عراقيون يهربون من الموت فيتلقّفهم البحر

30 اغسطس 2015
يجازفون بحياتهم هرباً من الموت(الأناضول)
+ الخط -
يلاحق شبح الموت العراقيين تماماً كما هو حال جيرانهم السوريين، فالموت حرقاً أو قصفاً أو حتى جوعاً لم يعد خيارهم الوحيد، فالبحر هو الآخر قرر أن يدخل ضمن قائمة القتلة الكبار، بعد داعش والمليشيات والبراميل المتفجرة والجوع والأمراض التي تفتك بهم.

وأعلنت لجنة المهجرين بالبرلمان العراقي، اليوم الأحد، أن "عشرات المهاجرين غير الشرعيين العراقيين غرقوا في البحر خلال رحلتهم إلى أوروبا عبر اليونان".

وقال رئيس اللجنة أحمد السلمان في بيان له إن "ما دعا العراقيين إلى هجرة بلادهم هو تردّي الأوضاع الأمنية في البلاد، وانعدام الأمن والاستقرار، ما دفع الكثير من الشباب للتفكير بالهجرة غير الشرعية بوساطة مهربين وسماسرة ينقلونهم عبر بحر إيجة من الشواطئ التركية إلى اليونان ومنها إلى أوروبا".

ولفت السلمان إلى أنَّ "خطورة هذا النوع من الهجرة تكمن في أنَّ الزوارق المستخدمة في نقل المهاجرين غير الشرعيين عبارة عن زوارق بسيطة لا تحميهم من العواصف البحرية، وتتسبب في غرق العشرات من المهاجرين شهرياً".


وكشف مهاجرون وناشطون لـ"العربي الجديد" عن أسباب لجوء آلاف العراقيين إلى الهجرة عبر البحر إلى اليونان قاصدين أوروبا بزوارق صغيرة غير آمنة.

وأوضح الناشط عمر المعموري أنَّ هناك متابعة لقضية هجرة الشباب والعائلات العراقية عبر البحر إلى اليونان، هاربين من جحيم الموت في العراق، "وتبين لنا أنَّ سبب لجوء عشرات الشباب والعائلات العراقية إلى الهجرة عبر البحر هو إغلاق سفارات العالم أبوابها بوجههم، خصوصاً الدول العربية، فضلاً عن أنَّها أرخص بكثير من الطرق البرية من ناحية التكلفة، لكنها خطيرة للغاية، فقوارب النقل عبارة عن زوارق مطاطية هوائية صغيرة يملأها المهربون بالمهاجرين وينطلقون في عرض البحر لتتكفل الأمواج العاتية بإغراقهم جميعاً".

ويكشف المعموري لـ"العربي الجديد" أنَّ "كلفة الرحلة من سواحل تركيا عبر بحر إيجة إلى اليونان في الزوارق الصغيرة والخطيرة تتراوح من (2000 -4000) آلاف دولار أميركي للشخص، فيما تبلغ كلفة التهريب عبر الطرق البرية أو الزوارق الكبيرة عشرة آلاف دولار أو أكثر".

وتبدأ رحلة المهاجرين من الأراضي العراقية إلى تركيا براً أو جواً، ثم تبدأ هناك رحلة البحث عن المهربين عبر وسطاء وسماسرة مهمتهم إيصال المهاجرين إلى السواحل اليونانية عبر البحر دون الاهتمام بسلامتهم أو اتخاذ احتياطات ووسائل النجاة في حالة غرق الزورق.

وقال صادق عزام (35 عاماً) وهو أحد العائدين من تركيا إلى العراق "تواصلت مع أصدقاء لي عبر الإنترنت ثم قمت ببيع بعض أشيائي وسافرت إلى تركيا ووجدتهم بانتظاري، فأخذوني إلى مهرب وطلب مني مبلغ 4000 دولار لقاء إيصالي عبر البحر إلى السواحل اليونانية، ولم أكن أملك المبلغ كاملاً فطلبت منه إمهالي يومين لأكمل المبلغ، وخلال ذلك سافر عدد من أصدقائي وأبلغوني أنهم سيكونون بانتظاري في اليونان لكنني وللأسف فوجئت بخبر غرقهم جميعاً مع عدد من العائلات بنسائهم وأطفالهم في عرض البحر".

اقرأ أيضاً:غرق 2350 مهاجراً في البحر المتوسط منذ مطلع العام

عزام يشعر بصدمة كبيرة وهو يروي لـ"العربي الجديد" رحلته المأساوية التي انتهت بفقدانه لأعز أصدقائه، بعد أن عاد إلى العراق تاركاً أحلام الهجرة خلف ظهره ومستعداً من جديد لمواجهة الموت الذي يتجول في طرقات بلاده.

لكن آلافاً آخرين غير قادرين على العودة إلى بلادهم كما فعل صادق عزام، خاصةً في مناطق حزام بغداد وديالى وصلاح الدين التي دخلتها المليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً.

وأوضح مزاحم الصميدعي من أهالي صلاح الدين، الذي يستعد وعائلته المكونة من تسعة أفراد للهجرة عبر البحر "نحن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما العودة إلى مناطقنا ومواجهة الموت حرقاً على يد المليشيات، أو المجازفة بالهجرة بحراً وربما الغرق، وأرى أنَّ الموت غرقاً أرحم بكثير من الموت حرقاً".

اقرأ أيضاً:أوروبا قدر اللاجئين.. رغماً عنهم
المساهمون