تواجه إسرائيل والشركات المتعاملة معها المزيد من العزلة والمقاطعة جراء سياستها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعدما نجحت حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (بي دي أس) في الدفع باتجاه استبعاد سلاح الجو الإسرائيلي من قائمة القوات المسلحة للتدريبات العسكرية متعددة الجنسيات في جزيرة سردينيا الإيطالية. وبالتزامن قررت الكويت إقصاء شركة "فيوليا" الفرنسية من تنفيذ أحد المشاريع لتورطها في خدمة مشاريع الاحتلال المخالفة لقواعد القانون الدولي.
واستُبعد سلاح الجو الإسرائيلي من قائمة القوات المسلحة للتدريبات العسكرية متعددة الجنسيات، التي تُقام حاليّاً في جزيرة سردينيا الإيطالية. وذكرت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (بي دي أس)، في بيانها، أن الاستبعاد جاء "بعد أنشطة عدة قام بها ناشطو المقاطعة ومجموعات تضامن فلسطينية وناشطو مناهضة العسكرية ضد مشاركة إسرائيل في التدريبات العسكرية في جزيرة سردينيا في إيطاليا".
وقد أصدرت وزارة الدفاع الإيطالية مذكرة في محاولة تهدئة الأجواء عن مشاركة إسرائيل من دون ذكر الأخيرة، إذ أشارت المذكرة إلى أن مراحل التخطيط للتدريبات لم تكتمل بعد، وعند الانتهاء فقط سيتم تأكيد الدول المشاركة.
وبدأت التدريبات الشهر الماضي، ومن المقرر أن تستمر حتى ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وكان هناك احتمال باستخدام طائرات "أف 16 اس" الإسرائيلية في الجزيرة للتدريب على مهمات القصف، إلا أن العدوان الإسرائيلي على غزة تسبب في غضبٍ شعبي في إيطاليا، إضافة إلى نداءات متعددة لحظر التعاون مع إسرائيل.
ورد نائب وزير الدفاع الإيطالي، دجواكينو ألفانو، على سؤال برلماني عن هذا الموضوع، من خلال القول: إن التدريبات العسكرية مع القوات الجوية الإسرائيلية لم تكن ضمن المخطط، ولذلك لم يكن من الممكن استثناؤها. وهو ما يتناقض مع وثيقة "كابو فراسكا خط إطلاق النار"، والتي أشارت بوضوح إلى أن إسرائيل كانت ستشارك في التدريبات خلال النصف الثاني من عام 2014، إضافة إلى اشتراكها في تدريبات مماثلة عقدت في جزيرة سردينيا في السنوات السابقة.
من جهته، أكد مصدر في وزارة الدفاع الايطالية لحملة الانتفاضة الإلكترونية أن العسكريين الإسرائيليين لن يشاركوا في المناورات.
كما علّق رئيس جمعية الصداقة، سردينيا فلسطين، فوزي إسماعيل، بأنه "يمكننا اعتبار هذا الاستبعاد انتصاراً صغيراً، وهو يدل على أن الضغط الشعبي يمكن أن يؤثر على عملية صنع القرار الحكومي". وأوضح إسماعيل أنه "كان للرأي العام كلمته، وعلى ما يبدو شعرت الحكومة الإيطالية ومنظمة حلف شمال الأطلسي بأن مشاركة إسرائيل بعد الهجمات على غزة في غير محلها".
وأكد أن الحركة ضد المناورات التدريبية ستستمر، وأن الجيوش الإيطالية والألمانية والأميركية ستشارك في هذه المناورات. ومن المفترض أن تشهد سردينيا تظاهرات أخرى خلال الأسابيع المقبلة، لمواصلة الحملة المنددة بالاستيلاء على أراض من القوات العسكرية واستخدامها للتدريبات.
من جهته، يقول المنسق العام للجنة الوطنية لحركة المقاطعة، محمود النواجعة، "إن نجاح ناشطي المقاطعة في منع مشاركة إسرائيل من التدريبات العسكرية يأتي ضمن جهود حركة المقاطعة في بناء حظر عسكري على إسرائيل في العالم".
ويضيف في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "الحظر العسكري له العديد من الأهداف، أولها وقف الدول بيع إسرائيل سلاحاً لقتل أبناء الشعب الفلسطيني، ومنعها من بيع سلاح لدول العالم، فضلاً عن الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي لأن حكومة الاحتلال تبني اقتصادها على الصناعات العسكرية". ويشير إلى أن "هذا الحظر بأشكاله يدعم القضية الفلسطينية، وسيؤدي إلى عزل إسرائيل في العالم".
كذلك يلفت إلى أن ناشطي حركة المقاطعة يوجدون في كل العالم، وأن ما حصل في سردينيا هو جزء من الاحتجاجات الممتدة في أنحاء أوروبا كافة، لضمان فرض حظر عسكري على إسرائيل". ويوضح "أن ناشطي المقاطعة يقومون بضغوطات في أميركا اللاتينية، وتحديداً في الأرجنتين لوقف شرائها الأسلحة والطائرات من دون طيار من إسرائيل، والحملة مستمرة".
كما يشير إلى "احتجاجات مماثلة في الهند التي تخطط لاستيراد صواريخ من إسرائيل بقيمة 525 مليون دولار، إذ سيبدأ ناشطو الحركة في احتجاجات لوقف هذه الصفقة، وأية صفقات أخرى مماثلة". ويؤكد "أن الحركة وناشطيها ماضون في فرض عزلة على الاحتلال إلى أن يلتزم بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وفي سياق فرض عزلة على إسرائيل والشركات المتعاملة معها، قررت حكومة الكويت وبلديتها إقصاء شركة "فيوليا" الفرنسية من قائمة الشركات المتقدمة لتأهيل مشروع النفايات البلدية الصلبة في منطقة "كبد" في الكويت، لتورطها في خدمة مشاريع الاحتلال المخالفة لقواعد القانون الدولي.
وجاء استبعاد الشركة المذكورة بعد رسالة رسمية وجهتها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، في شهر مايو/أيار الماضي إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير العدل بالوكالة، الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، دعت فيها الحكومة الكويتية وبلدية "كبد" إلى إبعاد شركة (فيوليا) من قائمة العطاءات، والضغط عليها وإلزامها بمسؤولياتها القانونية والإنسانية والأخلاقية في وقف دعمها للاستيطان غير الشرعي في دولة فلسطين، وإلغاء كل أشكال التعامل التجاري معها.
ووصفت عشراوي، في بيان أمس الاثنين، القرار بالمسؤول والحكيم. ودعت إلى "تعميم هذه التجربة لمحاصرة إسرائيل وعزلها لممارساتها الأحادية ضد حقوق شعبنا". وأكدت عشراوي "هذا الحراك الإيجابي في مقاطعة الاحتلال وحلفائه في العالم يشكل إنجازاً مهماً في الاتجاه الصحيح، ومحفزاً لباقي الدول من أجل محاصرة إسرائيل وحظر تمويل المشاريع الاقتصادية التي تعود عائداتها وأرباحها لخدمة دولة الاحتلال وسياساته الرامية إلى تقويض التنمية الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية".