01 يونيو 2017
عن "الأطماع التركية"
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أول من أمس الثلاثاء، إنه "لا يمكن أن نسمح لتركيا بالتدخل في أراض عربية"، في إشارة إلى تصريحات مسؤولين أتراك عن دور عسكري لبلادهم في معركة تحرير الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية. الأمر نفسه الذي بات مثار خلاف بين بغداد وأنقرة، وما زالت واشنطن تحاول "الإصلاح" بين الطرفين، لتبرير تدخل مفترض تلوح به تركيا.
وهنا، تبدأ الكوميديا السوداء، بالحديث عن الأطماع التركية، والتي يحمل لواء التحذير منها بشار الأسد، مبعوث فلاديمير بوتين السامي في دمشق. وحيدر العبادي، المنسق العام لإدارة المليشيات الإيرانية في بغداد، كما دخلت على الخط، وبقوة أخيراً، القنوات والمواقع الإيرانية التي تروج تقديس مرشد إيران الأعلى وحكم الحرس الثوري، مثل قناة العالم ووكالة أنباء فارس، والتي جاءتها صحوة قومية مجيدة، فباتت تحذر العرب من شرٍّ مخيف تجسّد في "الأطماع العثمانية".
وليس الحديث هنا عن الأطماع وحقيقتها، وأن السياسة "تحرّكها المصالح" و"لا يوجد شيء مجاني"، فهذا بديهي، بات ممجوجا، لكن محط السخرية أن إيران التي تفخر علانية بهيمنتها على عواصم عربية أربع، وتمدّ نفوذها عبر المليشيات والتطهير الطائفي والتغيير الديمغرافي هي من يحمل لواء التحذير من الأطماع التركية في الأراضي العربية، والذي يأتي لصالح من يتم الفتك بهم.
الدولة، نظرياً، وما ارتبط بها من مفاهيم، كالسيادة والاستقلال، جاءت من أجل البشر، حتى أشد الأيديولوجيات شراسة في تقديس الدولة، كالشيوعية والنازية، كانت تطرح الدولة تجسّداً لخير بشري يجب أن يعم، لصالح سعادة كل البشر بإنهاء الطبقية، كما في الشيوعية، أو لهيمنة الإنسان الأسمى الذي يستحق أن يحكم العالم. التطرف في الدولة يضعها في مرتبة أهم ما أنجزه البشر، لا في مرتبة المقدس بحد ذاته، بغض النظر عن الناس.
تقديس الدولة العبثي، بصفتها غاية، لم يطرح، ربما، إلا لتبرير قتل البشر بالبراميل المتفجرة كما في الحالة السورية، أو تشريع مليشيات الحشد الشعبي الطائفية (وهي بالتعريف مضادّة للدولة). ولم يصرخ بمفاهيم السيادة والاستقلال الوطني إلا أكثر الأنظمة فقداناً لها، كالنظام السوري الذي استعان بإيران وروسيا ومليشيات طائفية من أرجاء المعمورة لحماية وجوده، والنظام العراقي الذي لم يعد نظاما بأي معنى، بل يجسّد كل ما يضاد النظام، ابتداء من تشكله تحت ظل الاحتلال الأميركي.
لم تفعل جامعة الدول العربية أي شيء حيال الانهيارات في العراق وسورية. لذا لم يعد لتصريح أبو الغيط أي معنى، فالجامعة لم تسمح "نظرياً" لا بالتدخل الإيراني، ولا بفوضى المليشيات، ولم تعترف بالمعارضة السورية، ولا طرحت مشروعاً لحماية المدنيين في العراق، فوجود الجامعة ابتداء، مثل عدمه. أما إيران فهي آخر من يتحدث عن "الأطماع"، كما أن نظامي دمشق وبغداد آخر من يتحدث عن السيادة والاستقلال.
وهنا، لم يتبق أمامنا إلا مدن محطمة، الموصل وحلب، وملايين البشر المهدّدين بالإبادة، وملايين مثلهم تم تهجيرهم، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى، وتنظيم إرهابي، ومليشيات طائفية، وأنظمة سياسية بلا شرعية، تمارس عمدا القتل في حق من يجب عليها حمايتهم.
يعلمنا هذا المشهد ألا نعول على أحد، فالمنطقة أصبحت ساحة تصفية حساباتٍ دولية، أكبر من قدرة العراقيين والسوريين على المقاومة، وأكبر من قدرة العرب على الفعل. ويتبقى لنا هنا أن نحكم على الفاعلين في الساحة العربية، وفق طبيعة تدخلاتهم، فبينما تصدّر إيران مليشيات طائفية لبسط سيطرتها على محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى والأنبار، دربت تركيا عشائر عربية، من هذه المحافظات، للدفاع عن نفسها. وبينما يقصف النظام السوري حلب بالبراميل المتفجرة، تحتضن تركيا مليوني سوري من الهاربين من هذا الجحيم. وفق هذه المعطيات، كيف سيكون تعليق سكان حلب والموصل بشأن "الأطماع التركية" في الأراضي العربية؟
وهنا، تبدأ الكوميديا السوداء، بالحديث عن الأطماع التركية، والتي يحمل لواء التحذير منها بشار الأسد، مبعوث فلاديمير بوتين السامي في دمشق. وحيدر العبادي، المنسق العام لإدارة المليشيات الإيرانية في بغداد، كما دخلت على الخط، وبقوة أخيراً، القنوات والمواقع الإيرانية التي تروج تقديس مرشد إيران الأعلى وحكم الحرس الثوري، مثل قناة العالم ووكالة أنباء فارس، والتي جاءتها صحوة قومية مجيدة، فباتت تحذر العرب من شرٍّ مخيف تجسّد في "الأطماع العثمانية".
وليس الحديث هنا عن الأطماع وحقيقتها، وأن السياسة "تحرّكها المصالح" و"لا يوجد شيء مجاني"، فهذا بديهي، بات ممجوجا، لكن محط السخرية أن إيران التي تفخر علانية بهيمنتها على عواصم عربية أربع، وتمدّ نفوذها عبر المليشيات والتطهير الطائفي والتغيير الديمغرافي هي من يحمل لواء التحذير من الأطماع التركية في الأراضي العربية، والذي يأتي لصالح من يتم الفتك بهم.
الدولة، نظرياً، وما ارتبط بها من مفاهيم، كالسيادة والاستقلال، جاءت من أجل البشر، حتى أشد الأيديولوجيات شراسة في تقديس الدولة، كالشيوعية والنازية، كانت تطرح الدولة تجسّداً لخير بشري يجب أن يعم، لصالح سعادة كل البشر بإنهاء الطبقية، كما في الشيوعية، أو لهيمنة الإنسان الأسمى الذي يستحق أن يحكم العالم. التطرف في الدولة يضعها في مرتبة أهم ما أنجزه البشر، لا في مرتبة المقدس بحد ذاته، بغض النظر عن الناس.
تقديس الدولة العبثي، بصفتها غاية، لم يطرح، ربما، إلا لتبرير قتل البشر بالبراميل المتفجرة كما في الحالة السورية، أو تشريع مليشيات الحشد الشعبي الطائفية (وهي بالتعريف مضادّة للدولة). ولم يصرخ بمفاهيم السيادة والاستقلال الوطني إلا أكثر الأنظمة فقداناً لها، كالنظام السوري الذي استعان بإيران وروسيا ومليشيات طائفية من أرجاء المعمورة لحماية وجوده، والنظام العراقي الذي لم يعد نظاما بأي معنى، بل يجسّد كل ما يضاد النظام، ابتداء من تشكله تحت ظل الاحتلال الأميركي.
لم تفعل جامعة الدول العربية أي شيء حيال الانهيارات في العراق وسورية. لذا لم يعد لتصريح أبو الغيط أي معنى، فالجامعة لم تسمح "نظرياً" لا بالتدخل الإيراني، ولا بفوضى المليشيات، ولم تعترف بالمعارضة السورية، ولا طرحت مشروعاً لحماية المدنيين في العراق، فوجود الجامعة ابتداء، مثل عدمه. أما إيران فهي آخر من يتحدث عن "الأطماع"، كما أن نظامي دمشق وبغداد آخر من يتحدث عن السيادة والاستقلال.
وهنا، لم يتبق أمامنا إلا مدن محطمة، الموصل وحلب، وملايين البشر المهدّدين بالإبادة، وملايين مثلهم تم تهجيرهم، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى، وتنظيم إرهابي، ومليشيات طائفية، وأنظمة سياسية بلا شرعية، تمارس عمدا القتل في حق من يجب عليها حمايتهم.
يعلمنا هذا المشهد ألا نعول على أحد، فالمنطقة أصبحت ساحة تصفية حساباتٍ دولية، أكبر من قدرة العراقيين والسوريين على المقاومة، وأكبر من قدرة العرب على الفعل. ويتبقى لنا هنا أن نحكم على الفاعلين في الساحة العربية، وفق طبيعة تدخلاتهم، فبينما تصدّر إيران مليشيات طائفية لبسط سيطرتها على محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى والأنبار، دربت تركيا عشائر عربية، من هذه المحافظات، للدفاع عن نفسها. وبينما يقصف النظام السوري حلب بالبراميل المتفجرة، تحتضن تركيا مليوني سوري من الهاربين من هذا الجحيم. وفق هذه المعطيات، كيف سيكون تعليق سكان حلب والموصل بشأن "الأطماع التركية" في الأراضي العربية؟