أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أن "ما قامت به الإمارات من اتفاق تطبيعي مع إسرائيل في هذا التوقيت، وضع الفلسطينيين في مرحلة جديدة، تخالف استراتيجيتنا التي ارتكزت على إقامة سلام ينهي الاحتلال على الأرض المحتلة عام 1967، بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وحق تقرير المصير، وحل قضية اللاجئين".
وقال عريقات، خلال المؤتمر السنوي التاسع للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، إن "الرئيس محمود عباس أكد بما لا يدع مجالاً للشك عدم القبول بـ"صفقة القرن""، مؤكداً أن "السلطة الفلسطينية نجحت بصمودها في وقف مخطط الضم الإسرائيلي، حتى جاء الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي ليشكل ضربة قوية يقف خلفها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي"، مشيراً إلى أن "السلطة الفلسطينية تتعرض لمشروع تدمير، وأن اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي جزء من ذلك المشروع التدميري الهادف إلى إيجاد بدائل لها".
ولفت عريقات إلى أن "كوشنر نجح في إقناع دولة عربية بالتنكر للإجماع العربي، وحقق اختراقاً كبيراً وهائلاً في كسر المعادلة، المتعلقة بالسلام مقابل الأرض، التي لم تعد قائمة، في حين أن ذلك البلد العربي يبرر تلك الخطوة بأنها لوقف مخطط الضم".
ونفى عريقات كل ما رُوِّج عن أن اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي هو من أجل فلسطين، قائلاً: "إن الاتفاق هدفه إيران، وفلسطين لن تكون طرفاً ثانياً"، معرباً عن استغرابه واستنكاره لعدم صدور بيان أو عقد اجتماع لجامعة الدول العربية، حيث تمثل خطوة الإمارات انتهاكاً وخروجاً عن قرار الجامعة وإجماعها، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وميثاق مجلس التعاون الخليجي.
وقال عريقات: "ما يخيفني هذه الفترة إثر الاتفاق، ما نراه من كتابات وتغريدات تصفنا بأننا بعنا أرضنا وأننا ناكرو جميل، وتصف الإسرائيلي بالجميل والجديد. الشعوب العربية ليست هكذا، والقضية الفلسطينية قضية عربية بامتياز، والضربة الإماراتية ضربة قوية، ولن يقرر مصير هذه الأرض سوى الفلسطينيين، ومطلوب منا مواجهة القرار".
وحول من تنصل من فلسطين، وأنها ليست قضيته عقب الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، قال عريقات: "لم يكن الجيش الإماراتي يقاتل على الجبهة، ومن ثم قرر الانسحاب وعقد اتفاقية سلام، ولم نقل لهم حاربوا عنا، نحن من نقاوم ونصمد، ونحن لن نكون في يوم من الأيام في أي محور من محاور المنطقة، ولن يُمَسّ القرار الوطني المستقل، كنا نعلم منذ 3 سنوات ما يعمله يوسف العتيبة (السفير الإماراتي في واشنطن) مع كوشنر، ومنذ 3 سنوات المسألة ليست تطبيعاً بقدر ما هي مسألة محورية إقليمية لها علاقة بإنشاء نظام ناتو عربي".
وقال عريقات: "نحن من نقرر مستقبلنا، وليس الإمارات أو غيرها، ولن يجدي معنا عملية تصدير الخوف، ونحن اليوم على استعداد للانتقال إلى مرحلة جديدة، وكل واحد فينا يفهم أن القدس أهم من كل عواصم العرب والمسلمين، ولن تكون القدس قرباناً للسياسة في المنطقة".
وأكد عريقات "أن التطبيع العربي ليس جديداً، فمنذ مبادرة السلام العربية خرج نتنياهو وقال إن المبادرة مقلوبة، أي إن التطبيع مع العرب أولاً، ومن ثم السلام مع الفلسطينيين، وكوشنر المتغطرس والجاهل الذي قابلته 37 مرة، يؤمن بأن أميركا ليست هي التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإنما الله، وهو يوظف الدين ضد الفلسطينيين، كما يوظف السيد المسيح ضدنا، ولذلك هو يقف في الجامعات ويقول إنه يمشي مع المسيح لشرعنة الاستيطان".
من جانب آخر، قال عريقات: "منذ عام 1917، جرت 89 محاولة لطمس القضية الفلسطينية، والرئيس الأميركي ترامب اتخذ 48 إجراءً وقراراً ضدنا، ونحن نعلم أن ترامب لديه 25% من الاقتصاد العالمي وقدرته على الضغط"، مشيراً إلى أن "فلسطين تتعرض لأكبر مشروع تصفية منذ عام 1917، وجاء مشروع ترامب ليكمل تصفية القضية الفلسطينية، وتكريس أنها أرض للشعب اليهودي من البحر إلى النهر بولاية أمنية إسرائيلية، وضمن هذا السياق جاء الاتفاق مع الإمارات، الذي تضمنت بنوده مستوى غير مسبوق من الانحدار العربي".
عريقات: كوشنر المتغطرس والجاهل الذي قابلته 37 مرة، يؤمن أن أميركا ليست هي من اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإنما الله، وهو يوظف الدين ضد الفلسطينيين، كما يوظف السيد المسيح ضدنا، ولذلك هو يقف في الجامعات ويقول إنه يمشي مع المسيح لشرعنة الاستيطان
وأكد أن "السلطة الفلسطينية تجري اتصالات مع كل الدول العربية لمنع أي دولة من القيام بما قامت به الإمارات"، مستدركاً على قول البعض إن الإمارات لا يمكن أن تقوم بما قامت به دون موافقة هذه الدولة أو تلك، بأن "هذا صحيح، ولكن وظيفتي أن أبذل كل جهد لمنع قيام أي دولة عربية بما قامت به الإمارات، فنحن طلبنا من كل الدول بيانات واضحة حول تمسكها بمبادرة السلام العربية"، مشيراً إلى أن "السعودية وغيرها من الدول ربطت تطبيع علاقتها بإسرائيل بالحقوق الفلسطينية ومبادرة السلام العربية".
وعن وقف العمل بالاتفاقيات ووقف التنسيق المدني والأمني ووقف تسلّم أموال المقاصة، وعدم وضوح الصورة في ظل تصريحات مختلفة عن السلطة ومستقبلها، أكد أن "السلطة الفلسطينية حين ولدت كانت ثمرة نضال الشعب الفلسطيني وكفاحه، ولكن حين يريد نتنياهو تحويل السلطة إلى جامعة نفايات، فهذه ليست مسؤوليتنا، بل مسؤوليتك كقوة احتلال وفق ميثاق جنيف، إما سلطة تنقلنا إلى استقلال، أو تحمّل مسؤوليتك (مخاطباً نتنياهو)".
وقال: "لم يتحدث أحد عن حل السلطة، فإن ما يجري الآن هو تدمير للسلطة، وحين يقول مندوب الاحتلال في الأمم المتحدة إنه لن يكون هناك سلام ما دام محمود عباس على رأس السلطة، أي دعا إلى قلب النظام في قلب مجلس الأمن، لقد حوصر عرفات وقتل مظلوماً، لأنه قال ذات يوم لبيل كلينتون وجورج تينيت: بتهددني؟ سأدعوك إلى جنازتي، وهناك من سيحرر الأرض بعد عشرة أو خمسين عاماً".
وأوضح أن "الحل حالياً يتمثل في خطاب العالم بأن وظيفة السلطة كما حددت في التوقيع، وهي نقل الشعب الفلسطيني للاستقلال، ولن نرضى بسلطة خدمية".
وقال عريقات: "إن السلطة تُدمر الآن، ومشروع الإمارات جزء من تدمير السلطة وإيجاد بدائل لها، هذا ما نحن أمامه الآن، وليس مسألة حل السلطة، وهو جزء من المشروع، بما أن الرئيس الفلسطيني أعلن رفضه وأكد أن القدس ليست للبيع، وافعل ما تشاء ولن أتحدث معك، ويقف وحيداً أمام القوى العظمى في العالم، ويقول لا، ويصرّ على نقل الشعب الفلسطيني إلى الاستقلال".
وبيّن عريقات أن ""صفقة القرن" تضمنت عشر نقاط وركائز أشارت إلى أن أرض فلسطين من البحر إلى النهر هي أرض الشعب اليهودي، واليد العليا والمياه الإقليمية والأجواء كلها بيد إسرائيل، مع ضمّ غور الأردن والمستوطنات"، مضيفاً أن "قبول هذه الشروط يُعَد بطاقة انضمام إلى الحركة الصهيونية وإلغاء روايتك ودينك وتاريخك". وتابع: "لم يُعرض أخطر مما عرضه ترامب وكوشنر، ونحن في مأزق كبير جداً، والسلطة في وضعها الحالي تدمر في ظل الحرب المفتوحة علينا".
إلى ذلك، قال عريقات: "إن الولايات المتحدة تعمل على إجراء اتصالات مع الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، لإخبارهم بنيتها إصدار بيان مشترك رباعي تثمن خطوة الإمارات، وإنها تدعم السلام، ويجب على الفلسطينيين القدوم إلى المفاوضات وفق الرؤية الأميركية"، وأكد عريقات أنه اتصل بممثليهم الذين أكدوا أن موقفهم لن يتغير، وأن الصراع ليس إماراتياً إسرائيلياً، والحل يقوم على إنهاء الاحتلال وحل الدولتين.
وأضاف عريقات أن البعض يعتقد أن المفاوضات هي التي جلبت اتفاق كوشنر والإمارات، بينما نبرئ إسرائيل من كل ذلك، "فلا يجوز أن نلوم الشعب والمنظمة، ونقول إنها جاءت بكل الويلات".
ورداً على سؤال من الجمهورعن الاختلاف بين "صفقة القرن" وما يعرف بوثيقة "بيلين – أبو مازن"، نفى عريقات نفياً قاطعاً، وقال: "لا يوجد شيء اسمه وثيقة بيلين – أبو مازن، وأتحدى أن تكون هناك مثل هذه الوثيقة".