تحت شعار "احذروا الفقير إذا جاع"، اندفع عشرات عمال اليومية غير المثبتين في مؤسسة كهرباء لبنان نحو باحة مجلس النواب وسط العاصمة بيروت.
وتجاوز العمال، الذين يطلق عليهم اسم "المياومين"، حاجزين من الحواجز الأمنية المنتشرة في محيط المجلس بالتزامن مع انعقاد جلسة تشريعية لدرس وإقرار مشاريع قوانين.
ويتصدر مشروع قانون يتعلق بملء الشواغر في مؤسسة الكهرباء جدول الأعمال الطويل للجلسة.
وقال عدد من العمال إن مشروع القانون المقدم يخالف مطالب المياومين، الذين يتقاضون رواتبهم عن كل ساعة عمل وليس عن كل يوم عمل.
ويطالب هؤلاء العمال بالتثبيت في مؤسسة الكهرباء واعطاءهم تعويضات عادلة عن سنوات خدمتهم الطويلة.
ويتقاضى العمال مقابل أعمال الصيانة للشبكة الكهربائية في لبنان بين 500 و700 دولار شهرياً.
من جانبها، استنفرت القوى الأمنيّة والعسكريّة المنتشرة في محيط المجلس. ووزع الضباط عناصرهم المزودين بالهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع، تعليماتهم واضحة "ممنوع الدخول".
وما ان وصل المياومون إلى الحاجز الثالث، حتى بادرهم العناصر بالدفع مما أدى إلى إصابة أحد العمال بحالة إغماء.
"اعتقلوا أربعة عمال"، صرخ رئيس لجنة العمال المياومين، لبنان مخول. وزاد الهرج والمرج وبقيت المطالب المرفوعة على لافتات تتمايل أحيانا مع موجات التدافع لكنها تبقى مرفوعة. "الانتخابات قادمة"، "صاحب الحق سلطان"، "نريد المؤسسات، نريد البقاء"، هي بعض الشعارات التي رفعها العمال خلال التحرك.
"نريد مواكبة جلسات مجلس النواب للمطالبة بحقوقنا، ضربتنا القوى الأمنية ومنعتنا من الاقتراب"، لخّص حسن وهو أحد المتحدثين باسم المياومين أحداث اليوم.
بدأ العمال تحركهم بزيارة ضريح رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، وطالبوا كتلة المستقبل (التابعة للحريري) بالتصويت لصالحهم.
كما توقف العمال خلال سيرهم أمام "بيت حزب الكتائب" لطلب مساندة كتلة الكتائب النيابية. يدرك المياومين أن مفتاح الحل لن يكون قانونياً بحتاً، فإقناع الأطراف السياسية بأحقية قضيتهم قد يعبّد الطريق امام مشروع القانون.
ويعوّل العمال على مشروع القانون المطروح لحمايتهم، لا سيما من يتعرض منهم للإصابة خلال العمل على شبكات التوتر العالي.
تعرضّ هؤلاء لحوادث مميتة أثناء الصيانة، "تقاذفتنا الدولة بين مؤسساتها، دون أن تقدم لنا العلاج أو تساهم في التكاليف"، يقول أحمد، وهو أحد جرحى المؤسسة.
أشار أحمد إلى تكفّل التأمين الصحي "بكلفة عشرة أيام فقط من أصل سبعة وستين يوما قضيتها في المستشفى بعد تعرض للصعق".
امتدت فترة علاج أحمد، بعد عمليتين في الكتف، سبعة أشهر، ولولا مساعدة الأصدقاء والأهل، لبقيت أسرته من دون طعام.
يتحدث محمد عن الأوضاع الاجتماعية الصعبة للعمال: "كلنا من الطبقة الفقيرة، نتقاضى رواتب متدنية نسبة إلى حجم المخاطر التي نواجهها، قدمنا شهداء وجرحى خلال أداء مهامنا ونريد تأمين مستقبل أبنائنا".
فشل الخيار الأمني في ثني عزيمة العمال عن دخول مجلس النواب عنوةً، فدخلوه طواعية. استقبلهم عدد من النواب واستمعوا إليهم. وبعد نقاش داخل مجلس النواب، تقرّر تأجيل إقرار مشروع القانون المتعلق بالمياومين إلى جلسة تُعقد يوم الخميس المقبل.
لا يمل العمال المياومون من تكرار مطالبهم المعروفة على مسامع الجميع من نواب وصحافيين. يطلب هؤلاء حياةً أفضل لهم ولأسرهم، ولحين ضمانها بالقانون، يبقى التلويح بقطع الكهرباء والتحرك في الشارع خيارهم الأقوى.