وجاءت تصريحاتهم بعد موجة اللغط التي حدثت، أخيرا، في العراق جراء تباين الاستقطاع بين مكتب صرف وآخر بالنسبة للمتقاعدين، إضافة إلى عمليات سرقة تتم خارج مكاتب الصرف من قبل عصابات يتحين أفرادها فرصة خروج كبار السن لسلبهم ما استلموه من تلك المكاتب.
وفي السياق، أكد قاضي التحقيق، إحسان مجيد حنون، في بيان نشره موقع مجلس القضاء الأعلى في العراق، أخيرا، أن انتشار عصابات لسرقة الأموال المتحصلة من منافذ تسليم البطاقات الذكية لصرف الرواتب، تفاقم لكثرة مكاتب ومنافذ التسليم.
ويتوفر نحو أربعة ملايين متقاعد في العراق على البطاقة الذكية (الكي كارد)، والتي تمكنهم من استلام مرتباتهم الشهرية من مكاتب الصرف.
وأشار إحسان، إلى أنه لم ترد إلى محكمة تحقيق البياع، قضايا من هذا النوع تصنف على أنها جرائم منظمة سوى العديد من الشكايات حول سرقة الرواتب بعد استلامها من هذه المكاتب وبطرق عدة تدل أغلبيتها على كون الضحية كان مستهدفا.
وأوضح المتحدث أن هناك ترتيبا من قبل السارقين للقيام بجرائمهم لتتبعهم الضحية أو مراقبة لمكاتب صرف الرواتب، لافتا إلى أن أغلبية هذه الجرائم تقع بالقرب من هذه المكاتب، لكن حتى الآن لم يتم القبض على عصابة منظمة تقوم بهذه السرقات، سوى أفراد متفرقين، لافتا إلى أن أي منفذ للأموال معرض للسرقة لأن هناك أوقاتاً ومواعيد للصرف وهذه المكاتب والمنافذ ليست مؤمنة كالمصارف وبالتالي من السهولة مراقبتها وتتبع روادها لا سيما المتقاعدين.
من جهته، يقول المواطن انمار عباس من محافظة ديالى شمال شرقي بغداد: "تعرضت للنصب من قبل بعض مكاتب الدفع الآلي، وذلك باحتساب أجور المكتب بشكل مضاعف خلافا للمبلغ المحدد من قبل المصارف أو الجهات المالية الرسمية، وفي إحدى المرات التي قمت فيها باستلام الراتب التقاعدي الخاص بوالدي وقدره 830 ألف دينار (نحو 700 دولار)، استقطع منفذ الصرف 15 ألف دينار (نحو 12 دولارا)، فيما كان يجب أن يستقطع دولارين أو أقل، وهكذا يتم استغلال الكثير من أصحاب الرواتب الذين يتعاملون بهذه البطاقة الكي كارد، نظرا لعدم معرفة الكثير من المواطنين بالمبلغ المحتسب لتلك المنافذ أو لعدم معرفتهم بالمنافذ المرخصة والتي لا يمكن أن تقوم بالاحتيال على المواطن خوفا على سمعتهم في السوق".
وتابع في حديثه لـ"العربي الجديد": "بعد استلام عدة رواتب من تلك المكاتب استفسرت من بعض المتقاعدين، وأوضح لي بعضهم أنه يستلم من مكتب آخر غير الّذي استلم منه وأن المبلغ الّذي استقطع من راتبه كان ألفين و200 دينار، أي أقل من دولارين رغم أن راتبه التقاعدي لأربعة أشهر بلغ 950 دينارا (نحو 800 دولار)".
وشدد المتحدث على أنه " لا بد للمتقاعدين أو كل من يتسلم راتبه عن طريق بطاقة الكي كارد وغيرها التحري عن المكاتب الموثوق فيها والسؤال قبل استلام الراتب عن أجور المكتب المستقطعة، حتى لا يقع ضحية نصب بعض ضعاف النفوس ممن يحتالون على رواتب المواطنين وأرزاقهم، كما يجب التبليغ عن تلك المكاتب وتحذير الآخرين منها".
من جهتها، تقول الخبيرة القضائية مِنن المهداوي، لـ"العربي الجديد"، إن وسائل متعددة تستخدمها تلك العصابات للاحتيال على المتقاعدين الّذين لا يمتلكون الخبرة والدراية الكافيتَين في استخدام تلك البطاقات، مستغلين بذلك تقدم أعمار بعض المتقاعدين، خاصة أن الكثيرات من ربات البيوت اللواتي لم يحصلن على تعليم يستلمن تقاعد أزواجهن أو ذويهن المتوفين.
وتشير المهداوي وهي تعمل في محكمة استئناف ديالى، إلى ضرورة قيام المتقاعدين الذين يتعرضون لحالة نصب واحتيال بتقديم شكوى جزائية لينال المحتالون عقوبتهم وفق المادة 456 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، موضحة أن هناك منافذ مرخصة من قبل المصارف وهي تابعة لوزارة المالية وهناك منافذ الصرف الآلي غير مرخصة لا تتعامل معها المصارف العراقية، وإذ ما تم تقديم شكوى فسوف تتم محاسبة تلك المنافذ غير المرخصة أو من يقوم بالاحتيال على المواطنين والتلاعب بأرزاقهم.