يبدو الحمداني منهمكاً بالتوثيق والتأريخ لرموز الثقافة المؤثّرين في العراق خلال النصف الثاني من القرن العشرين، لا سيما تلك الأعمال التي لم يجمعها كتاب، بل ظلّت أوراقاً متفرّقة هنا وهناك، يفيد ذلك في التوثيق لأعمال كانت نواة لدراسات صاحب "مهزلة العقل البشري"، ويسلّط الضوء على جانب لا تعرفه الأجيال الجديدة التي لم تطّلع على هذه الدراسات مجموعةً في كتاب واحد، بهذا المعنى يكون الكتاب أرشيفياً يؤرخ لكلّ مقال متى كُتب وأين ولماذا إن كان هناك سبب مباشر غير بحثي أو أكاديمي، ويمكن تخيّل جهد البحث والجمع الذي استغرقه الحمداني للوصول إلى هذه الأوراق المتفرقة.
يقترح علينا غلاف الكتاب أنه سيكون المجلد الأول من سلسلة تصدر تباعاً، حيث يحقّب الباحث الحمداني الفترة التي كتبت ونشرت فيها محتويات الكتاب بخمسة عقود ما بين 1944 و1995.
بهذا التاريخ يكون المؤرخ العراقي قد رصد إنتاج الوردي المولود عام 1913، في الصحافة منذ أن أنهى دراسته الجامعية في "الجامعة الأميركية" في بيروت، وحتى انتقاله لمتابعة دراساته العليا في "جامعة تكساس" التي أنهى دراسته فيها عام 1950، قبل أن يعود إلى العراق ثم يرحل عن عالمنا عام 1995.
ومن المعروف أن الوردي كتب في عشرات الصحف العراقية مثل "التآخي" و"الاتحاد" (صحيفة اتحاد الكتاب في النصف الثاني من القرن العشرين)، إلى جانب المجلات الثقافية ليس في العراق فقط بل في العالم العربي، وعدد من الدوريات الأكاديمية في الجامعات العربية، وكثيراً ما كان مصير هذه المقالات والدراسات أن تتحوّل إلى كتب أوسع.
تجربة الحمداني بما قدّم من مؤلّفات وحقّق من كتب وجمَع من وثائق تلفت إلى انهماك بتاريخ المنطقة من الزوايا التي لا يلتفت إليه كثير من المؤرخين، من أهم كتبه "قطر من النشوء إلى قيام الدولة الحديثة"، و"نصوص بغدادية نادرة"، و"مدن العراق وقبائله العربية في العصر الحديث" و"البحرين في كتابات الرحالة الأروبيين 1507 ـ 1914".