عن "فلسطين الجديدة"

09 مايو 2019
من قال إن الفلسطينيين يقبلون وطناً بديلاً؟(أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

بغض النظر عن صحة التسريبات حول خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، فإن شيئاً ما يجري طبخه تحت مسمى "فلسطين الجديدة".

بعض البنود، الجاري أصلاً تنفيذها منذ فترة، تشي بأننا أمام بلطجة مافيا دولية بلبوس سياسي - أمني. فليس ما يثير الانتباه هو فقط الإصرار على تشريع نهب الأرض بالمستوطنات، وبقاء القدس تحت الاحتلال، وشطب قضية اللاجئين، وتبشيرنا بـ"انتخابات ديمقراطية"، وجعلنا بلا سيادة وتحت "حماية" مدفوعة الثمن للاحتلال، والتسليم بالعربدة الصهيونية - الأميركية، بتهديد صريح وعلني للشعب وفصائله ومنظمة التحرير الفلسطينية لفرض الاستسلام. ما يلفت هنا، في تعمق القيمة الصفرية لبعض الحكام العرب، الزاحفين تطبيعاً لحماية عروشهم، تحويلهم عملياً إلى مجرد "محفظة مالية"، ضمن خطة التمويل بنحو 21 مليار دولار، من أصل 30 ملياراً، وهو ما سينبرون لتبريره بـ"استغلال الفرصة التاريخية".

ولا يخفف نفي هنا وهناك عن "نقل أرض في سيناء للفلسطينيين" من واقع تحويل غير المعقول اليوم، بالبلطجة، إلى "واقعية" و"ضرورة قومية". واقع الحال، خطاباً وممارسة، أن هؤلاء لا تهمهم "فلسطين الجديدة" بقدر إيجاد "الفلسطيني الجديد"، الخانع والمنبطح والأجير، أو على الأقل استعادة "روابط القرى" (سادت في الضفة المحتلة بين 1978 و1987) لخلق بدائل عن تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين. ببساطة، ما يراد إنشاؤه، بمعية وأموال "عرب أميركا وإسرائيل"، هو كانتونات حكم ذاتي ملحقة بدولة الأبرتهايد.

وليس غريباً أن تصبح مستقبلاً جملة "من غير المعقول أن تحدد مجموعة من عشرات الأشخاص حياة ملايين" ناظماً لجوقاتهم، الدينية والليبرالية الادعاء، بحماسة لا تنفصل عن بلطجة وتشبيح المراهقة السياسية في المنطقة، تحريضاً على الأردن وشعب فلسطين. فالآن تتكشف أهداف تشويه صورة العربي الخليجي بأبواق تأييد قصف وقتل المحتل للفلسطينيين، كما في العدوان الأخير على غزة، لنصبح جميعنا على شاكلة "مستشاري" الأنظمة والمغردين في طوابير الأسرلة. ورغم ذلك، ستظل الأسئلة تطاردهم، لتحيل صفقاتهم، كما سابقاتها، وهماً وسراباً: فمن قال إن شعب فلسطين يقبل وطناً بديلاً عن أرضه وحقه التاريخي؟ بل، ومن منحهم أصلاً حق مقايضة فلسطين بكراسي حكمهم؟ ألم يكن أولى تسخير أموالهم لرفعة وتقدم شعوبهم، عوض نهب جيوبهم إرضاء لدونالد ترامب وربعه؟ أسئلة كثيرة أخرى سيجيب عليها الشارع العربي، وليس معسكر "العرب الجدد" في مراهقة الأسرلة السياسية و"الفكرية"، الساعين لإنتاج عربي مشوه، في مسار ذل ومهانة غير مسبوقين منذ نكبة 1948.

المساهمون