في شهر رمضان المبارك، منع جنود الاحتلال الإسرائيلي الشاب الفلسطيني عدي المسالمة من الدخول إلى مدينة القدس المحتلة، للصلاة في المسجد الأقصى، واعتدى عليه الجنود، وحاولوا الاعتداء على أمه فمنعهم، فانهالوا عليه بالضرب المبرح، فأقسم على الانتقام.
استشهد مسالمة (24عاماً) في أطراف قريته بيت عوا جنوب غرب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بعد أن نفذ عملية طعن فداءً للمسجد الأقصى ورفضاً للاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات في مدينة القدس، وأصاب الشهيد خلال عمليته جندياً إسرائيلياً بجروح، حسبما قالت عائلته لـ"العربي الجديد".
ويقول هاشم مسالمة، والد الشهيد مفتخراً بشجاعة ابنه البكر عدي مسالمة: "جنود الاحتلال مدربين ومدججين بالسلاح، وعدي بسكينه وجسده العاري واجههم، وبقوة صلبة هاجمهم وضربهم من نقطة صفر دون أن يخشى أحداً أو يتردد".
ويضيف "هكذا انتقم ابني ممن ضربوه وحاولوا الاعتداء على والدته قبل أشهر، وأوصل رسالته للمحتل بأن للأقصى رجالاً تفديه بأرواحها، هكذا هم الرجال لا يقبلون الإهانة ويردونها متى استطاعوا، عدي ليس ابني وحدي، بل هو ابن فلسطين كلها".
ويتساءل والد الشهد عدي: "أية قوانين دولية تمنع الإنسان من تأدية شعائره الدينية؟" ويذكر كيف كان ابنه الشهيد يذهب للمسجد الأقصى في شهر رمضان، مخاطراً بحياته وهو يتسلق الجدار، كان يفضل قضاء ليلة القدر في المسجد الأقصى وكان يقضي ليلتين هناك، كما يقول والده.
يتركنا والد الشهيد عدي مستأذناً ليستقبل المعزين باستشهاد ابنه، يُقبلهم ويسلم عليهم بحرارة، ثم يعود ليكمل لنا الحديث عن ابنه: "لقد زوجت ابني الزوجة الأولى، وزوجته الزوجة الثانية، وها هو الآن يختار عرسه الأخير وحده، ترك لنا ابنته الصغيرة "سوار القدس" وعمرها ثمانية شهور، وزوجته الثانية حبلى بطفل سيحمل اسم أبيه الشهيد إلى الأبد".
ويصف والد الشهيد ابنه بالعريس في يوم تشييع جثمانه، ويقول "لم أشهد عرساً- يقصد جنازة ابنه الشهيد- بهدا الحجم، فقد حضر الجنازة آلاف الناس من القرى والمدن المجاورة لمشاركتنا تشييع جثمان ابننا الشهيد"، مضيفاً أن "هذا يدل على محبة الناس لعدي وسمعته الطيبة وعلاقاته الوثيقة مع الناس".
"إذهب إلى بيت عوا واسأل عنه" يقول والده، ويكمل: "عنده تقوى الله، ويمتاز بأخلاقه الطيبة، ومساعدته للفقير والسائل، فلم يترك أحداً فقيراً يطرق بابه يعود خائباً، فكان يكرمه ويعطيه ما يسأل، يحترم الكبير وكان يقبل أيدي كبار عائلته كلما رآهم".
كان عدي يعمل لحاماً في بلدته، ولديه محل أجهزة تبريد وتكييف، يأتيه زبائنه من القرى المجاورة لسمعته الطيبة كما يقول والده، وكان والده يستشيره في مشاريعه ومخططاته، وقد تحمل الشهيد عدي المسؤولية منذ صغره.
ولم يلحظ والد الشهيد أية علامات خوف أو تردد على ابنه قبل استشهاده، ويَذكر أنه كان مع عدي في زيارة عند عمته، وكان هادئاً طبيعياً كعادته، وكان الشهيد قد أعطى زوجته مبلغاً من المال قبل استشهاده بيومين، وقال لها إن هذه الأموال دينٌ عليه لأحد التجار، وأوصاها أن يصل المبلغ له إن غاب عن المنزل.
يترحم والد الشهيد على ابنه، ويحمد الله أن اختاره عنده، ويقول "هذا شهيد الأقصى والوطن، وكلنا سنسير على دربه".
اقرأ أيضاً:18 شهيداً فلسطينياً في الخليل منذ مطلع الشهر الحالي