علمانيتهم "فنكوش" كبير

21 يوليو 2015
+ الخط -
انشَغَلَت وسائل الإعلام "الفرعونية"، طوال عام، تتحدث عن جمال الدستور العلماني ونقائه، وتنتقد دستور عام 2012 المستفتى عليه بنسبة 77%، وتعتبره رجعياً، وتهاجم محتوى ديباجته ومواده ونصوصه، وتعتبرها غير دستورية، وتتعارض مع حقوق الإنسان، واعتبره بعض فقهاء القانون الدستوري، من ماسحي الجوخ، دستوراً إسلامياً وإخوانياً، وإنهُ بحاجة إلى إعادة صياغة مجمل مواده أو إلغائه كاملاً، ليتناسب مع مفهوم الدولة المدنية الحديثة.
وبعد عام من الاستفتاء على دستور عام 2012، تم الإنقلاب عليه، وعلى المؤسسات المنتخبة، وشملت مؤسسة الرئاسة والبرلمان والنقابات والنوداي والاتحادات، وتعتبر المؤسسات الأولى المنتخبة انتخاباً حراً ونزيهاً في مصر، منذ عهد الفراعنة.
واستبشر بعضهم، بعد الإنقلاب العسكري، بحقبة جديدة، تسودها منظومة العدالة الانتقالية، وضوابطها تحكمها قيم مدنية علمانية، وتحقق الحرية والكرامة الإنسانية.
وراهن بعضهم على صدق وعود العسكر لهُم، وإمكانية أن يَعتَزِل العسكر الحياة السياسية، ويمنحها لأحزاب وقوى مدنية ليبرالية علمانية شاركته الانقلاب، بينما النتيجة فنكوش كبير، ومخالفة بالكامل لمجمل قيم العلمانية الغربية الحديثة. وللأسف، شهدنا مصر تُحكَم بقوة العسكر والدبابة، وتم تأميم البلاد عسكرياً، ولم تَسلَم الجامعات والمدارس من مظاهر العسكرتاريا، كما استغلوا كهنوت المؤسسات الدينية، ووظفوا الدين في خدمة أغراضهم السياسية.
وأصبحت مصر، في عهد دستورها العلماني "المتعلمِن" الإنقلابي، مستنقعاً من الدماء وسِجناً كبيراً، والقتل على الهوية في الشوارع والأزقة والبيوت، وتخلل هذا المشهد إغلاق الصحف والفضائيات ومؤسسات المجتمع الأهلية والخاصة، وتولي جنرالات ولواءات مهام إدارة المؤسسات القومية والمدنية والخاصة، واحتوت السجون على أكثر من أربعين ألف مُعتَقَل، والإعدامات مُتَتالية، ونسبة الفقر تزداد في كل يوم، وإضافة إلى ظاهرة الإنتحار المنتشرة، واتساع العشوائيات حول المدن الكبرى، وتفاقم ظاهرة العنوسة الكبيرة، وزيادة الهجرات الجماعية المتتالية عبر زوارق الموت نحو أوروبا، وإتضح الفَشل الأمني جلياً في عدم القضاء على الإرهاب المتصاعد، نتيجة انسداد مناخات التعددية السياسية، ونتيجة تولي منظومة تقليدية تزعمها الكهول الكبار في إدارة مؤسسات الدولة والمجتمع، واغتصاب الفتيات والشباب في عربات الترحيلات وأقبية التحقيق، وفَصل النخب الأكاديمية والصحية والتربوية وإقصائها، وإصدار قوانين وتشريعات غير دستورية في كل يوم وليلة، وتحصينها بواسطة مراسيم طاغوتية، وتكميم النخب والكتاب ورموز المعارضة والفقهاء والقُراء والساسة.
بينما في عهد الرئيس المنتخب، محمد مرسي، لم تغلق صحيفة واحدة، ولم يعتقل صحافي، ولم تُغلَق مقرات الأحزاب، وأطلق سراح المعارضين من السجون، ولم تعتقل الفتيات، ولم يصدر حكم واحد بالإعدام، وفتحت الفضائيات ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة أمام المعارضة لتهاجم وتنتقد، وسادت أجواء السيولة السياسية والحرية المطلقة، وأصبحت ظاهرة الإرهاب معزولة وهامشية، وبدأت مصر تستعيد حيويتها، وتعتمد على نفسها اقتصادياً، ولم تحصل على فلوس رُز وشحادة المال السياسي الخليجي، ووُضِعَت الحكومة خطوات مشجعة أمام المشاريع الإقتصادية والسياحية والتنموية.
BE72FBDD-86B0-4A1B-8C54-D24FE17CFE05
BE72FBDD-86B0-4A1B-8C54-D24FE17CFE05
ممدوح بري (فلسطين)
ممدوح بري (فلسطين)