وصل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ظهر اليوم الأحد، إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة ليوم واحد، هي الثانية له بعد زيارته الأولى في إبريل/نيسان الماضي، يرافقه وزير الخارجية شاه محمود قرشي ومساعد رئيس الوزراء الخاص ذو الفقار عباس بخاري.
واستقبل الرئيس الإيراني حسن روحاني ضيفه الباكستاني في مجموعة "سعد آباد" الثقافية. ومن المقرّر، بحسب الخارجية الإيرانية، أن يلتقي خان أيضاً المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
وزيارة خان الثانية لطهران تختلف عن سابقتها من حيث العناوين التي تحملها، حيث ركزت زيارته الأولى خلال إبريل الماضي على العناوين المرتبطة بالعلاقات الثنائية، لكنّها تحمل هذه المرّة عنواناً إقليمياً بارزاً، هو الأزمة بين طهران والرياض، وإجراء وساطة بين الطرفين، وإطلاق حوار بينهما لخفض التوترات، حيث أشارت الخارجية الباكستانية، أمس السبت، إلى أن خان يحمل "مبادرة شخصية" لإجراء حوار بين السعودية وإيران "لضمان السلام في المنطقة".
وعلى الرغم من تأكيد الجانب الإيراني، أمس السبت، على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أن موضوع الوساطة لم يُطرح بعد، إلا أنّه أعلن ترحيبه بأية جهود تُبذل في هذا المضمار، لافتاً إلى أن طهران بانتظار ما سيطرحه رئيس الوزراء الباكستاني خلال الزيارة. كما قال موسوي إن بلاده "مستعدة للحوار مع السعودية، سواء مع واسطة، أو من دونها".
وتأتي الوساطة الباكستانية استكمالاً للوساطة التي بدأها رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، الشهر الماضي، حيث زار الرياض والتقى بالملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان، وكان من المقرر أيضاً أن يزور لاحقاً طهران، لكنّ الأحداث التي شهدها العراق حالت دون ذلك.
واليوم الأحد، يُطلق خان مبادرته "الشخصية" لإجراء الوساطة بين طهران والرياض في ضوء مؤشرات عدة، توحي بأن الطرفين يسعيان إلى تهدئة الأمور. ففي مقابلته مع قناة "سي بي إس" الأميركية، الشهر الماضي، لمّح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى استعداد السعودية للحوار مع طهران، وهو ما قابلته طهران بالترحيب، على لسان أكثر من مسؤول، منهم رئيس البرلمان علي لاريجاني، الذي قال إن "أبوابنا مفتوحة لحلّ الخلافات مع السعودية".
اقــرأ أيضاً
كذلك فإنّ المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، أشار في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قد تلقى، خلال زيارته لنيويورك، "رسائل شفهية" من السعودية، من دون أن يكشف فحواها.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت تقارير غربية عدة، خلال الآونة الأخيرة، أن الرياض بصدد الدخول في الحوار مع "الحوثيين"، حليف إيران في اليمن.
وفي هذا السياق، يمكن النظر إلى اللقاء "التاريخي" الذي جمع وزير النفط الإيراني، بيجن نامدار زنغنة، بنظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، على هامش المؤتمر الحادي والعشرين لمنتدى الدول المصدرة للغاز في موسكو في السابع من الشهر الجاري.
وهذا أول لقاء رفيع المستوى بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين بعد انقطاع العلاقة بين البلدين منذ عام 2016، بعد الهجمات على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، شرقي البلاد.
إلا أن المفارقة أن تلك المؤشرات الثنائية، برزت بعد معطيات ورسائل إقليمية ضاغطة وتصعيدية في الوقت ذاته، وخصوصاً من جانب إيران، منها الهجمات اليومية "الكبيرة" للحوثيين على المراكز السعودية الحساسة، وكذلك الهجمات "الغامضة" الأخيرة التي استهدفت منشآت نفطية سعودية في الرابع عشر من الشهر الماضي، حيث وجهت الرياض اتهامات مباشرة إلى طهران بالوقوف وراءها، رافضة نفي الأخيرة لذلك، وكذلك تأكيد حليفها اليمني الحوثي تنفيذها، رداً على "العدوان السعودي" على اليمن.
إلى ذلك، أعلنت إيران الجمعة الماضية، أن ناقلة نفط تابعة لها تعرضت لهجمات بالصواريخ قبالة ميناء جدة السعودي، لكنها في الوقت ذاته، امتنعت عن توجيه الاتهام إلى السعودية بذلك، بل وعلى عكس ذلك، وجهت المصادر المقربة من دوائر صنع القرار الإيراني، أصابع الاتهام إلى إسرائيل وأطراف أخرى، متهمة إياها بالسعي لتخريب "الأجواء الإيجابية" وجهود الوساطة بين طهران والرياض.
كذلك فإن الأخيرة أيضاً، في تعلقيها أمس السبت على حادثة استهداف الناقلة الإيرانية، أعلنت أن حرسها أراد تقديم المساعدة للناقلة عند تعرضها لما وصفته بـ"الكسر"، وهو موقف يأتي لمصلحة تهدئة التوتر بين البلدين.
لكن أن تظهر كلّ من السعودية وإيران رغبتهما في تهدئة الأمور بينهما، لا يعني أن الطريق أصبح معبداً وممهداً لحل الأزمة بينهما، فهناك ملفات عالقة ومعقدة بين الطرفين، وحتى إن نجحت الوساطات، سواء الباكستانية أو العراقية وغيرها، في خفض التوتر أو حتى إطلاق مباحثات مباشرة بينهما، إلا أنّ الوصول إلى حلول مرضية ليس وارداً في الوقت الحاضر، في ضوء صراع أكبر يجري راهناً بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في المنطقة، وهو صراع أصبح يلقي بظلاله على بقية الصراعات في المنطقة، بحيث أصبح هناك ارتباط وثيق بين الصراعين الإيراني السعودي من جهة، والإيراني الأميركي من جهة أخرى، وبالتالي، من دون حلّ الأخير لا يمكن حلّ الأول، في ظل العلاقات التحالفية الوطيدة بين الرياض وواشنطن، التي أعلنت قبل يومين أنها سترسل ثلاثة آلاف جندي ومعدات عسكرية برية وجوية إلى السعودية لـ"ردع إيران".
كذلك فإنّ إيران أيضاً، على الرغم من استعدادها للمساهمة في إنهاء الأزمة اليمنية، إلا أنّ من المستبعد أن توافق على تجزئة الملفات في المنطقة، إلا إذا كان لذلك مردود واضح لها، وخصوصاً في ما يتعلق بما تعتبره طهران جذور التوتر الراهن في المنطقة، أي العقوبات الأميركية.
وفي هذا السياق، فإنّ الرسالة الإيرانية واضحة، وهي أنه ما لم تُرفع هذه العقوبات، وما لم تتمكن هي من تصدير نفطها مثل بقية الدول، فإنّ المنطقة لن تشهد أمناً وأماناً.
وأخيراً، ولأن محاولات رأب الصدع بين الرياض وطهران تنطلق في ضوء فشل الوساطات الدولية لخفض التوترات في الصراع الأكبر في المنطقة بين طهران وواشنطن، تبقى فرص نجاح الوساطات لإنهاء الأزمة بين السعودية وإيران محدودة، إن لم تكن معدومة، ليكون مصير الصراع بين الطرفين محكوماً بمصير الصراع الأكبر.
واستقبل الرئيس الإيراني حسن روحاني ضيفه الباكستاني في مجموعة "سعد آباد" الثقافية. ومن المقرّر، بحسب الخارجية الإيرانية، أن يلتقي خان أيضاً المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
وزيارة خان الثانية لطهران تختلف عن سابقتها من حيث العناوين التي تحملها، حيث ركزت زيارته الأولى خلال إبريل الماضي على العناوين المرتبطة بالعلاقات الثنائية، لكنّها تحمل هذه المرّة عنواناً إقليمياً بارزاً، هو الأزمة بين طهران والرياض، وإجراء وساطة بين الطرفين، وإطلاق حوار بينهما لخفض التوترات، حيث أشارت الخارجية الباكستانية، أمس السبت، إلى أن خان يحمل "مبادرة شخصية" لإجراء حوار بين السعودية وإيران "لضمان السلام في المنطقة".
وعلى الرغم من تأكيد الجانب الإيراني، أمس السبت، على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أن موضوع الوساطة لم يُطرح بعد، إلا أنّه أعلن ترحيبه بأية جهود تُبذل في هذا المضمار، لافتاً إلى أن طهران بانتظار ما سيطرحه رئيس الوزراء الباكستاني خلال الزيارة. كما قال موسوي إن بلاده "مستعدة للحوار مع السعودية، سواء مع واسطة، أو من دونها".
وتأتي الوساطة الباكستانية استكمالاً للوساطة التي بدأها رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، الشهر الماضي، حيث زار الرياض والتقى بالملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان، وكان من المقرر أيضاً أن يزور لاحقاً طهران، لكنّ الأحداث التي شهدها العراق حالت دون ذلك.
واليوم الأحد، يُطلق خان مبادرته "الشخصية" لإجراء الوساطة بين طهران والرياض في ضوء مؤشرات عدة، توحي بأن الطرفين يسعيان إلى تهدئة الأمور. ففي مقابلته مع قناة "سي بي إس" الأميركية، الشهر الماضي، لمّح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى استعداد السعودية للحوار مع طهران، وهو ما قابلته طهران بالترحيب، على لسان أكثر من مسؤول، منهم رئيس البرلمان علي لاريجاني، الذي قال إن "أبوابنا مفتوحة لحلّ الخلافات مع السعودية".
كذلك فإنّ المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، أشار في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قد تلقى، خلال زيارته لنيويورك، "رسائل شفهية" من السعودية، من دون أن يكشف فحواها.
وفي هذا السياق، يمكن النظر إلى اللقاء "التاريخي" الذي جمع وزير النفط الإيراني، بيجن نامدار زنغنة، بنظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، على هامش المؤتمر الحادي والعشرين لمنتدى الدول المصدرة للغاز في موسكو في السابع من الشهر الجاري.
وهذا أول لقاء رفيع المستوى بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين بعد انقطاع العلاقة بين البلدين منذ عام 2016، بعد الهجمات على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، شرقي البلاد.
إلا أن المفارقة أن تلك المؤشرات الثنائية، برزت بعد معطيات ورسائل إقليمية ضاغطة وتصعيدية في الوقت ذاته، وخصوصاً من جانب إيران، منها الهجمات اليومية "الكبيرة" للحوثيين على المراكز السعودية الحساسة، وكذلك الهجمات "الغامضة" الأخيرة التي استهدفت منشآت نفطية سعودية في الرابع عشر من الشهر الماضي، حيث وجهت الرياض اتهامات مباشرة إلى طهران بالوقوف وراءها، رافضة نفي الأخيرة لذلك، وكذلك تأكيد حليفها اليمني الحوثي تنفيذها، رداً على "العدوان السعودي" على اليمن.
إلى ذلك، أعلنت إيران الجمعة الماضية، أن ناقلة نفط تابعة لها تعرضت لهجمات بالصواريخ قبالة ميناء جدة السعودي، لكنها في الوقت ذاته، امتنعت عن توجيه الاتهام إلى السعودية بذلك، بل وعلى عكس ذلك، وجهت المصادر المقربة من دوائر صنع القرار الإيراني، أصابع الاتهام إلى إسرائيل وأطراف أخرى، متهمة إياها بالسعي لتخريب "الأجواء الإيجابية" وجهود الوساطة بين طهران والرياض.
كذلك فإن الأخيرة أيضاً، في تعلقيها أمس السبت على حادثة استهداف الناقلة الإيرانية، أعلنت أن حرسها أراد تقديم المساعدة للناقلة عند تعرضها لما وصفته بـ"الكسر"، وهو موقف يأتي لمصلحة تهدئة التوتر بين البلدين.
لكن أن تظهر كلّ من السعودية وإيران رغبتهما في تهدئة الأمور بينهما، لا يعني أن الطريق أصبح معبداً وممهداً لحل الأزمة بينهما، فهناك ملفات عالقة ومعقدة بين الطرفين، وحتى إن نجحت الوساطات، سواء الباكستانية أو العراقية وغيرها، في خفض التوتر أو حتى إطلاق مباحثات مباشرة بينهما، إلا أنّ الوصول إلى حلول مرضية ليس وارداً في الوقت الحاضر، في ضوء صراع أكبر يجري راهناً بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في المنطقة، وهو صراع أصبح يلقي بظلاله على بقية الصراعات في المنطقة، بحيث أصبح هناك ارتباط وثيق بين الصراعين الإيراني السعودي من جهة، والإيراني الأميركي من جهة أخرى، وبالتالي، من دون حلّ الأخير لا يمكن حلّ الأول، في ظل العلاقات التحالفية الوطيدة بين الرياض وواشنطن، التي أعلنت قبل يومين أنها سترسل ثلاثة آلاف جندي ومعدات عسكرية برية وجوية إلى السعودية لـ"ردع إيران".
كذلك فإنّ إيران أيضاً، على الرغم من استعدادها للمساهمة في إنهاء الأزمة اليمنية، إلا أنّ من المستبعد أن توافق على تجزئة الملفات في المنطقة، إلا إذا كان لذلك مردود واضح لها، وخصوصاً في ما يتعلق بما تعتبره طهران جذور التوتر الراهن في المنطقة، أي العقوبات الأميركية.
وفي هذا السياق، فإنّ الرسالة الإيرانية واضحة، وهي أنه ما لم تُرفع هذه العقوبات، وما لم تتمكن هي من تصدير نفطها مثل بقية الدول، فإنّ المنطقة لن تشهد أمناً وأماناً.
وأخيراً، ولأن محاولات رأب الصدع بين الرياض وطهران تنطلق في ضوء فشل الوساطات الدولية لخفض التوترات في الصراع الأكبر في المنطقة بين طهران وواشنطن، تبقى فرص نجاح الوساطات لإنهاء الأزمة بين السعودية وإيران محدودة، إن لم تكن معدومة، ليكون مصير الصراع بين الطرفين محكوماً بمصير الصراع الأكبر.