عمّان أمام استحقاق عودة السفير إلى الدوحة

15 يونيو 2018
يضغط الشعب على الملك في الموضوع القطري (الأناضول)
+ الخط -

وجدت الحكومة الأردنية الجديدة، برئاسة عمر الرزاز، التي أقسمت اليمن الدستورية أمام الملك عبدالله الثاني، أمس الخميس، نفسها، أمام استحقاق مهم، وهو استعادة العلاقات الأردنية – القطرية سابق عهدها، نزولاً عند مطلب الشارع الأردني الذي وجد في الدعم القطري غير المسبوق، اقتصادياً وسياسياً للأردن، وجرى الإعلان عنه يوم الأربعاء، "أخلاق فرسان"، كما وُصف في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام الأردنية. وبات السؤال المطروح بقوة في الشارع الأردني، بعد هذا التطور، متى ستعلن الحكومة الأردنية عودة سفيرها إلى الدوحة، إذ أصبح القرار، كما يبدو، مسألة وقت لا أكثر.

وعكس موقف النائب في البرلمان الأردني، خليل عطية، الذي طالب بالعودة الفورية للسفير القطري إلى عمّان، مواقف الشارع الذي وقف في غالبيته إلى جانب قطر، منذ اندلاع الأزمة الخليجية، والحصار الذي فرضته عليها الإمارات والسعودية والبحرين ومصر. وقد سبق للنائب عطية أن وقّع، إلى جانب نحو 70 نائباً أردنياً عريضة طالب فيها الحكومة الأردنية بعودة السفير الأردني إلى الدوحة. وقد صرح أخيراً بأنه "لم يعد هناك عذر لعدم عودة سفير دولة قطر إلى الأردن".

وجاءت تصريحات عطية بعد زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير المالية شريف العمادي، ولقائهما بالعاهل الأردني عبدالله الثاني، وتعهد دولة قطر بتوفير عشرة آلاف فرصة عمل في دولة قطر لشبان وشابات الأردن، بالإضافة إلى استثمار 500 مليون دولار في مشاريع البنية التحتية والسياحة في الأردن، ما من شأنه إنعاش الاقتصاد الأردني والمساهمة في تنميته بشكل مستدام.

وحملت زيارة المسؤولين القطريين الرفيعين إلى عمان، والتي كانت الأولى لهما منذ فرض الحصار على دولة قطر، في الخامس من يونيو/ حزيران 2017، أكثر من رسالة دعم للأردن وحكومته، خصوصاً المتعلق منها بقضية القدس المحتلة. وحمل بيان وزارة الخارجية القطرية، الذي صدر عقب الإعلان عن الدعم القطري للأردن، إشادة غير مسبوقة بالمواقف الأردنية تجاه عدد من القضايا القومية، وفِي القلب منها القضية الفلسطينية. فقد اعتبر البيان أن "المملكة الأردنية الهاشمية تشكل عمقاً استراتيجياً وتاريخياً وشعبياً لها، لا سيّما في المحافظة على الحقوق الإسلامية والعربية في مدينة القدس الشريف التي تنضوي تحت الوصاية الهاشمية"، مؤكداً على أن "دعم دولة قطر للأردن في هذا الوقت لهو دعم لهذا الثبات والصمود".



وترى أوساط سياسية أردنية أنه "سيكون في مقدور عمّان مواجهة الضغوط التي تتعرض لها من الرياض وأبوظبي، لمنع أي تطوير للعلاقات الأردنية القطرية، بعد الخطوة القطرية اللافتة تجاهها"، تساندها في ذلك مواقف شعبية ونيابية لا ترى مبرراً للموقف الرسمي الأردني تجاه قطر. كما وفرت الإشارة القطرية فرصةً لا تعوّض لإعادة إحياء عمان علاقاتها بالدوحة، خصوصاً مع توجه الحكومة إلى فتح أبواب جديدة للتجارة والاستثمار، ولا سيما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في الأردن التي أدت إلى موجة غير مسبوقة من الضرائب ورفع الأسعار، شملت سلعاً وخدمات أساسية.

والملفت أنه على الرغم من اتخاذ الأردن قرار خفض تمثيله الدبلوماسي مع قطر على وقع الأزمة الخليجية، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين عرفت زخماً لافتاً، فقد زار الدوحة، قبل أسابيع، وفد اقتصادي أردني، ترأسه رئيس غرفة تجارة الأردن عضو مجلس الأعيان، نائل الكباريتي، وبحث مع رئيس غرفة قطر، الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، آفاق التعاون. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 400 مليون دولار.

ونجحت الدبلوماسية القطرية، خلال الأشهر القليلة الماضية، في فكفكة ألغام عديدة وضعتها دول الحصار في طريقها، فأعلنت السنغال في أغسطس/ آب الماضي، إعادة سفيرها إلى الدوحة بعدما كانت قد سحبته للتشاور. وقالت إن "إعادة السفير تهدف إلى التشجيع على استمرار المبادرات الجارية وفي سبيل التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة بين دولة قطر والدول المجاورة لها". كما أعلنت قطر وتشاد في شهر فبراير/ شباط الماضي، توقيع مذكرة تفاهم، تقضي باستئناف العلاقات وعودة السفراء، بعد قطيعة دامت أقل من ستة أشهر. وهو المسار المرجح أن تشهده العلاقات بين الدوحة وعمان، وبين الدوحة وجيبوتي، في الأسابيع القليلة المقبلة، ما سيعني فشل دبلوماسية دول الحصار التي مارست الضغوط والإغراءات ضد دول عديدة في آسيا وأفريقيا لدفعها إلى قطع العلاقات مع الدوحة.