عدوان غزة: انهيار صورة إسرائيل دولياً وملاحقة قادتها قضائياً

05 اغسطس 2014
مخاوف داخل إسرائيل من توجيه تهم جرائم الحرب(محمد تلاتن/الأناضول/Getty)
+ الخط -

حظيت إسرائيل بدعم دولي غير مسبوق، عندما شرعت في عدوانها على غزة، إلا أنها تعرضت لنقد غير مسبوق، مسّ بمكانتها الدولية، وفتح المجال أمام ملاحقة قادتها السياسيين والعسكريين قضائياً. وإذا كان قادة الولايات المتحدة وأوروبا قد تنافسوا فيما بينهم، عند بدء الحرب، على إبداء التأييد غير المتحفظ لـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" في مواجهة صواريخ المقاومة، إلا أن معظم هؤلاء القادة، باتوا يهاجمون تل أبيب بشكل لاذع، وصل إلى حد أن وصف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ما حدث في قطاع غزة بـ"المجزرة".


وإذا كانت الحكومة البريطانية إحدى أكثر الحكومات، التي خرجت عن طورها في دعم إسرائيل، إلا أنها لم تجد سوى اتخاذ قرار بوقف بيع السلاح لإسرائيل، وهو القرار نفسه الذي اتخذته إسبانيا.

صحيح أن الخطوة، التي أقدمت عليها كل من لندن ومدريد لا تؤثر عملياً على الجهد الحربي الإسرائيلي، على اعتبار أن تل أبيب تعتمد في تسليح جيشها على الواردات من الولايات المتحدة، أو على ما ينتجه مجمع الصناعات العسكرية الإسرائيلي، إلا أن مثل هذه الخطوة تكتسب مغزى سياسياً واضحاً.

ويقول المعلق السياسي الإسرائيلي، باراك رفيد، إن حكومات العالم، التي أيدت إسرائيل في البداية، اكتشفت خلال مسار الحرب أن جش الاحتلال تعمد المسّ بالمدنيين الفلسطينيين بشكل "وحشي وفظيع"، ومن منطلق الانتقام والعقاب الجماعي.

وخلال حديثه مع شبكة الإذاعة الثانية، صباح اليوم الثلاثاء، توقع رفيد، أن تشكل العشرات من لجان التحقيق الدولية حول السلوك الإسرائيلي خلال الحرب، متوقعاً أن توجه اتهامات للحكومة والجيش الإسرائيلي بتعمد ارتكاب جرائم حرب، مشيراً إلى أن الرواية الرسمية، التي تقدمها تل أبيب حول الحرب غير متماسكة ولا يقبلها أحد.

ويؤكد رفيد أن العالم لم يقبل مزاعم إسرائيل بأن مقاتلي حركة "حماس" يطلقون الصواريخ من وسط التجمعات السكانية المدنية، وبالتالي يحق للجيش الإسرائيلي الرد على مصادر النيران، حتى لو أدى الأمر إلى المس بالمدنيين.

وأضاف أن العالم بات يدرك أن إسرائيل تعمدت قتل المدنيين، لا سيما الأطفال والنساء لدواعي الانتقام وليس لأن المقاومة الفلسطينية تطلق النار من التجمعات السكانية. وتنبأ رفيد بتعاظم الانتقادات الدولية الإسرائيلية، عندما تفد لجان التحقيق الدولية إلى القطاع وتتبدى معالم القتل والدمار الذي أحدثته إسرائيل خلال الحرب.

من جهته يؤكد المعلق السياسي في القناة "الثانية" الإسرائيلية، أودي سيغل، والمعروف بعلاقاته الوثيقة بمؤسسة الحكم في تل أبيب، وميله الدائم إلى تبني روايتها، أن إسرائيل تعمدت التوسع في قتل المدنيين واستهدافهم بهدف ردع الجمهور الفلسطيني عن منح حاضنة للمقاومة.

ومما يعكس حجم الإرباك والحرج، الذي أصاب الجيش الإسرائيلي في أعقاب الكشف عن طابع المجازر التي ارتكبها، اضطراره إلى تغيير روايته بشأن عدد المقاومين، الذين قتلوا خلال الحرب.

ففي البداية، ذكر الجيش أن من بين أكثر من 1800 شخص قد قتلوا خلال الحرب بنيران جيش الاحتلال، فإن 300 منهم مقاتلون، ثم تحدث عن 400 مقاتل، وأخيراً ادعى أن 700 منهم من المقاومين.

وفيما يتعلق بالمعايير، التي استند إليها جيش الاحتلال في تحديد هوية الشهداء من المقاومين، قال المعلق العسكري في القناة "الثانية" الإسرائيلية، روني دانئيل، أمس الاثنين، إن كل منزل تم حفر نفق بالقرب منه يعتبر هدفاً مشروعاً للقصف، ويعتبر جميع أفراد العائلة، التي تقطن هذا المنزل، مقاومين يمكن المس بهم بهدف القتل. ومن الواضح أن هذا التخبط سيساعد لجان التحقيق الدولية على تقديم أدلة متماسكة على تعمد الجيش الإسرائيلي ارتكاب جرائم حرب.


وعلى الرغم من أن الساحة الأميركية ظلت أكثر الساحات، التي تبدي تأييداً متماسكاً ومتواصلاً لإسرائيل في حربها، إلا أن وزارة الخارجية الأميركية اضطرت إلى استخدام مصطلحات لم يسبق أن استخدمتها في التنديد بالجرائم الإسرائيلية، كما حدث في تعليق الخارجية على المجزرة، التي نفذها الجيش الإسرائيلي، الأحد الماضي، بحق فلسطينيين لجأوا إلى مدرسة تابعة لوكالة الغوث (الأونروا) في مدينة رفح، هرباً من القصف، وهي المجزرة التي قتل وجرح فيها العشرات.

ويحذر المعلق الإسرائيلي، حمي شليف، دوائر صنع القرار في تل أبيب من الركون إلى التأييد والدعم غير المتحفظ، الذي يبديه الكونغرس والمنظمات اليهودية لإسرائيل، منوهاً إلى أن هناك ما يدلل على وجود مؤشرات سلبية على توجهات الرأي العام الأميركي نحو إسرائيل.

وفي مقال نشرته أمس، الاثنين، صحيفة "هآرتس"، نوه شليف، إلى أن قطاعات واسعة من الليبراليين والمثقفين والشباب الأميركيين باتوا يجاهرون بمواقف نقدية تجاه السياسة الإسرائيلية، لا سيما خلال الحرب على غزة. ويشير إلى ما كتبه المغني الأميركي، ذو الأصول الأفريقية، جون ليجيند، على حسابه في "تويتر"، منتقداً إسرائيل، حين كتب: "يصيبني الإعياء عندما أنظر إلى وزير خارجيتنا (جون كيري) وهو يخرج عن طوره في تشديده على حبه لإسرائيل، في الوقت الذي تتفنن حكومتها في إهانته".