يستغرب أبو مهند (32 عاما) وهو ينتقل في شوارع بغداد يومياً، ذهاباً وإياباً إلى مكان عمله، من تصرفات عناصر الأمن عند الحواجز التي يمر بها. يراهم يعطّلون سالكي الطرق يوميا، ويطلبون هوياتهم التعريفية قبل السماح لهم بتجاوز الحاجز، مؤكداً أنّهم يرمقون هويته بنظرة غريبة، وينظرون لصورته لا أكثر.
يتكرر هذا المشهد يومياً مع أبو مهند، الموظف في إحدى دوائر بغداد الرسمية. ويمر عبر الحواجز الأمنية في طريقه إلى عمله، ويقول خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ الطريق إلى الدائرة التي يعمل فيها يمر عبر أربعة حواجز أمنية، "وما أثار استغرابي، أنّني لم أر أي عنصر أمن يقرأ هويتي، بمجرد أن يأخذها ينظر إلى صورتي ثم إليّ لا غير".
وأضاف "تتكرر هذه الحالة معي باستمرار، لكن في إحدى المرّات أثار انتباهي أحد العناصر حين أخذ هويتي وهي مقلوبة، ونظر إلى حروفها من الجهة الخلفية بعكس جهة الصورة، وسألني: أين تعمل؟ فقلت له هذه المعلومة مكتوبة أمامك في الهوية، فأجابني بغضب: أجب عن سؤالي ولا تناقش، عندها عرفت أنه مثل آخرين كثر من أقرانه، أميون لا يعرفون القراءة ولا الكتابة".
وأشار أبو مهند إلى أنّ "هؤلاء العناصر يتسببون بتعطيل المواطنين يوميا، وأنّ أسلوبهم في التعامل غير مقبول".
وذكر مسؤولون أمنيون أنّ تعيين هؤلاء الأميين في الأجهزة الأمنية، حصل أيام الوجود الأميركي في العراق وتوليهم الملف الأمني بالبلاد، وهناك محاولات لسحبهم من الحواجز الأمنية.
وقال ضابط في قيادة العمليات المشتركة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "في فترة سيطرة الأميركيين على البلاد جندوا عشرات الآلاف بلا ضوابط تذكر، كما أن الفساد والمحسوبية انتشرا في سلك الأمن بمثل هؤلاء".
وأضاف "الداخلية تساهلت حيال بعض الضوابط الخاصة، ومنها موضوع القراءة والكتابة، لأجل الحصول على عناصر تنتمي للأمن في وقت كانت الوظيفة خطرة واحتمالات الموت أثناءها عالية"، مبينا أنّ "الوساطات لعبت دورها في التنقلات العسكرية، ونقل الكثير منهم إلى الحواجز الأمنية، وأصبحوا على تماس مباشر مع المواطن".
وأشار "هناك مساع تبذل لتطهير الحواجز الأمنية الثابتة والمتنقلة من الأميين، لكن هناك صعوبة بذلك، بسبب تأثير الوساطات".
وأكد متخصصون أنّ وجود الأميين عند الحواجز الأمنية له تأثير سلبي على الواقع الأمني في البلاد، فضلاً عن أسلوب تعاملهم الذي يدل على مستوى ثقافي ضحل.
وقال الخبير الأمني نافع العلي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العناصر الأمنية عند الحواجز، يجب أن يكونوا من ذوي الكفاءة والخبرة والمهنية، فهم يتعاملون مع مواطنين، وعليهم واجب كشف المجرمين والإرهابيين".
وأوضح أنّ "هذا الواجب يحتاج إلى مؤهلات خاصة، فضلا عن مؤهل القراءة والكتابة والمستوى الثقافي لعنصر الأمن"، مبينا أنّ "وجود هؤلاء العناصر عند الحواجز الأمنية، منح الإرهاب فرصة التحرك وتنفيذ عملياته، فضلا عن العصابات الأخرى".
وحمّل الحكومة مسؤولية "وجود العناصر الأمية، ووضعهم بموضع المسؤولية، التي لا يستطيعون أداءها كما هو مطلوب، فضلا عن أنّ تعاملهم مع المواطنين تعامل جاف وغير مقبول، بسبب قلة ثقافتهم".
يشار إلى أنّ المؤسسات الأمنية العراقية، بنيت بعد عام 2003، لا على أسس وطنية، بل وفقا لأسس طائفية وحزبية، الأمر الذي تسبب بهشاشة وضع هذه المؤسسات على مدى سنوات تأسيسها.