عن الفلسطيني وتزييف الوعي العربي

18 سبتمبر 2020
الفلسطينيون مضطرون لإعادة تأكيد المسلمات عن بلدهم (Getty)
+ الخط -

يبدو أن الفلسطينيين، ومعهم من يؤمنون بقضايا الحرية والعدالة، أمام محاولة كسر وتزييف الوعي والهرولة للتحالف مع المحتلين، وهم مضطرون لإعادة تأكيد مسلمات وبديهيات عن فلسطين.
فالتزييف ليس طارئاً في أولويات الحركة الصهيونية، وهي جربته مع الصامدين على أرضهم التاريخية، بطلب ترحيلهم إلى "21 دولة عربية"، وبتقسيمات مثيرة للسخرية، عن "عربي وبدوي وشركسي ومسلم ومسيحي ودرزي... إلخ".
ما تجاوزه الشعب الفلسطيني في الداخل، أصحاب الأرض الأصليين، يجري اليوم عربياً ما هو أخطر منه، باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي، في إطار تباهي خيانة النخب لدورها. والقضية ليست فقط "ثقافة"، كما تناولها إدوارد سعيد، بل بعموم المنقلبين على شعاراتهم، في إقحام الدين خدمة للتزييف، حتى ممن صنف نفسه "ليبرالياً"، باستنباط سيرة نبوية عن "الصلح" و"اليهود".
ألف مرة أكد الفلسطينيون أن قضيتهم ليست مع اليهودية، بل مسألة حق وعدالة، واحتلال وإحلال صهيوني، بالمذابح والتطهير، والاستيلاء على الأرض، لإلغاء وجود أصحابها، من الجليل إلى الضفة والقدس والنقب. التلاعب بعقول الناس بتسمية الانهزام بـ"اتفاق أبراهام"، سبق أن مورس عام 1977 في مصر السادات، من تطبيعيين قدموا رواية مثيلة، كما فعل الصحافي رائد العطار في كتاباته عن "موسى وفرعون" و"القول اللين"، لتبرير زيارة أنور السادات للكنيست.
اليوم بتنا أمام خطاب "إسرائيل أشرف من العرب"، بلسان عرب وحكام ساعين لشرعنة كراسيهم وعروشهم من واشنطن و"آيباك". ليكوديو التصهين العربي يغمزون عن وجود أعضاء عرب في الكنيست منتخبين من شعبهم، وعمال فلسطينيين داخل الخط الأخضر، بتغييب مقصود للشروط القاسية التي عاشها "عرب 48" في صمودهم على أرضهم، ودفعهم أثماناً كبيرة بوجه تهويد أرضهم، منذ يوم الأرض وحتى انتفاضة العام 2000، وسط خذلان النظام الرسمي العربي منذ 70 سنة.
تغني محللي الأسرلة بـ"شرف" و"ديمقراطية" الاحتلال يبدو سخيفاً، ممن يعيشون في أنظمة ترى فيهم رعايا، كسخافة تبشير بعضهم "بالصلاة في الأقصى"، تقاسماً مع مجرمي حركة "أمناء جبل الهيكل". الملفت في هذا التزييف انفضاح غياب أصحاب خطابات "التطبيع خيانة". فصمتهم مريب بعد دغدغة مشاعر الناس باسم فلسطين. ولم يعد مستبعداً، وسط الهرولة، توسع خيمة "أبراهام"، ليستظل بها حكام الرياض ودمشق، وغيرهما. ورغم ذلك، فلعل محاولات التزييف تلك، واستهداف الوعي بهذه الوقاحة، يؤسسان لمرحلة تختمر فيها ما تخشاه الصهيونية نفسها، عبر انفجار الشارع العربي، بعدما طفح كيل الخيانات الرسمية.

المساهمون