تنوي أم عمر تبديل اسم ابنها الوحيد "عُمر"، والذي اختاره له والده قبل أن يُقتل، ويتركها وولدها يعانيان مصاعب الحياة. وهذا ما فعله جارها، أبو عثمان، الذي بدّل اسميْ ابنيه، عُثمان وعُمر، خوفاً عليهما من بطش المليشيات، التي سماها بـ"المليشيات الطائفية الإيرانية"، حيث تتواجد نقاط التفتيش (السيطرات)، التي كان يطلق على بعضها، سابقاً، السيطرات الوهمية. أما اليوم فقد اصطبغت نقاط التفتيش هذه بصبغة رسمية، وأخذت تتحكم في البلاد والعباد، بحسب أبو عثمان، سابقاً، أبو رامي حالياً.
ويرغب الكثير من العراقيين الذين يقطنون في المناطق الساخنة، مثل بغداد وبابل والأنبار وديالى، في استبدال أسمائهم وحتى ألقابهم. وتجد الكثير منهم في دوائر الأحوال الشخصية، يقومون بالإجراءات القانونية لغرض استبدال الاسم أو اللقب لكن هذا الإجراء (تغيير الأسماء)، منع من الدولة وأصدرت بذلك قراراً، وعلى ما يبدو فإن المنع قد استؤنف العمل به في بعض المناطق، كما هو الحال في دائرة الأحوال الشخصية في قضاء المقدادية التابع لمحافظة ديالى.
وأوضح ضابط يعمل في دائرة الجنسية لـ"العربي الجديد" والذي رفض الكشف عن هويته، أن "الدائرة، وخلال شهرين، رفعت ما بين 150 إلى 200 معاملة أو قيد بإجراءاتها الروتينية، ينوي أصحابها تغيير أسمائهم، وإن أغلب الذين يقدِمون على هذا الأمر يحملون أسماء يمكن التعرف من خلالها على طائفتهم أو حتى مناطقهم، وهناك عدد قليل يرغبون في التغيير لأسباب عادية ". ووصف الضابط الإجراءات المتبعة بالمعقدة في عمل دائرة الأحوال الشخصية بخصوص هذا الأمر.
وقد أجبر انتقال العراقيين من بعض المدن إلى مناطق أخرى، وبسبب الأوضاع الأمنية المتردية، على تغيير أسمائهم وألقابهم، حيث إن الأسماء والألقاب الأصلية تكون خطراً على أصحابها في أحياناً كثيرة، سواء في مناطقهم أو أماكن سكناهم الجديدة، أو حتى أثناء تنقلهم بين المحافظات، خصوصاً مع كثرة نقاط التفتيش والتي لا يميز العراقيون بين الرسميّة منها وغير الرسمية.
الناشط المدني مجيد التميمي يقول لـ"العربي الجديد": يعتز العراقيون بألقابهم كثيراً، لأن المجتمع العراقي مجتمع عشائري، ما يجعل كثيرين يكتبون أسماءهم وألقابهم على لافتات محلاتهم التجارية، حتى إن أغلب العوائل حين يستدلون على بيت فلان من الناس، يقولون بيت الجبوري مثلاً أو العزاوي أو الشمري .. إلخ، لكن بعض الأسماء والألقاب في وقتنا الحاضر أصبحت بمثابة نقمة على أصحابها، وكثيرون فقدوا حياتهم بسبب أسمائهم أو ألقابهم، بالإضافة إلى التمييز في التعامل داخل بعض الدوائر الحكومية بسبب التصنيفات الطائفية والعرقية التي حصلت بعد الاحتلال الأميركي للعراق.
وأثر عدم الاستقرار السياسي والأمني والنزاعات الطائفية في البلد، تأثيراً سلبياً على حياة المواطن وبجميع مفاصل حياته، ومنها تبديل الأسماء. ولا يقتصر التبديل على الأسماء والألقاب بل تعدّى ذلك ليصل إلى القومية، فالكثير من العراقيين العرب، الذين استقروا في كردستان العراق وبسبب التمييز القومي، اضطروا إلى تغيير قوميتهم من العربية إلى الكُردية، بالاعتماد على تبديل اللقب (العشيرة)، خصوصاً أولئك الذين يجيدون اللغة الكردية أو المتزوجين من نساء كرديات، بينما يجد آخرون فرصةً بتغيير عشائرهم والانتماء إلى عشائر قوية وذات نفوذ وسلطة، في ظل قانون الغاب الذي يحكم العراق والعراقيين.
ويكفل القانون العراقي حق تبديل الاسم، إذ يحق ذلك لكل شخص ولمرة واحدة في حياته على أن تكون هناك أسباب تدعو إلى تبديله، كأن يكون الاسم معيباً من الناحية الاجتماعية أو غيرها من الأسباب، وهذا يشمل الإناث والذكور على ألا يتعدى ذلك إلى اسمي الأبوين والجدين، وذلك بموجب المادة (20) من قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 المعدل، ولا يجوز لمن صحح اسمه أو لقبه العودة إلى نفس الاسم واللقب المصحح عن طريق التبديل المنصوص عليه في الفقرة (1) من المادة الحادية والعشرين.
اقرأ أيضاً:اليمنيون يواجهون تطييف العنف بالتسامح