الدعوة إلى تنظيم تظاهرات سلمية، مع التأكيد على السلمية، مراراً وتكراراً، من دون تعطيل للطرق، والتنبيه المؤكد والقاطع على الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، والتسجيلات موجودة والفيديوهات موجودة، وهذا عكس كل ما جاء في التقرير، وليقدم فضيلة المفتي، وظهيره، عبد الله النجار، نصوصاً من كلام العلماء المحكوم عليهم بالإعدام، تدل على استحقاقهم حد الحرابة.

صدَّر عبد الله النجار كلامه بمقدماتٍ فقهيةٍ أصوليةٍ، لا نزاع فيها، ولكن المشكلة عنده في تنزيل هذه المقدمات على غير محلها، ومحاولته لَي أعناق نصوص شرعيةٍ، وتنزيلها بشكل متعمد على ما لا تنطبق عليه، وهي جناية على النصوص الشرعية، وجناية على النفوس، وجناية على المجتمع، يستحق النجار عليها العقوبة.

عجب القول في تقريرهم ودفاعهم عن هذا التقرير أن المحكوم عليهم وصفوا ما جرى بأنه انقلاب عسكري، ودعوا إلى مقاومته، وتطاولوا على القائد العسكري، ووصموه بالخيانة. هذه هي الحيثيات التي استحق عليها هؤلاء الإعدام، وإيجاب حد الحرابة عليهم. لكن، ما الرأي ودار الإفتاء المصرية لم تعد داراً للإفتاء، إنما أضحت فرعاً للمؤسسة العسكرية المنقلبة على السلطة الشرعية، قاتلة للناس ومصادرة حقوق هذا الشعب وحرياته، وما ترتب على ذلك من تدهور في أحوال المنطقة والأمة.

هذا التقرير والتأييد له، ليس لهما تفسير خارج أمرين، الأول: هذا التقرير مسيس مكتوب بأمر الجهات الأمنية وتوجيهاتها، والثاني: أن الأزهر يخرج علماء وعمداء كلياتٍ، يتبنون الإرهاب وتحطيم الممتلكات العامة والخاصة، ويقومون بالإفساد في الأرض، بما يستحقون عليه حد الحرابة، وكلا الأمرين ينذر بشر مستطير وفساد كبير!

FB60D549-0DD4-495D-92DF-375BFFE48969
FB60D549-0DD4-495D-92DF-375BFFE48969
وصفي عاشور أبو زيد (مصر)
وصفي عاشور أبو زيد (مصر)