عزوف المزارعين والحصار... تحديات تواجه التوت الأرضي بغزة

15 ديسمبر 2016
ارتفاع تكاليف زراعة الفراولة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
مع ساعات الصباح الباكرة، يبدأ المزارع الفلسطيني فضل زايد والعاملون في أرضه التي استأجرها لزراعة التوت الأرضي (الفراولة) العمل لقطف أكبر قدر ممكن منها، من أجل تصديرها للدول الأوروبية، وطرح جزء آخر في الأسواق الغزية.
ويسعى زايد لاستغلال الموسم الحالي أملاً في تصدير أكبر قدرة ممكن من (الفراولة) إلى الأسواق الخارجية حيث أوروبا أو أسواق الضفة الغربية من أجل تعويض التكاليف المالية التي تحملها خلال فترة الزراعة.
ويقول زايد لـ "العربي الجديد" إن زراعة الفراولة بغزة لم تعد كما كانت في السابق نتيجة عزوف الكثير من المزارعين عن زراعتها، واستبدالها بمحاصيل أخرى، نظراً للتكلفة المادية الكبيرة والقيود المفروضة على عملية التصدير من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ويضيف المزارع الفلسطيني أن زراعة الفراولة أصبحت مكلفة للغاية في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وعدم ملائمة الأسعار التي يجري طرحها في الأسواق مع التكلفة التي يتحملها أصحاب هذه المزارع. لكن رغم انخفاض مساحة الأراضي المزروعة بالفراولة، إلا أنها توفر العديد من فرص العمل، إذ يتطلب الدونم الواحد تشغيل نحو سبعة عمال تقريباً.
ويتحمل زايد مبلغ 1800 شيكل على دونم (475 دولاراً)، (الدولار = 3.81 شيكل) إيجاراً للأراضي التي يستغلها في زراعة الفراولة وبقية المحاصيل كالطماطم والخيار وغيرها من الخضروات التي يحتاجها المستهلكون المحليون.
وتمكن المزارع زايد من تصدير جزء من محصوله في الأسبوع الأول إلى الدول الأوروبية عبر معبر كرم أبو سالم، من أصل أربعة دونمات زرعها بالفراولة، إضافة إلى محاصيل أخرى.
من ناحيته، يقول رئيس مجلس إدارة جمعية التوت الأرضي محمود إخليل لـ "العربي الجديد" إن إجمالي مساحة الأراضي المزروعة يقدر بنحو 570 دونماً (الدونم يساوي 0.247 فدان)، وهي أقل من إجمالي الأراضي التي كان يجري زراعتها في السنوات الماضية.
ويؤكد إخليل أن الإنتاج للعام الحالي يعتبر قليلاً نظراً لعزوف الكثير من المزارعين عن زراعة الفراولة بفعل التكلفة المالية الكبيرة له مقارنة مع العوائد المالية الشحيحة التي يتحصل عليها أصحاب المزارع من بيع محصولهم.

ويلفت رئيس جمعية التوت الأرضي، إلى أن عملية تصديره إلى الأسواق الخارجية في أوروبا والضفة الغربية ستستمر حتى نهاية فبراير/شباط المقبل، وهي الفترة التي تبقى أسعاره العالمية قريبة من الأسعار الفلسطينية التي تسمح له بالمنافسة.
وينوه إخليل إلى وجود الكثير من الصعوبات التي تواجه زراعة الفراولة في القطاع، تتمثل في منع إدخال الأدوية والمواد الخاصة بالمحاصيل الزراعية ما يؤدي إلى ضعف إنتاج المحصول الزراعي.
في الأثناء، يقر مدير عام التسويق في وزارة الزراعة بغزة، تحسين السقا، بتأخر موسم حصاد وتصدير التوت الأرضي للعام الحالي لأسبوعين مقارنة مع الأعوام السابقة بفعل تأخر هطول الأمطار والتأثيرات المناخية المترتبة على المحاصيل الزراعية.
ويوضح السقا لـ "العربي الجديد" أن إجمالي الإنتاج لمحصول الفراولة للعام الحالي لم يتجاوز ألفي طن بفعل تقلص المساحة الزراعية، تلك كميات ضعيفة مقارنة مع المواسم السابقة التي كان يصل فيها إجمالي المحصول إلى نحو 7 آلاف طن.
ويشير المسؤول الحكومي إلى أن إجمالي المساحة التي كان يجري زراعتها قبل الحصار الإسرائيلي المفروض للعام العاشر على التوالي، كانت تتجاوز 2500 دونم، إلا أن هذه المساحة بدأت بالتناقص نظراً لمنع التصدير لستة مواسم متتالية.
ويؤكد السقا توجه الكثير من المزارعين في القطاع نحو زراعة أراضيهم بالمحاصيل التي من الممكن تصديرها محلياً، سيما الخضروات للحيلولة دون تكبدهم خسائر مالية كبيرة مقارنة مع التكاليف الأخرى للمحاصيل الزراعية.
ووفقاً لإحصائيات وزارة الزراعة بغزة فإن معدل الإنتاج الحالي يشكل 10% من إجمالي الإنتاج لمحصول التوت الأرضي قبل فرض الحصار الإسرائيلي، فضلاً عن انخفاض مساحة الأراضي المزروعة به إلى 22%.
وتكبّد مزارعو قطاع غزة خلال السنوات العشر الماضية خسائر مالية باهظة نتيجة لاعتداءات الاحتلال المتكررة عليهم وتجريف مئات الدونمات الزراعية، خاصة في المناطق الحدودية، إلى جانب تدمير آبار المياه وشبكات التوزيع الأرضية.
ويتخوف مهنيون من أنّ ينعكس غياب التجهيزات الفنية اللازمة للمحاصيل الزراعية في معبر كرم أبو سالم التجاري، بالسلب على تصدير المنتجات الزراعية في غزة إلى الخارج، ويساهم في تقليل الجودة ويكبد المزارعين خسائر مالية باهظة.
وتفرض إسرائيل حصاراً خانقاً على قطاع غزة منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، وشددته في أعقاب سيطرة الحركة على القطاع في عام 2007، من خلال إغلاق غالبية معابر القطاع والإبقاء على معبر كرم أبو سالم كمنفذ وحيد لكافة البضائع والمنتجات.
فضلاً عن ذلك، يواجه المزارعون في المناطق الحدودية لقطاع غزة عدة تحديات أبرزها، تهديد الاحتلال لحياتهم بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر ومتعمد، إضافة إلى تدميره شبكات الري وآبار المياه، فضلاً عن غياب البنية التحتية التي تسهل عمليات تنقّل المزارعين.

المساهمون