عشر سنوات على أحداث الضواحي الفرنسية: لا شيء تغيّر

27 أكتوبر 2015
ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات انتشرت فيها الحرائق (أسوشييتد برس)
+ الخط -
لم يكن يعلم الفرنسيون أنّ حادثة مقتل الطفلين زياد بنة (17 عاما) وبونا تراوري (15 عاما) في ضاحية كليشي-سو بوا ستشعل البلاد برمّتها، وستتحوّل معها الاحتجاجات التي اندلعت ليلة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2005 إلى كتلة نار تطوّرت إلى حدّ مأساوي أجبرت الحكومة الفرنسية على إعلان حال الطوارئ، بعد عشرة أيام متواصلة من شغب الضواحي كانت نتيجتها ما يزيد عن ثمانية آلاف سيارة محروقة ومئات المباني المشتعلة وستة آلاف موقوف.

في ذكرى "أحداث الضواحي"، سلّطت الصحف الفرنسية الضوء على الاضطرابات التي أعقبت مقتل الطفلين زياد وبونا صعقا بالتيار الكهربائي، بعد ملاحقتهما من الشرطة الفرنسية في ضاحية كليشي-سو بوا. واهتمّت الصحف بمتابعة مجريات محاكمة الشرطيين المسؤولين عن المطاردة آنذاك، بعد قرار محكمة "بوبني" تبرئتهما في أيار/مايو الماضي، الأمر الذي قابله أهالي الضحيتين وسكان الحي باحتجاجات وتهديد بالتصعيد في حال عدم البتّ بقرار المحكمة.

في عرض للأسباب التي أدّت إلى اشتعال الضواحي بشكل سريع، كتبت سيلفيا زابي في "لوموند": "تشكّل الضاحية الفقيرة التي يتحدّر منها الشابان زياد وبونا، المثال الفاقع على الضواحي الباريسية التي تقطنها أغلبية ساحقة من الجالية العربية المغاربية والأفريقية، في ما اصطلح "الجيل الثالث من المهاجرين". هؤلاء ولدوا هنا في فرنسا، يتكلمون لغتها وتكاد تكون روابطهم مع بلادهم شبه مقطوعة. 45 بالمئة منهم يعيشون تحت خط الفقر، و35 بالمئة يعانون من بطالة مزمنة، إضافة إلى التفكك العائلي لدى القسم الأكبر من شباب الضواحي
(معظمهم وحيد الأبوين). لذلك ترى التعاضد الكبير الناشئ عن إحساس بالظلم واليأس العميق الذي يجمع أبناء تلك الأحياء". وأضافت زابي "أخطأت الدولة الفرنسية كثيرا في تعاطيها مع ملف الضواحي، ولم تكن نبرة وزير الداخلية آنذاك نيكولا ساركوزي ـالذي وصف أبناء الضواحي بـ"الحثالة" ودعا إلى "تنظيف صناعي"- إلا لتزيد نقمة هذه الشرائح الاجتماعية تجاه المؤسسات الفرنسية".

بدورها أجرت "لوباريزيان" حوارا مع أحد رفاق الشابين زياد وبونا والذي شارك بأحداث 2005. يروي الشاب كيف انتشر الخبر قبل ساعة الإفطار بقليل، وكيف هرع الشبان إلى الشارع في كليشي- سو بوا "كنا في شهر رمضان، زياد وبونا رفاقي في المدرسة، كانا عائدين رفقة صديقهما محي الدين إلى منازلهم، وهربا من دورية للشرطة ولجأ كل منهم إلى مركز EDF (كهرباء فرنسا). عند الساعة السادسة مساء انتشر الخبر: زياد وبونا ماتا صعقا بالتيار الكهربائي ومحي الدين أصيب بحروق بالغة وهو في المستشفى. نزلنا إلى الشارع بالحجارة وجمعنا الزجاجات الفارغة، وبدأنا المواجهة مع الشرطة. عند منتصف الليل كنا قد أحرقنا 23 سيارة وكنا نشعر بالفرح مع استدعاء مزيد من عناصر مكافحة الشغب. كنا نعرف جيدا أنّ السكوت عن تلك الجريمة سيفاقم الوضع سوءا".

وعما يتذكره من الأيام التي تلت تلك الليلة يقول كريم "استمر الوضع على ما هو عليه، أقسم لك أنني كنت كل ما ألقيت نظرة من شباك غرفتي وجدت نارا تشتعل في زوايا المدينة. ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات، انتهت بإعلان رئيس الحكومة آنذاك دومينيك دوفيلبان حالة الطوارئ، فهدأت باريس واستكانت باقي أحياء المدن الكبرى مثل مرسيليا وتولوز وستراسبورغ". سأله
محاوره عما إذا كان نادما على مشاركته بالأحداث فكان جوابه أبدا". كانت انتفاضة اجتماعية محقة، مؤقتة وليست عن سابق إصرار وتصميم. وأقول لك مجددا، الظروف كلها ما زالت متوفرة لتشتعل الضواحي مجددا: المؤسسات الفرنسية والشرطة أصبحت أكثر عدوانية والظلم لم يتوقّف".

أما صحيفة "الأوبسرفتور" فقد أجرت حوارا مع عادل بنة، شقيق الضحية زياد بنة الذي قال "أصبحت فرنسا كابوسنا، نحن لا نريد خرابا في فرنسا، هذا البلد أعطانا الكثير لكنّه أخذ منا زياد. اليوم بت أفهم المشهد في تلك الأيام: الصرخات، النار المشتعلة، الطوافات في الجو، الحجارة والمولوتوف.. أعتقد أنّ هؤلاء أيضا أحسوا بوجعنا لأنه وجعهم أيضا". وأضاف عادل بنة "أنا لا علاقة لي لا بالسياسة ولا بالإعلام ولا يعنيني ما يحكى عن نوايا مدبّرة لإشعال الضواحي. أستطيع القول إنّ أبناء الضواحي لم يستغلوا هذه الحادثة لتخفيف غضبهم. هي ردة فعل طبيعية على حادث مأساوي خطف شابين في مقتبل العمر". وختم عادل "هذا البلد لم يعد يطاق "عنصرية وإسلاموفوبيا وإصرار على تصويب العدالة لتتماشى مع مصلحة الأقوياء".



اقرأ أيضاً: التمييز على أساس الجنس.."لو فيغارو" تعتذر عن سقطتها
دلالات