رغم ان عقارات لندن أغلى من الذهب وملاذ آمن للأثرياء، فإن هنالك مخاوف هذه الأيام من حدوث تصحيح مؤلم في أسعارها خلال الشهور المقبلة. الحديث الذي يشغل بال المستثمرين في لندن هذه الايام هو احتمال حدوث هبوط كبير في العقارات الفاخرة البريطانية بسبب ضريبة الارباح التي ستدخل حيز التنفيذ في ابريل/ نيسان المقبل. وتبلغ ضريبة الارباح التي ستجبى من مبيعات العقارات البريطانية 28%. وتأخذ هذه الضريبة من الزيادة في ثمن العقارات "اي الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع".
وقالت مصادر في مجموعة "لويدز" المصرفية، التي تعد أكبر المقرضين في تجارة العقار في بريطانيا، انها ستتفادى الاستثمار في تمويل مشاريع العقارات الفاخرة في لندن. وهذا يعد مؤشرا على أن العقارات البريطانية الفاخرة ربما تأخذ رحلة تصحيحية خلال الفترة المقبلة. يذكر أن العقارات البريطانية في منطقة وسط لندن ارتفعت في العام الماضي بنسبة 10% وبلغ معدل الارتفاع 37% في قطاع العقارات عالية الفخامة في مناطق مثل بلغرافيا وتشيلسي وهولاند بارك و"ماي فير" ومناطق "نايتسبردج". هذه مناطق يكثر عليها الطلب من المليارديرات وسياسيي الشرق الاوسط وأمراء الخليج .
ورغم تصريحات مسؤول في مجموعة لويدز المصرفية باحتمال حدوث هبوط كبير في العقارات الفاخرة، فان عقاريين في لندن، تحدثوا مع " العربي الجديد"، قالوا إن المخاوف من هبوط العقارات الفاخرة في مناطق لندن الاستراتيجية غير مبررة. وقالت روزي خلاسكي، من وكالة بيشام ستيت المتخصصة في العقارات الفاخرة: "لا أعتقد أن العقارات الفاخرة في مناطق لندن الاستراتيجية ستهبط .... سوق العقارات الفاخرة في لندن قوي وزبائنه الاثرياء من كل أنحاء العالم ". وأضافت: "المستثمرون في هذه العقارات يستثمرون للأجل الطويل، ويأتون من كل أنحاء العالم. يأتون من آسيا والشرق الاوسط واميركا اللاتينية ... إنهم يشترون العقارات البريطانية لحفظ ثرواتهم". ويلاحظ أن الاثرياء الذين يشترون العقارات البريطانية معظمهم من الاجانب الذين يدفعون نقداً". وعما اذا كانت أزمة أوكرانيا واحتمال تأثير ذلك على العقارات الفخمة في لندن، قالت: "لا أدرى كيف تتطور الاحداث" ويذكر أن عقاريين آخرين تخوفوا من أن تؤثر العقوبات الاميركية والاوروبية على سوق العقارات البريطانية. وقال عقاري بريطاني لـ" العربي الجديد": "لا أعرف بالتحديد حجم الاموال الروسية المستثمرة في السوق البريطاني، ولكن حجم الاستثمارات الروسية في أنحاء أوروبا يقدر بحوالي 100 مليار دولار. وكانت تقارير أميركية قد ذكرت أن الحكومة الروسية وتحديداً بنك روسيا المركزي سحب أكثر من 108 مليارات دولار من أميركا. ولا توجد أرقام حتى الان تشير الى حجم الاموال التي سحبتها روسيا وأثرياؤها من بريطانيا. ولكن روزي خلاسكي تقول" إن أية أزمة عالمية تكون مفيدة للعقارات البريطانية الفاخرة لن تتأثر بهذه الضريبة، لأن أثرياء البلدان التي تحدث فيها أزمة سياسية عادة يهربون الى لندن حيث الملاذ الآمن، وأول ما يفعلونه حين حضورهم الى لندن هو شراء عقار في منطقة الوسط".
من جانبه، قال عقاري عربي يتابع العقارات الفاخرة في لندن لصالح بعض الوكالات العقارية، لـ" العربي الجديد": "بعض المستثمرين الاجانب سيحاولون الخروج من السوق البريطاني قبل حلول ابريل/ نيسان المقبل، وهو موعد أوان الضريبة البريطانية على ارباح رأس المال".
وقال إن المستثمرين الاذكياء سيحاولون تفادي دفع هذه الضريبة، خاصة الذين اشتروا في فترات الاسعار المنخفضة، ثم بعد ذلك ربما يعودون إلى السوق بعد تطبيق الضريبة". ويقول إن العامل الثاني الذي سيؤثر في العقارات الفاخرة البريطانية هو الانتخابات البريطانية المقبلة في عام 2015 . وأشار الى أن هذه الانتخابات ربما تؤدي الى تغيير حكومة التحالف الحالية.
إلى ذلك أشار يسار حسن، المستثمر العراقي الذي يتابع عقارات وسط لندن، إلى أن الحكومة البريطانية اتبعت اسلوب تحفيز أثرياء العالم من الدول التي تعيش حالة عدم استقرار. وقال إن هذا التحفيز يتمثل في منح الاجانب الذين يستثمرون في بريطانيا الاقامة الدائمة وفرصة الحصول على الجنسية البريطانية في فترة ثلاث سنوات أو خمس سنوات. وحسب قوانين الاقامة البريطانية فإن الاجنبي الذي يستثمر مبلغ ربع مليون جنيه استرليني ( حوالي 400 الف دولار) في مشاركة تجارية في بريطانيا أو شراء شركة توظف على الاقل اربعة أشخاص بريطانيين أو أوروبيين يُعطى اقامة دائمة فوراً.وفي حال استثمار الاجنبي مبلغ مليون جنيه استرليني ( 1.65 مليون دولار) فسيحصل الاجنبي على جواز السفر البريطاني في خمس سنوات، واذا استثمر 10 ملايين جنيه استرليني فانه سيحصل على الاقامة فوراً وجواز السفر البريطاني في ثلاث سنوات. وقال يسار حسن إن هذه الاغراءات تساهم عادة في إنعاش العقارات الفاخرة لان الاستثمار في العقار مضمون، ولا يتضمن التعقيدات التي تشملها الاستثمارات التجارية الأخرى.