عنوان التيه

11 فبراير 2015
من يقرأ عليه شخص آخر لن يتغير (Getty)
+ الخط -

تعلمت القرآن والعلم الشرعي على يد شيخ قريتنا الأعمى، كان أزهريا دمث الخلق عظيم الهيبة، اختارني من بين شباب كثر، أحببته مثل أبي الذي رحل وأنا في العاشرة من عمري، كنت رفيق طريقه من الكتّاب إلى المنزل، وكان رفيق طريقي من الضياع إلى نور الهداية، تعلمت على يده كيف تكون الحياة.

كنت أرى بعين قلبه وبصيرة عقله ويرى بعيني طريق منزله، أناوله جبته وقطفانه وأحمل عصاه وحذاءه. طلبت منه أكثر من مرة أن أقرأ عليه الكتب وأدخل مكتبته فكان جوابه دائما بالرفض، وأن من يقرأ عليه شخص آخر لن يتغير.

تعلمت على يده أن العلماء ورثة الأنبياء، مرض الشيخ ولزم البيت ولزمت جواره، أمرضه وأنهل من بحر بركته، يفيق من الحمى ويوصيني ثم يعود إلى الارتعاش ويرتعش قلبي معه، مات الشيخ ونفذت وصيته، خلفته في درسه، وحافظت على بيته ومكتبته، والتف حولي طلبته، حتى سألني أحد العوام عن مسألة لم أسمع بها من قبل، احترت وحار عقلي، حتى اهتديت أن افتح مكتبة الشيخ، ارتعشت يدي بالمفتاح من جلال الموقف، فتحت كتابا! والثاني والثالث.. أكثر من ألف كتاب؟! كل الكتب صفحات بيضاء. صرخت بصوت عال "مات الشيخ".


(مصر)