عشيّة ذكرى الثورة الليبية: المؤتمر والحكومة بلا شرعية

05 فبراير 2014
+ الخط -

انقضت 3 سنوات من عمر ثورة 17 فبراير في ليبيا، من دون أن تنجح في تلبية معظم تطلعات المواطنين؛ اذ لا أثر لحكومة قوية قادرة على تسيير شؤون البلاد ومرافق الدولة، والانفلات الأمني مدعوم بميلشيات لا تعترف بشرعية سوى لسلاحها.

هذا الوضع يتفق الجميع في ليبيا على استحالة استمراره على هذا النحو، وخصوصاً بعد التظاهرة الشعبية التي خرجت في أكثر من مناسبة للتنديد بالأوضاع المتردية على جميع الصعد. على الرغم من ذلك، لا يوجد توافق بين القوى السياسية والشعبية والجماعات المسلحة وحتى القبائل، حول كيفية مواجهة الأزمات المتلاحقة.

ويعلو في الشارع الليبي اليوم صوتان، الاول يطالب بعدم التمديد للمؤتمر الوطني العام (البرلمان)، وبرحيله من المشهد السياسي بعد فشله في انجاز الاستحقاقات الشعبية. في ما يقابل هذا الرأي صوت آخر يطالب منذ فترة برحيل الحكومة التي يرأسها علي زيدان، لعدم إنجازها المطالب الرئيسية للثورة. ويضغط أصحاب هذا التوجه على المؤتمر لأن يبادر إلى سحب الثقة من الحكومة على الرغم من أن محاولته المتكررة للقيام بهذا الأمر فشلت، مثلما لم يؤدِّ انسحاب 5 وزراء تابعين لحزب "العدالة والبناء" (الذراع السياسي للإخوان المسلمين) من الحكومة إلى دفع زيدان للتخلي عن رئاسة الوزراء.

حتى إن الأخير أعلن أنه باقٍ في منصبه، ويستعد لتشكيل حكومة جديدة خلال أيام، الأمر الذي ينبئ بحدوث أزمة في حال لم يتم الشروع في تطبيق خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية التي تم التوافق عليها قبل أيام.

الخريطة التي وافق أعضاء المؤتمر الوطني العام عليها يوم الاثنين الماضي، بغالبية 146 عضواً من أصل 149 حضروا الجلسة، تقضي بمنح الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور التي ستنتخب في 20 شباط/ فبراير المقبل، 60 يوماً من تاريخ أول جلسة لها حتى تقدم تقريراً للمؤتمر الوطني، تؤكد من خلاله ما إذا كانت قادرة على إنهاء مشروع الدستور خلال شهرين آخرين من ذلك التاريخ، أم لا.

وفي حالة تأكيد الهيئة قدرتها على إنهاء مشروع الدستور، فسيُعرَض على الاستفتاء الشعبي خلال 30 يوماً من تاريخ إنهائه. وإذا حصل على موافقة ثلثي الناخبين، تصادق عليه الهيئة، ويُحال إلى المؤتمر الوطني العام لإصداره.

أما في حال لم تتم الموافقة على الدستور، فتتولى الهيئة إعادة صياغته عندها، وطرحه مجدداً على الاستفتاء خلال 30 يوماً من تاريخ إعلان الاستفتاء الأول، ثم يصدر المؤتمر الوطني العام قانون الانتخابات العامة وفقاً للدستور خلال ثلاثين يوماً أيضاً.

وإذا أكدت هيئة صياغة مشروع الدستور تعذر إتمام الدستور في المدة المحددة، يتولى المؤتمر الوطني العام عندها تفعيل التعديلات الدستورية التي صادق عليها المؤتمر الوطني في أيار/ مايو الماضي، والتي تقضي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق مشروع ستتولى إعداده لجنة برلمانية تشكل خلال الشهر الجاري.

وتنص خريطة الطريق الجديدة كذلك على أن تُجرى الانتخابات العامة خلال 120 يوماً من تاريخ صدور القوانين المنظمة لذلك.
والانتهاء من المرحلة الانتقالية يُعدّ حاجة ملحّة في ليبيا لمحاولة ضبط الوضع الأمني المتدهور واستمرار محاولات الفصائل المسلحة وفرض رؤيتها لحل الأزمة السياسية.
وقبل يومين، أصدر "لواء القعقاع"، التابع لمدينة الزنتان، وهو من بين إحدى الكتائب المنضوية تحت رئاسة الاركان الليبية، ويتولى مهمة حراسة الحدود، بياناً يدعو فيه المؤتمر الوطني العام إلى ترك السلطة في 7 شباط/ فبراير"بسبب تحويله الاختلافات الايديولوجية إلى صراعات سياسية، متجاهلاً الاستحقاقات التي انتخب من أجلها وفي مقدمتها الدستور".
وهدّد "لواء القعقاع" كل من يستخدم العنف ضد المطالبين برحيل المؤتمر الوطني العام، وهو ما استدعى رداً سريعاً من قيادات الثوار في مدينة مصراتة، الذين اصدروا بياناً وصفوا فيه الدعوات لرحيل المؤتمر بأنها "هرج ومرج من بعض الأشخاص والجهات المعروفة وغير المعروفة لمحاولة ادخال البلاد في فوضى". وشدد هؤلاء على أن "المؤتمر الوطني العام هو الجسم التشريعي في البلاد والذي انتخبه الشعب وهو خط أحمر".
كما أكدوا في بيانهم أن"المساس بوحدة الوطن ووحدة ترابه، خط أحمر، وأن الثوار جاهزون في أي وقت وأي مكان لحماية ثورة 17 فبراير"، لكنهم طالبوا في الوقت نفسه، المؤتمر الوطني العام بوضع جدول زمني وخطة عمل واضحة المعالم، يوضح فيهما الاستحقاقات المزمع تنفيذها.

ووسط محاولات كل فصيل من المجموعات المسلحة، فرض رؤيته للحل، تقف قوة ثالثة بزعامة عدد من قيادات الجيش الليبي السابقين، مثل اللواء خليفة حفتر، واللواء سليمان العبيدي، وخلفها قوات من الجيش الليبي وعدد من القبائل الليبية من مختلف المناطق. وتطرح هذه المجموعة على القوى السياسية أن تشكّل مجلساً رئاسياً يضم من يتم التوافق عليهم من القبائل كسلطة بديلة عن المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية، أو الابقاء على السلطتين لتسيير أمور البلاد، على أن يختص المجلس الرئاسي المقترح بأمور الامن وبناء الجيش والشرطة بعيداً عن الصراعات الايديولوجية التي تذهب بليبيا الى الكارثة.

 

دلالات
المساهمون