عصور ما قبل التاريخ.. بعيداً عن العين الكولونيالية

05 مارس 2018
رسومات كهوف تاسيلي/ الجزائر
+ الخط -

انطلق صباح اليوم ويتواصل غداً "الملتقى الوطني الأول لعصور ما قبل التاريخ في منطقة سطيف"، حيث تقام جلساته في "المتحف العمومي الوطني للآثار" في الولاية، وتناقش الدراسات الأركيولوجية المتخصّصة في حقبة ما قبل التاريخ التي أجريت حول المنطقة التي تقع شرق الجزائر.

تعتبر سطيف من أكثر المناطق غنى بمواقع الآثار التي تعود إلى ما قبل التاريخ، وقد عُثر فيها على آثار ذات أربع طبقات تاريخية؛ الأولى العصر الحجري القديم حيث الثقافة الألدوانية والأشولية، ثم العصر الحجري القديم المتأخر الممثّل في المواقع المعروفة بالرماديات، والعصر الحجري الحديث الممثّل بالنقوش الصخرية، إضافة إلى موقع كاف الزمام.

محاور الملتقى الذي يشارك فيه آثاريون وأكاديميون من مختلف مناطق الجزائر تتضمّن: تاريخ أبحاث ما قبل التاريخ، والأهمية الأثرية للمنطقة في التعمير البشري لشمال أفريقيا، إلى جانب تناول النتائج التي توصّل إليها مشروع بحث موقع عين لحنش، والأبحاث الأثرية حول موقع مجاز، كما يخصّص الملتقى جلسات للبحث في الصناعات الحجرية والعظمية المنسوبة إلى الإنسان، والدراسات البالينتولوجية لبقايا الحيوانات العظمية.

إلى جانب برنامج الجلسات النقاشية والمحاضرات، ينظّم القائمون على الملتقى عدّة ورشات من بينها ورشة حول صناعة أدوات حجرية لما قبل التاريخ، وأخرى عن الفن ما قبل التاريخ أو الرسومات الصخرية.

يأتي الملتقى عقب الاكتشاف، الذي جرى الكشف عنه مؤخراً، لثلاثة مواقع أثرية جديدة لنقوش صخرية، تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ في بريان. وكانت الدعوات قد انطلقت في السنوات الأخيرة بضرورة وضع "خريطة أثرية جديدة" في البلاد، إذ لا يزال عمل بعثات التنقيب يعتمد "الأطلس الأثري للجزائر" الذي وضعه الباحثون الفرنسيون في حقبة الاستعمار، رغم أنها دراسات غير موضوعية ومتحيّزة تفترض الوجود الأوروبي القديم في شمال أفريقيا وتنسب معظم اللقى والصناعة الحجرية القديمة إلى الإنسان الأوروبي.

عن ذلك يقول الباحثان الجزائريان أبركان كريم وبلقاسمي سمير "لم تكن بدايات الأبحاث الأثرية عموماً، وأبحاث ما قبل التاريخ خصوصاً، في شمال أفريقيا ناتجة عن تفكير مسبق ولا عن اختيار مقصود، وإنما نتيجة مباشرة للمد الاستعماري".

ويعتبر الباحثان في دراسة حول "أسس أبحاث ما قبل التاريخ في شمال أفريقيا" أن ثمة علاقة طردية متينة بين تقدم الأبحاث، ووتيرة التوسّع التي تمثّلت في الاستكشافات الفرنسية الكبرى وكانت تهدف إلى جمع أكبر قدر ممكن من المعارف المتعلّقة بالمحيط، بمفهوميْه الفيزيائي والأنثروبولوجي، والتي استنتج على إثرها الفرنسيون أنه بالإضافة إلى الغزو فإن هذه البلاد مصدر علم ومعرفة".

يظلّ السؤال المطروح حول المنهجية التي ينوي الآثاريون اعتمادها لتحديث "الأطلس الأثري للجزائر" وتعقيمه من بعده الكولونيالي وإعادته إلى الموضوعية العلمية التي ينبغي أن يكون عليها، فكيف ومتى يجري اتخاذ خطوات عملية في هذا السياق، ومن يقوم بها؟ قد يكون الملتقى الحالي أحد وسائل التفكير في ذلك. 

المساهمون