لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع هذا الأداء من قبل وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف، وبالذات في ظل غياب رياض حجاب الذي يعاني من وعكة صحية، بعد أن تمكن الأخير بخبرته السابقة في العمل الحكومي من إعادة التناغم إلى صفوف المعارضة، خصوصاً فيما يخصّ اتصالاتها مع الداعمين. وعلى المستوى السياسي، لا يمكن لأي صحافي متواجد في أروقة جنيف، إلا أن يشعر بأن الأمور أفضل من المتوقع.
البيروقراطيون السوريون المنشقون حاضرون في عملية تنظيم عمل المعارضة، بينما بدت مختلف التيارات في المعارضة، سواء المدنيون والعسكريون أو الائتلاف وهيئة التنسيق أو العرب والأكراد، قادرة تماماً على إدارة أي خلاف ينشب في صفوفها بسبب مفاجآت المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، بل بات من الممكن حتى الحديث عن تياري حمائم وصقور، قادرين على أن يجتمعا، يختلفان ويتوافقان، ولكنهما يخرجان في النهاية بموقف موحد وصلب. بطبيعة الحال لا يمكن لأحد أن يقول إن أداء المعارضة يرقى لأداء حكومة أو دولة، ولا يجب أن يتنظر أحد ذلك، ولكن في نهاية المطاف، بدت المعارضة السورية بمختلف سياسييها وكأنها قد اكتسبت ما يكفي من الخبرة بعد أكثر من خمس سنوات من مقارعة النظام، فلم يعد أداؤها كأداء "معارضة المثقفين" كما عرفه السوريون في بداية الألفية الجديدة أو في بداية الثورة. بات هناك من يتعلم السياسة وبات قادراً على مقارعة النظام ذي الخبرة العميقة والخبث المعهود.
صحيح أن السوريين هم من دفع ثمن تطور المعارضة بدمائهم، لكن تجاوز خمسين عاماً من غياب العمل السياسي خلال خمس سنوات يُعتبر إنجازا لا يمكن التغاضي عنه، وبينما كانت المعارضة خائبة سياسياً، ومتقدمة عسكرياً في جنيف 2 وجنيف 3، يبدو أن الآية انقلبت وبات النظام هو الخائب سياسياً، بل واقعاً في مأزق دفعه إليه أداء المعارضة. الأمر الذي بدا واضحاً خلال رد المعارضة على محاولة النظام استغلال الهجوم الذي تعرّض له من قبل هيئة تحرير الشام في حمص، وأدى إلى مقتل واحد من أبرز مجرمي الحرب في صفوف النظام، وبدل أن تُقلب الطاولة على رأس المعارضة، يبدو أنها تكسَرت على رأس النظام.
يحتاج الوفد المفاوض إلى دعم معارضي النظام جميعاً أكثر من أي وقت مضى، المرحلة حرجة، فمهما كانت قوة الدول الداعمة وسيطرتها لن تستطيع الضغط على المعارضة لتقديم تنازلات إن دعمها الشعب السوري، وفي ظل غياب الشرعية الانتخابية، لا بد لكل منظمات المجتمع المدني واللوبيات السورية ورجال الأعمال من التواصل مع الوفد المعارض لدعمه في الحفاظ على ثوابت الثورة السورية. وأخيراً، يحقّ لأي سوري أن يعترض على أي شيء بما في ذلك حتى الذهاب إلى مفاوضات جنيف المشكوك بإمكانية توصلها لأي حل، ولكن لا بد من أن يرافق ذلك تقديم حلول بديلة ومنطقية وقابلة للتنفيذ لإيقاف "نزيف الدم السوري" على أن لا يكون ذلك بالمزايدات العقيمة وعلى صفحات "فيسبوك".
البيروقراطيون السوريون المنشقون حاضرون في عملية تنظيم عمل المعارضة، بينما بدت مختلف التيارات في المعارضة، سواء المدنيون والعسكريون أو الائتلاف وهيئة التنسيق أو العرب والأكراد، قادرة تماماً على إدارة أي خلاف ينشب في صفوفها بسبب مفاجآت المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، بل بات من الممكن حتى الحديث عن تياري حمائم وصقور، قادرين على أن يجتمعا، يختلفان ويتوافقان، ولكنهما يخرجان في النهاية بموقف موحد وصلب. بطبيعة الحال لا يمكن لأحد أن يقول إن أداء المعارضة يرقى لأداء حكومة أو دولة، ولا يجب أن يتنظر أحد ذلك، ولكن في نهاية المطاف، بدت المعارضة السورية بمختلف سياسييها وكأنها قد اكتسبت ما يكفي من الخبرة بعد أكثر من خمس سنوات من مقارعة النظام، فلم يعد أداؤها كأداء "معارضة المثقفين" كما عرفه السوريون في بداية الألفية الجديدة أو في بداية الثورة. بات هناك من يتعلم السياسة وبات قادراً على مقارعة النظام ذي الخبرة العميقة والخبث المعهود.
صحيح أن السوريين هم من دفع ثمن تطور المعارضة بدمائهم، لكن تجاوز خمسين عاماً من غياب العمل السياسي خلال خمس سنوات يُعتبر إنجازا لا يمكن التغاضي عنه، وبينما كانت المعارضة خائبة سياسياً، ومتقدمة عسكرياً في جنيف 2 وجنيف 3، يبدو أن الآية انقلبت وبات النظام هو الخائب سياسياً، بل واقعاً في مأزق دفعه إليه أداء المعارضة. الأمر الذي بدا واضحاً خلال رد المعارضة على محاولة النظام استغلال الهجوم الذي تعرّض له من قبل هيئة تحرير الشام في حمص، وأدى إلى مقتل واحد من أبرز مجرمي الحرب في صفوف النظام، وبدل أن تُقلب الطاولة على رأس المعارضة، يبدو أنها تكسَرت على رأس النظام.
يحتاج الوفد المفاوض إلى دعم معارضي النظام جميعاً أكثر من أي وقت مضى، المرحلة حرجة، فمهما كانت قوة الدول الداعمة وسيطرتها لن تستطيع الضغط على المعارضة لتقديم تنازلات إن دعمها الشعب السوري، وفي ظل غياب الشرعية الانتخابية، لا بد لكل منظمات المجتمع المدني واللوبيات السورية ورجال الأعمال من التواصل مع الوفد المعارض لدعمه في الحفاظ على ثوابت الثورة السورية. وأخيراً، يحقّ لأي سوري أن يعترض على أي شيء بما في ذلك حتى الذهاب إلى مفاوضات جنيف المشكوك بإمكانية توصلها لأي حل، ولكن لا بد من أن يرافق ذلك تقديم حلول بديلة ومنطقية وقابلة للتنفيذ لإيقاف "نزيف الدم السوري" على أن لا يكون ذلك بالمزايدات العقيمة وعلى صفحات "فيسبوك".