وخلال اللقاء، شبّه حجي تفريعة قناة السويس التي أنشأها السيسي في عام 2015 بـ"جهاز الكفتة"، الذي أعلنه الفريق الطبي التابع للجيش المصري، برئاسة اللواء إبراهيم عبد العاطي، وزعم اكتشاف جهاز لعلاج مرضى "الإيدز" و"فيروس سي" في أعقاب انقلاب 2013، لكون مشروع التفريعة أهدر على مصر 8 مليارات دولار استدانتها من الخارج من دون جدوى بدعوى "رفع الروح المعنوية".
وقال حجي: "تفريعة قناة السويس لا تفرق شيئاً عن موضوع جهاز الكفتة، ولو كان هناك من تصدى لمشروع التفريعة لم تكن مصر قد استدانت 8 مليارات دولار، التي ساهمت في انهيار جزء من قيمة الجنيه، من أجل رفع الروح المعنوية!"، مستطرداً "هناك فارق بين الأمل والهبل... الهبل أن ترفع روحك المعنوية عشان تروح بيها فين؟ لازم يكون في اتجاه عشان أمشي فيه... والأمل هو رؤية توصلني إلى أهدافي بعد سنوات محددة".
وأضاف حجي: "عندما كنت مستشاراً لرئيس البلاد، لم تكن هناك رؤية، وكنا نعمل وفق منظومة اليوم بيومه... لم يكن هناك برنامج نعمل في إطاره، كل ما يهم أن تكون صورتنا جيدة أمام الضيوف"، مستكملاً: "الحكومة المصرية مشغولة بتحسين صورتها أمام العالم، وليست مشغولة بصورتها أمام شعبها... المهم بالنسبة إلى المسؤولين في مصر أن تكون الحاجة شكلها حلو، ومش مهم الحاجة نفسها تبقى حلوة".
وتابع: "الطموح في الرئاسة كان يتمثل في العودة 50 عاماً إلى الوراء، إلى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأن يتغنى الإعلام بالأمجاد التي مضت"، عازياً تقديم استقالته من منصب مستشار رئيس الجمهورية عام 2014 إلى "حملة الهجوم الممنهجة عليه، والمستمرة على مدى السنوات الخمس الأخيرة، بسبب فضحه ما يسمى (جهاز الكفتة)، بعدما طلب منه إما الدفاع عن الجهاز وإما الصمت باسم الوطن!".
وزاد حجي: "أنا لم أدخل في السياسة، ولكنهم من أدخلوا السياسة في العلم... لست من اخترع جهاز الكفتة، وقلت إن هذا (الإيريال) يعالج مرض الإيدز وفيروس سي"، مستدركاً: "طلب مني دعم هذا الشيء (الجهاز)، بحجة أن دعم هذا الدجل العلمي هو عمل وطني... وكل الناس اللي شاركت في الجهاز أصبحت في مناصب أعلى، ومنهم رئيس لجنة التعليم في مجلس النواب جمال شيحة، الذي جاء إلى مقعده معيناً من رئيس الجمهورية!".
وواصل في حديثه: "اللواء عبد العاطي إنسان حر الآن، ويتحرك كيفما يشاء داخل مصر، ونحن لا نستطيع الذهاب إلى بلدنا، وجميع محاضراتنا تلغى... هذه المأساة تأتيكم باسم حب الوطن، والحالة المرضية للإعلام المصري تؤكد المأساة... فالإعلاميون (الموالون) يتحدثون عن حب الوطن، وليس لديهم شيء ليقدموه إلى مصر... وأنا لم أطلب مقعداً في مجلس النواب، أو تكوين أحزاب سياسية، كل ما أنشده هو دولة آدمية".
وشدد حجي على ضرورة أن يكون التعليم هو مشروع الدولة الأول، قائلاً: "مافيش نصرة في أي معركة وراءها عقل جاهل، ومافيش سلاح في يد أي محارب تحكمه قوة هذا السلاح، ولكن قوة العقل الذي يستخدمه... والدفاع الحقيقي عن البلد يبدأ بعقل المواطن المصري، وليس السلاح المستورد من الخارج... والشيء المؤلم أن هذه الأفكار ليست على مستوى العامة، ولكن كذلك على مستوى المسؤولين والقيادات الفكرية".
وأضاف حجي: "لا يوجد باحث علمي يعمل في الخارج ينتظر من الإعلام المحلي الاحتفاء به أو تمجيده، ونحن لا نريد للعلم أن يكون مادّة للفخر، بل مادّة للنفع، حتى تخرج مصر من كبوتها، ويكون العلم جزءاً من حياتنا اليومية... الإعلاميون لا يهينون العلم فقط، ولكن يسيئون أيضاً لأي شيء لا يصبّ في مصلحتهم الشخصية... وهم يخافون من العلم، لأن وجود تعليم في مصر يعني عدم بقائهم في أماكنهم، أو رؤيتهم مجدداً على شاشات التلفاز".
واستطرد بالقول: "العالم العربي يحتل الصدارة في الشائعات العلمية، والسبب بسيط هو أن الحرية والعلم لا بد أن يجتمعا في عقل واحد... فالشخص المكبوت السجين المقهور لا يمكن أن يكون العلم جزءاً من حياته... كلما زاد القهر اختفى العلم من حياتنا... العقل السجين لا يمكن أن يبدع أبداً، لأن الحرية هي أساس الإبداع... واختفاء الحريات في العالم العربي أدى إلى تراجع الإبداع، ودخول عصر اللاعلم ومعاداة العلم".
وتابع حجي قائلاً: "الإعلاميون الذين يستهزئون في حديثهم عن العلم، ويسخرون من التعليم، كان حديثهم سيختلف لو كان عن الأمن أو الأسلحة في مصر... ولكنهم يتحدثون بمنتهى الاستهتار عن التعليم لأنهم غير معنيين بالتعليم الحكومي... فهم يدعون الوطنية، وأولادهم يولدون ويتعلمون في أميركا وأوروبا، وأسرهم تعالج في مستشفيات الخارج، ولا يأكلون إلا ما هو مستورد... ومصر بالنسبة لهؤلاء مجرد معسكر عمل!".
وتعليقاً على تصريح السيسي السابق (يعمل إيه التعليم في وطن ضائع)، قال حجي: "المواطن المصري البسيط لا يملك الحلول التي لدى هؤلاء (الحكام وحاشيتهم)، فهم يقولون إن التعليم ضائع، ويهزأون بأحلام الملايين الذين يواجهون مشقات الحياة لتعليم أبنائهم... كما من يقول لمريض في المستشفى تناول هذا العلاج، ولكنك ستموت في النهاية... هذا يعني أن هناك 18 مليون ميت يعيشون وسطنا، و18 مليون طالب ليس لديهم مستقبل".
وختم العالم المصري: "التعليم في مصر ليس مجانياً، ولكنه ببلاش، ومايسواش... بمعنى أن المواطن لا يدفع شيئاً، وأبناؤه لا يتعلمون شيئاً، والمعلم لا يتقاضى شيئاً، والطالب في النهاية يحصل على شهادة لا تساوي شيئاً... هذه معادلة صفرية، وكل أطرافها خاسرة، والمهم لدى الدولة (النظام) أن يكون هناك تعليم ولو شكلياً... ويكفي القول إن الرئيس المصري (السيسي) لم يزر مدرسة واحدة على مدى 5 سنوات كاملة!".