علي الخليلي.. رجل الفجر الأدبي

03 أكتوبر 2014
(بورتريه إحسان حلمي)
+ الخط -

رغم مؤلفاته الكثيرة، لم يبرز علي الخليلي (1943 – 2013) ككاتب ترك أثره في الأجيال اللاحقة من شعراء وكتاب فلسطينيين، بقدر ما برز كمثقف عُرف بالعمل الجاد داخل الأطر الثقافية التي أُسّست في "الضفة الغربية". الرجل الذي مرّت ذكرى رحيله الأولى أمس، تشتمل سيرته الكتابية على أكثر من 40 عنواناً، تنوّعت بين الشعر والقصة والرواية، إضافة إلى دراسات نقدية وأخرى تناولت الموروث الفلسطيني الشعبي.

يسجّل للخليلي تعزيزه الحياة الثقافية في الداخل الفلسطيني، من خلال تأسيسه ملحق "الفجر الأدبي" الذي كان يصدر عن "صحيفة  الفجر" المقدسية في السبعينيات، رغم إجراءات الاحتلال التي لاحقت المثقف الفلسطيني هناك، إما بالنفي أو الاعتقال، الذي طاله هو أيضاً. كما ينسب لصاحب "خريف الصفات" الفضل في تأسيس "اتحاد الكتّاب الفلسطينيين" في الداخل.

لعل أبرز ما في مسيرة  الشاعر المولود في نابلس، هو دوره المهم، من بين أبناء جيله، في إعادة صياغة الخطاب الشعري في الداخل الفلسطيني، وفقاً لأدوات الحداثة وعناصرها. لكن المفارقة في شعر صاحب "تكوين الوردة"، أنه، رغم سعة الاطلاع والمعرفة التي ميّزته ودفعت بعض الكتّاب الفلسطينييين إلى اعتباره مرجعاً ثقافياً، كانت تأخّر شعريته نفسها، والتي لم تصلها التحولات الشعرية التي ساهم هو ذاته في الترويج لها في البلاد.

هكذا، بقي شعره يدور في طابع المحلية الفلسطينية، التي وجدت في لغة الصراع سبباً أو حجّة تحول دون تطوّرها بالمعنى الحداثي للكتابة الشعرية. في كلمة أخرى، لم ينجح الخليلي في طرق مفردات أخرى، أو مواضيع مستجدة في الهامش الأدبي، فظلت تجربته حبيسة الكلاسيكيات الفلسطينية المعروفة حول الأرض والصمود، والقدس واللاجئين، من دون أن تستطيع نقل المشهد الشعري إلى فضاء أوسع وأرحب.

بهذا، يتساوى الخليلي إلى حد ما مع شاعر كعبد اللطيف عقل، وآخرين جاؤوا بعدهما. وإن اختلفت الخلفيات والمشكلات المعرفية ودوافع الكتابة لدى هؤلاء، إلا أن القصيدة التي أنتجها كلّ منهم ظلت غير قادرة على جذب المتلقي.

لم تكن مشكلة الخليلي في اللغة، ولا في المعرفة وأدواتها، إنما تمثّلت في جانبين؛ أولهما يعود إلى ارتباطه بالمؤسسة الرسمية الفلسطينية قبل أوسلو وبعدها، وثانيهما يأتي من توسعه في حقول معرفية من دون أن يكون متخصّصاً أو متعمّقاً في واحد منها.

ففي اللحظة التي جاء فيها بخطابه الشعري الجديد، منتصف السبعينيات، كانت يده تبحث في حقل معرفي آخر، هو الموروث الشعبي الفلسطيني، الذي انكّب على دراسته باهتمام محكم ومنقطع النظير، من خلال تقديمه عدة دراسات، من بينها "التراث الفلسطيني والطبقات"، و"أغاني العمل والعمّال في فلسطين"، و"البطل الفلسطيني في الحكاية الشعبية".

كان الخليلي دائم الانشغال بمشاريع بحثية جديدة ومواكبة الإنتاج المحلي وجمع مقالاته في كتب، ربما على حساب عن لغته الشعرية الخاصة. والأرجح أنه هذه من بين الأسباب التي حالت دون وصوله إلى عمق نهره. 

المساهمون