"يحق للرجل في إيران الزواج من ابنته بالتبني حين تبلغ الـ 13 عاماً". بهذا الخبر طالعتنا الصحف اللبنانية والعربية والدولية صباح 16 شباط 2015. ظن البعض أن هذا الخبر إشاعة. كيف يحدث ذلك في دولة إسلامية، وكلنا نعرف أن التبني في الإسلام "حرام". هذا الخبر العشوائي الذي زيّن صفحات مواقعنا على التواصل الاجتماعي ما هو إلا قانون أقره البرلمان الإيراني في أواخر أيلول/سبتمبر من العام 2013. في مطالعة هذا الخبر أمران جدير الوقوف عندهما.
الأول، هو بطبيعة الحال "شيزوفرينيا" التشريع في الجمهورية الإسلامية في إيران من حيث قوننة "البيدوفيليا"، وسفاح القربى في إقرار مثل هذا القانون في بلد اجتهد فيه القضاة ووضعوا مصلحة الطفل الفضلى أمام أي معيار آخر حتى ولو كان هذا المعيار هو الإسلام. التبني في إيران إذاً مسموح وإن بشروط. صدر قانون التبني هذا تحت اسم "قانون حماية الأطفال غير المحميين" في العام 1974 ويمكن بموجبه للأسر التي لم تتمكن من الإنجاب القيام بتبني طفل/ة أو أكثر من الأطفال غير المحميين. ثمة شروط ومعاملات يجب على الزوجين اتباعها من أجل تمكّنهما من التبني. وثمة شروط يجب أن تنطبق على الأطفال لينطبق عليهم هذا القانون.
في الجانب الثاني للخبر ما يثير الاهتمام، فأيلول من العام 2013 ليس بعيداً كثيراً من الذاكرة. لا نتذكر نحن الناشطات أو المجتمع المدني النسوي أي بلبلة بسبب هذا القانون على الرغم من أنها بالتأكيد قد حدثت ضمن سياقه. اليوم وبعد حوالي سنتين تقريباً، هناك من قام بمشاركة الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي ليبرز مدى رجعية هذا النظام. استخدم "كارت" حقوق النساء إذاً في سياق الهجمة على "الخصوم" من الطرف "الآخر". لا يهم أية أجندة يخدم مشاركة هذا الخبر. المهم أن حقوق النساء باتت لدى الناس مؤشراً لتقدم الأمم والبلدان أو تراجعها. هذا المعيار لطالما كان كذلك لدى الأمم المتحدة منذ ثمانينات القرن الماضي. ها هو الآن معيار شعبي "لمعايرة" البلدان بتخلفها.
تختلف وتتجاذب الأقطاب السياسية اليوم لكنها تتوحد عند بوصلة واحدة: باروميتر حقوق النساء. بات هناك من يناهض شعبوياً عدم قيادة النساء للسيارة في السعودية ويعتبرونه "تخلّفاً". وثمة من يحاجج أن ختان النساء مناهض لحقوق المرأة. وأن الزواج المبكر وتعدد الزوجات وغيرها من الممارسات المهينة بحق النساء معيار لتخلف الأمم. جاءنا "الربيع العربي" بجواب لسؤال لطالما كنا نطرحه أثناء تنظيم حملات المدافعة عن حقوق النساء: كيف يتم تعبئة الرأي العام وحشده من أجل حقوق النساء؟
(ناشطة نسوية)