عز الدين التميمي... الإفطار الأخير بعد مطاردة جنود الاحتلال
محمود السعدي
قبل ساعات من استشهاده في السادس من الشهر الجاري، كان الشاب عز الدين عبد الحفيظ التميمي (21 عاماً)، من قرية النبي صالح شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، يتناول على عجل وجبة الإفطار مع عائلته، في اليوم العشرين من شهر رمضان المبارك، ثم انطلق مسرعاً خشية اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تطارده منذ نحو أربعة أشهر.
لم تكن عائلة عز الدين تدرك أن إفطار ابنها معها يوم الثلاثاء الماضي سيكون الأخير، وأنه سيكون هدفاً للاغتيال برصاص جنود الاحتلال، فلم تمضِ سوى ساعات حتى اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية النبي صالح في الصباح، وانتشرت في شوارعها، وكعادته خرج عز الدين التميمي لمواجهة الجنود والتصدي لهم بالحجارة، ولم يمضِ سوى وقت قصير حتى استهدفه جنود الاحتلال بثلاث رصاصات قاتلة.
ويؤكد عبد الحفيظ التميمي (60 عاماً)، والد عز الدين، لـ"العربي الجديد"، أن ما حدث مع نجله هو عملية اغتيال مخطط لها من قبل ضابط المخابرات الإسرائيلي، إذ أكد شهود عيان أن الضابط الذي يدعى (ذياب) كان مع جنود الاحتلال حينها، ويعرف عز الدين، وحين شاهده طلب من جنود الاحتلال إطلاق النار باتجاهه من مسافة نحو خمسين متراً، فأصيب الشاب بثلاث رصاصات قاتلة، إحداها في النخاع الشوكي والأخرى في ظهره والثالثة في رقبته، أما الضابط فكان يضحك بسخرية لقتل عز الدين.
ومنذ نحو أربعة أشهر تحاول قوات الاحتلال اعتقال عز الدين، لكنه يرفض تسليم نفسه، فهو قد جرب سجون الاحتلال قبل عامين وأمضى عاماً في السجن قبل تحرره بتهمة رشق الحجارة باتجاه الاحتلال، ومنذ محاولة الاعتقال الأخيرة تطارده قوات الاحتلال، وتداهم منزل عائلته بين الحين والآخر، وكان آخرها قبل يوم من اغتياله، إذ داهمت المنزل في الصباح الباكر في محاولة لاعتقاله ولم تجده، وفي ساعات المساء من اليوم ذاته، كانت طائرة استطلاع "زنانة" تحلق في أجواء النبي صالح، ما يؤشر إلى أنها عملية اغتيال لعز الدين، يقول والده.
طيلة المطاردة لم تسلم أسرته من الاقتحامات المتكررة لمنزلها وتفتيشه والعبث بمحتوياته والتنكيل بالعائلة والتحقيق الميداني، واعتقال والده وشقيقه أمجد لساعات عدة كوسيلة للضغط على العائلة لتسليمه، علاوة على شتم العائلة بألفاظ نابية، فيما كانت قوات الاحتلال تطالب والده بإخبارها بمكان اختبائه وضرورة أن يسلم نفسه، فهدده ضابط المخابرات ذاته (ذياب) بأن يعيد عز الدين إلى منزل عائلته وهو ميت.
يقول الوالد "لم أتوقع أن يتم اغتيال ابني بسبب رشقه الحجارة، الجميع يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة، سأرفع قضية على الاحتلال، لعل ذلك يخفف من ألمي قليلاً ويأخذ جزءاً من حقي، كان بإمكانهم اعتقاله وليس قتله!".
الشاب النشيط محبوب من أهل قريته، ومعروف بخدمة الجميع، فلا يقصر مع من يطلب منه شيئاً ولا يتردد في تقديم المساعدة، وحين إعلان نبأ استشهاده خرجت النبي صالح وقراها لتشيع جثمانه غاضبة لما حدث، وبكاه الأصدقاء بحرقة.
ويوم الأربعاء الماضي، شيّع أهالي النبي صالح جثمان الشهيد عز الدين التميمي في مسقط رأسه في مقبرة القرية، ولم يسلم موكب التشييع من جنود الاحتلال مرة أخرى، فاحتجز موكب التشييع حيناً من الوقت على حاجز عطارة العسكري المقام على أراضي شمال غرب رام الله، وحدثت مشادات بين المشيعين وجنود الاحتلال انتهت بالسماح بمرور الموكب تجاه مسقط رأسه في النبي صالح، إثر نقل جثمانه من مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله إلى منزله.