عملة فلسطينية

27 يوليو 2018
+ الخط -
كل عام يطرح على طاولة السلطة الوطنية الفلسطينية ملف وقف التعامل بعملة الشيكل الإسرائيلي، والذي يعتبر أكثر العملات المتداولة في الأراضي الفلسطينية، ولأن فلسطين دولة تحت احتلال، فإن السلطة مُلزمة بالتعامل مع بروتوكول باريس الاقتصادي، الذي وقع في العام 1994، نتيجة اتفاقية أوسلو مع إسرائيل.
وينص البند 22 من بروتوكول باريس على "أن عملة الشيكل الإسرائيلي الجديد تصبح واحدة من العملات المتداولة في المناطق (الفلسطينية)، وسيستخدم هناك وبشكل قانوني وسيلة للدفع لكل الأغراض، بما فيها الصفقات المالية الرسمية، وأي عملة متداولة وبضمنها الشيكل سيتم قبولها من السلطة الفلسطينية وكل مؤسساتها والسلطات المحلية والبنوك لدى عرضها كوسيلة دفع مقابل أي صفقة"، هذا يعني أن إسرائيل تفرض على الفلسطينيين التعامل بالشيكل، في كل أعمالهم، وهذا يشير إلى أن كل دولار يدخل خزينة السلطة يحول تلقائيًا إلى ما يعادله من العملة الإسرائيلية، وهنا إسرائيل تجبي الملايين بحسابات بسيطة.
اليوم تضغط القوى والفصائل الفلسطينية على السلطة جديا، لإنهاء التعامل بالشيكل، بعد العقوبات التي فرضتها سلطات الاحتلال على سكان قطاع غزة، والإغلاقات المتكرّرة للقطاع، حيث طالبت الجبهة الديمقراطية السلطة بوقف التعامل بالعملة الإسرائيلية، إضافة إلى دعوات لإصدار عملة وطنية فلسطينية.
أكدت دراسات أجريت أخيرا أن الاقتصاد الفلسطيني يتعرّض منذ فترات ليست قصيرة لهزات متلاحقة، بسبب استمرار السلطة الفلسطينية في التعامل بالشيكل، إضافة إلى أن الشعب الفلسطيني مُستهلك، وليس مُنتجًا، وهذا يعني أنه لطالما بقيت مستهلكًا ستدفع أموالك بالعملة التي تفرض عليك، الشيكل أو حتى الدولار.
لكن هل تستطيع السلطة الفلسطينية إيجاد عملة خاصة بها، أو حتى على الأقل استبدال الشيكل بالجنيه المصري، أو الدينار الأردني؟
نعم تستطيع، وسينتعش الاقتصاد الفلسطيني نوعًا ما، لكن هذا يحتاج وقتا طويلا من الدراسة والإعداد، فأنت في هذه الحالة ستغير كل الهياكل الاقتصادية في البلد، وبما أن فلسطين تحت احتلال، فكم ستكون قيمة العملة الفلسطينية أمام سلة العملات الأخرى، بالتأكيد متدنية، وسنشاهد فروقًا واضحة ما بين قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي أو الدينار الأردني، ولربما تكون عملة فلسطين بقيمة الجنيه المصري نفسه، لعدة اعتبارات أولها: أن جمهورية مصر العربية هي الأقرب لقطاع غزة، وأيضًا أن هنالك انخفاضاً في قيمة الجنيه مقابل الدولار واليورو.
إضافة إلى ذلك، ستعارض إسرائيل تلك الخطوات، نتيجة الخسائر التي ستهدد اقتصادها، لذا فدولة الاحتلال ستستغل البند المتعلق بأن "الشيكل عملة تداول قانونية في المناطق"، وستذهب به إلى المجتمع الدولي، وستطالب بفرض عقوبات على السلطة لاختراقها برتوكول باريس.
ومن الاعتبارات الصعبة التي ستواجه السلطة الفلسطينية، أن فلسطينيي الـ 48، اذا ما جاءوا مثلًا للتسوق في الضفة الغربية، بالتأكيد العملة التي يحملونها ستكون إسرائيلية، إذن أنت في هذه الحالة لم تتخلص من الشيكل، بل عاد إليك، وقس على ذلك السياح القادمين عبر مطار بن غوريون بالتأكيد سيحملون عملة إسرائيلية، وسيصرفونها داخل الأراضي الفلسطينية، وهذا يعني أنك لا زلت تبعًا لعملة دولة الاحتلال، كما أن فائض الشيكل في البنوك الفلسطينية حاليًا كبير، وعند طرحك عملة وطنية مستقلة لن ترضى إسرائيل أن تُعيد إليها عملتها، وهكذا تضربك إسرائيل بسهولة، وسترمي تلك الأموال في البحر، ناهيك على أن المؤسسات الدولية العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة أصلًا تستخدم عملتين فقط، الدولار والشيكل، ولا ينسى أن الولايات المتحدة الأميركية قد تفرض عقوبات جديدة على السلطة، بسبب هذا الموضوع، وتسحب الدولار من الأراضي الفلسطينية، على أن تبقيه متداولًا في إسرائيل.
FC65E945-4104-4FE4-87E8-A311DAF2D7EB
FC65E945-4104-4FE4-87E8-A311DAF2D7EB
صلاح سكيك (فلسطين)
صلاح سكيك (فلسطين)