01 نوفمبر 2024
عندما تشارك إسرائيل في تأمين الملاحة بالخليج
بذريعة تأمين أمن الملاحة في مياه الخليج، تنخرط إسرائيل، فعليًّا، في المنطقة العربية، في هذا المكان بالغ الحيوية، وفي هذا التوقيت، كذلك، مع أن مساهمتها ليست ضرورية، عمليا؛ لأن أميركا قادرة على تحقيق ذلك، وقد شملت بالحماية بريطانيا، بعد أن عزّزت فيه بريطانيا والولايات المتحدة وجودهما العسكري في مياه الخليج، من خلال فرقة عمل مشتركة جديدة لحماية الملاحة التجارية. ولا غرابة، فهذه فرصة سانحة للدول الطامحة لمدِّ نفوذها إلى هذه المنطقة؛ لأسباب جيوسياسية، كما فعلت روسيا (مستجيبةً لهاجسها التاريخي بالوصول إلى المياه الدافئة) التي تعتزم إجراء مناورات بحرية مشتركة مع إيران حول مضيق هرمز، لمواجهة قوَّات بحرية غربية، أميركية وبريطانية.
لكنّ لإسرائيل، بالتأكيد، أهدافًا خاصة، نابعة من خصوصيَّتها، بوصفها دولةً تحتلُّ أراضيَ عربية فلسطينية، وتعلن عزْمَها على الاستمرار في احتلالها، مع مسارعتها وتائر الاستيطان والتهويد، وضمِّ أراضٍ في الضفة الغربية، إلى هدم بيوت الفلسطينيين.. في صُلب تلك الأهداف تكريسُ وجودها، دولةً طبيعيةً في المنطقة، تشارك مع دول عربية، في (حلِّ أزماتها)، أو بالأحرى، في مفاقمة تلك الأزمات.
هكذا قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس: تشارك إسرائيل في مهمّة بحرية، بقيادة الولايات المتحدة؛ لتوفير الأمن البحري، في مضيق هرمز. وكان صريحا في الكشف عن مصلحة إسرائيل في هذه المهمة، حين قال: "إن المهمّة في مصلحة إسرائيل الإستراتيجية في التصدِّي لإيران، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج". وبحسب الموقع الإخباري الإسرائيلي، واينت، قال كاتس للجنة الكنيست للشؤون الخارجية والدفاع إنه أوعز لوزارته بالعمل على إشراك إسرائيل في المهمة، بعد زيارة قام بها، أخيرا، إلى أبو ظبي. ناقش فيها وزيرُ خارجية الاحتلال هذه المهمة مع مسؤول إماراتي رفيع المستوى لم يُذكر اسمه.
والواضح أن دولا خليجية، كالإمارات، على وعيٍ تام بهذه الأهداف الإسرائيلية التي تتجاوز
مواجهة التهديد الإيراني، إلى تعزيز علاقة دولة الاحتلال بتلك الدول، ليس حُبًّا فيها، بالضرورة، ولكن لتتخذها جسرا لتكريس حضورها، ومشاركتها في المنطقة؛ الآن، ومستقبلا.
كم اختلفت الأوضاع، منذ حرب الخليج الأولى، 1991! أو كم اختلفت مواقف دول عربية من مشاركة إسرائيل! حين أبقت الولايات المتحدة إسرائيل بعيدةً عن المشاركة، ولو الرمزية، في الحرب، على الرغم من التهديد الذي مثّله العراق، آنذاك، عليها، وصدّام حسين الذي كان هدّد في إبريل/ نيسان 1990 بحرق نصف إسرائيل، ثم تعرّضت، فعلا، لصواريخ عراقية، توالى سقوطُها على "مدنها"، إذ أُطلق أكثر من ثلاثين صاروخ سكود، لم تنفع، وقتَها، صواريخ باتريوت الأميركية في اعتراضها. امتنعت إسرائيل عن المشاركة، في تلك الحرب؛ استجابةً لمطلب الولايات المتحدة التي كانت تخشى أن تؤدِّي هذه المشاركة إلى انسحاب الدول العربية من التحالف ضد العراق. أما اليوم فتسارع دول عربية، وخليجية إلى ما يشبه الاحتماء بإسرائيل، حليفًا مضمونًا، تقوم بينها وبينه مشترَكات تتجاوز الموضوع العربي والفلسطيني.
هذا الحليف (إسرائيل)، ولو دون إعلانه حليفا، حتى الآن، يسرح ويمرح على امتداد مناطق عربية، من العراق إلى سورية، بضربات عسكرية، وإلى لبنان بالتهديد باستهداف عسكري، أيضا، وفي دول خليجية دبلوماسيا. لم نسمع من دول عربية كبرى، كالسعودية ومصر، اعتراضا على هذه المشاركة الإسرائيلية، بسياسةٍ ضمنية تُفهِم دولةَ الاحتلال أنّ عدوانَها المتصاعد على فلسطين، وعلى القدس، وحتى الوصول إلى تهديد بقاء السلطة الوطنية
الفلسطينية، لا يعيق انخراطها الفعلي في المنطقة العربية، ومشاركتها الحيوية في أزماتها، في وقت تقدّم تلك النُّظُم بقاءها، على أيّ اعتبار. ولم نسمع، بعد، من السلطة الفلسطينية موقفا يليق بخطورة ما يجري، ما قد يعني أنها تلتزم حدودا، لا تجعلها متدخِّلة في قرارات تلك الدول، علما أن لذلك الانخراط الإسرائيلي انعكاساتِه الخطيرة على مصير الفلسطينيين، وتجاوز صراعهم مع الاحتلال، عربيا؛ حين يتجلّى ذلك رسالةً واضحة من رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لشعبه، وهو على عتبة انتخابات ثانية يأمل بها أن ينجح في تدارُك فشله في تشكيل حكومة. ليكون مفاد تلك الرسالة أنّ السلام مع العرب، والتطبيع مع دولهم، لا يتوقَّف على السلام مع الفلسطينيين، والقبول بدولة فلسطينية على حدود 1967، ليغريه ذلك بالمُضيِّ في سياسة الإخضاع، مع أن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، نداف أرغمان، وصف، أخيرا، الهدوء النسبي في الضفة الغربية بالخادع، وأنّ الوضع في "المنطقة الفلسطينية" غيرُ مستقرّ.
وأخيرا، تستفيد إسرائيل، دوليا، من إدارة أميركية غير مسبوقة في تقديم مصالحها، وفي دعمها المطلق، كما تستفيد، إقليميا من النزاعات المحتدمة، وتستفيد، عربيا، من تفاقُم الأزمات الداخلية، ونهوض التناقضات الطائفية السياسية، بعد إفشال محاولات شعوبٍ عربية التغيير، نحو درجات أعلى من العدالة والكرامة، وتمثيلٍ سياسي أقلّ إجحافا.
هكذا قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس: تشارك إسرائيل في مهمّة بحرية، بقيادة الولايات المتحدة؛ لتوفير الأمن البحري، في مضيق هرمز. وكان صريحا في الكشف عن مصلحة إسرائيل في هذه المهمة، حين قال: "إن المهمّة في مصلحة إسرائيل الإستراتيجية في التصدِّي لإيران، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج". وبحسب الموقع الإخباري الإسرائيلي، واينت، قال كاتس للجنة الكنيست للشؤون الخارجية والدفاع إنه أوعز لوزارته بالعمل على إشراك إسرائيل في المهمة، بعد زيارة قام بها، أخيرا، إلى أبو ظبي. ناقش فيها وزيرُ خارجية الاحتلال هذه المهمة مع مسؤول إماراتي رفيع المستوى لم يُذكر اسمه.
والواضح أن دولا خليجية، كالإمارات، على وعيٍ تام بهذه الأهداف الإسرائيلية التي تتجاوز
كم اختلفت الأوضاع، منذ حرب الخليج الأولى، 1991! أو كم اختلفت مواقف دول عربية من مشاركة إسرائيل! حين أبقت الولايات المتحدة إسرائيل بعيدةً عن المشاركة، ولو الرمزية، في الحرب، على الرغم من التهديد الذي مثّله العراق، آنذاك، عليها، وصدّام حسين الذي كان هدّد في إبريل/ نيسان 1990 بحرق نصف إسرائيل، ثم تعرّضت، فعلا، لصواريخ عراقية، توالى سقوطُها على "مدنها"، إذ أُطلق أكثر من ثلاثين صاروخ سكود، لم تنفع، وقتَها، صواريخ باتريوت الأميركية في اعتراضها. امتنعت إسرائيل عن المشاركة، في تلك الحرب؛ استجابةً لمطلب الولايات المتحدة التي كانت تخشى أن تؤدِّي هذه المشاركة إلى انسحاب الدول العربية من التحالف ضد العراق. أما اليوم فتسارع دول عربية، وخليجية إلى ما يشبه الاحتماء بإسرائيل، حليفًا مضمونًا، تقوم بينها وبينه مشترَكات تتجاوز الموضوع العربي والفلسطيني.
هذا الحليف (إسرائيل)، ولو دون إعلانه حليفا، حتى الآن، يسرح ويمرح على امتداد مناطق عربية، من العراق إلى سورية، بضربات عسكرية، وإلى لبنان بالتهديد باستهداف عسكري، أيضا، وفي دول خليجية دبلوماسيا. لم نسمع من دول عربية كبرى، كالسعودية ومصر، اعتراضا على هذه المشاركة الإسرائيلية، بسياسةٍ ضمنية تُفهِم دولةَ الاحتلال أنّ عدوانَها المتصاعد على فلسطين، وعلى القدس، وحتى الوصول إلى تهديد بقاء السلطة الوطنية
وأخيرا، تستفيد إسرائيل، دوليا، من إدارة أميركية غير مسبوقة في تقديم مصالحها، وفي دعمها المطلق، كما تستفيد، إقليميا من النزاعات المحتدمة، وتستفيد، عربيا، من تفاقُم الأزمات الداخلية، ونهوض التناقضات الطائفية السياسية، بعد إفشال محاولات شعوبٍ عربية التغيير، نحو درجات أعلى من العدالة والكرامة، وتمثيلٍ سياسي أقلّ إجحافا.
مقالات أخرى
01 أكتوبر 2024
15 سبتمبر 2024
27 اغسطس 2024