علاج الوافدين في الكويت إلى ارتفاع

22 مارس 2017
يخشى أن يؤدي القرار إلى ترويج أدوية مغشوشة(العربي الجديد)
+ الخط -
ارتفاع أسعار الخدمات الصحية في الكويت، والتي تشمل الوافدين فقط، قد يشكّل أزمة حقيقية في البلاد، في ظل عجز كثيرين عن تأمين المال للعلاج، وهو ما دفع البعض إلى الاعتراض عليها

قريباً، تنتهي وزارة الصحّة الكويتيّة من إعداد مشروع رفع الرسوم الصحيّة على الوافدين بنسبة تصل إلى 300 في المائة، بحسب متخصّصين. وكانت وزارة الصحّة قد أعلنت مطلع العام الحالي أنّها ستشرع في زيادة رسوم الفحوصات الطبيّة والأدوية وعلاجات الأمراض الخطيرة، كالسرطان والالتهابات، على الوافدين في الكويت، إذ إنّ الأسعار القديمة لا تتناسب مع كلفة هذه الأدوية على خزينة وزارة الصحة.

وحصلت "العربي الجديد" على قائمة بأسعار الخدمات الصحيّة التي زادت، أبرزها علاجات سرطان العظام، والتي بلغت نسبة ارتفاعها أكثر من 1000%. كذلك، ارتفعت رسوم فحوصات الكلى والحمل والثدي والأشعة النووية بكافة أنواعها إلى نسب تراوح ما بين 100% و300%.

ويُرجّح أن يتضرّر أكثر من 7000 وافد مصابون بالسرطان. هؤلاء يتلقون العلاج في مستشفى مكي جمعة الحكومي المتخصّص في علاج الأورام السرطانيّة في الكويت، من جرّاء رفع رسوم العلاج الكيميائي من قبل وزارة الصحّة. وتراوح أسعار الجرع الكيميائيّة السابقة ما بين 1000 دينار كويتي (أي ما يعادل 3200 دولار أميركي) و7000 دينار كويتي (22 ألف دولار أميركي). وتتكفّل الجمعيّات الخيريّة ومنظّمات المجتمع المدني والإسلامي بتغطية التكاليف. إلّا أن زيادة الأسعار إلى الضعف أو الضعفين تعني أن هذه المنظّمات ستكون أمام مأزق حقيقي لناحية إمكانية توفير العلاج للمرضى.

ويقول عبد الرحمن المطوع، وهو مسؤول مبرة خيرية، لـ"العربي الجديد": "نجد صعوبة في تمويل علاج مرضى السرطان. وأحياناً، نضطر إلى تمويل جلسة علاج على حسابنا، فيما يدفع الوافد جلسة على حسابه، ما يعني أنّنا نخفّف عنه فقط". يضيف: "لا نستطيع التكفل بكلّ العلاجات، لأنّ أعداد المستفيدين كبيرة جداً. لكنّ مع ارتفاع الأسعار، فإن صندوق رعاية المرضى لدينا سيكون عاجزاً عن تلبية حالات كثيرة".

في هذا السياق، قدّمت عضوة مجلس الأمّة الكويتي، صفاء الهاشم، اقتراح قانون يقضي بمنع الوافدين من صرف الأدوية الصحيّة من المستوصفات الحكومية، على أن يقتصر دور مراكز الرعاية الصحيّة على توفير الفحوصات، في وقت يتوجّب على الوافد أن يشتري أدويته من الصيدليات الخاصة لتخفيف العبء عن ميزانيّة الحكومة الصحية ولتنشيط القطاع الخاص.

وتقول يوستينا عادل، وهي وافدة مصابة بالسرطان تتلقى العلاج في أحد مستشفيات الكويت، لـ"العربي الجديد": "كلفة علاجي حالياً هي 1200 دينار كويتي. وإذا ما زادت إلى الضعف، فلن أتمكن من دفعها في المستقبل القريب". تضيف: "تساعدني بعض المنظّمات الخيرية، لكنّ المشكلة أنّ شروط هذه المنظمات صعبة ومواردها محدودة، كما يقول القائمون عليها، ويُطلب من المرضى دفع ثمن العلاج للحكومة على أن تدفع لهم لاحقاً".


وكانت الحكومة الكويتيّة قد رفعت أسعار التأمين الصحي للوافدين بنسبة 110 في المائة أواخر العام الماضي. كذلك، ألغت جزءاً من علاج الفشل الكلوي الذي كانت تقدّمه للوافدين نظراً لكلفته العالية. وتقول الوزارة إن سبب رفع الرسوم هو قطع الطريق أمام أعداد كبيرة من الوافدين القادمين من الدول العربية، الذين يدخلون البلاد بتأشيرة زيارة مؤقتة، ويعالجون في المستشفيات الكويتيّة، ما يؤدّي إلى استنزاف ميزانية القطاع الصحّي في الكويت. وبعد انتهاء العلاج، يغادرون البلاد على الفور لأنّهم غير مقيمين فيها.

من جهته، يقول أمين محمد، الذي يعمل في مقهى، لـ"العربي الجديد": "قرار رفع رسوم العلاج غير إنساني، لأنّه يكبد العامل الوافد خسارة كبيرة جداً، خصوصاً أنّه يدفع التأمين الصحّي السنوي للحكومة، ويقدّر بـ130 دينار سنوياً (420 دولاراً أميركياً تقريباً)، أي أنّ راتب شهر واحد لعامل بسيط مثلي سيذهب للتأمين الصحي الذي تبين بعد رفع رسوم العلاج أنه لا يسمن ولا يغني من جوع". ويستغرب هذا التضييق في الكويت، خصوصاً أن "الخير كثير". ويرى أنّ التأمين الصحي لا يجب أن يكون مفروضاً على عمال لا تتجاوز رواتبهم 100 دينار شهريّاً أو أكثر.

إلى ذلك، ينتقد أطباء وعاملون في القطاع الصحّي في الكويت قرارات وزارة الصحة، قائلين إنّها لا تنسجم مع روح مهنة الطب التي تنص على علاج الجميع من دون النظر إلى أجناس الناس أو ألوانهم. ويقول الطبيب عمران دشتي، لـ"العربي الجديد"، إن الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة تجاه الوافدين وعلاجهم، بالإضافة إلى اقتراحات أعضاء مجلس الأمة، لا تصب في الصالح العام مطلقاً. يضيف أنّ كلفة علاج الوافدين ليست كبيرة وميزانية وزارة الصحة المرتفعة سببها شيء واحد هو سوء الإدارة الحاصل فيها والناتج عن محاصصات سياسية أنتجت ما عرف بأزمة العلاج السياحي التي كلفت الدولة ملياري دولار العام الماضي، بالإضافة إلى سوء توزيع المرضى على المستشفيات، وقلة الأسرّة في المراكز الصحية.

يضيف أنّ إقصاء الوافدين من القطاع الصحي، ورفع الأسعار لدرجة كبيرة جداً، هو قرار غير إنساني، وقد يؤدي إلى ترويج أدوية مغشوشة ومقلّدة بسبب أسعارها الرخيصة، ويفتح المجال أمام العيادات التي تعمل من دون إشراف من الحكومة وتحت رعاية أطباء مزورين من دول أخرى، ما يخلق أزمة صحية أكبر.

المساهمون