تستعد مدينة عدن للتحوّل إلى مركز إدارة الدولة اليمنيّة، وإن كان بشكل مؤقّت، في ظلّ نقل كلّ صلاحيات وامتيازات العاصمة صنعاء إليها، بما فيها مقرات البعثات الدبلوماسية، بعد وصول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى المدينة، وإعلانه في بيان، إلغاء كلّ المحادثات الجارية في صنعاء.
ويبدو أنّ ترتيبات مكثّفة تجري لسحب البساط من تحت أقدام المليشيات المسلّحة التابعة للحوثيين، من خلال حصارهم سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، فيما يقود هادي منذ الساعة الأولى لوصوله إلى عدن لقاءات مكثّفة مع جميع الأطراف السياسيّة، من سلطات محلية وقيادات الجيش والأمن في عدن ومحافظات الجنوب.
وكانت مصادر مقرّبة من هادي، قد أكّدت التوجّه لنقل البعثات الدبلوماسيّة الأجنبيّة من صنعاء إلى عدن، وتفعيل قنصليّاتها الموجودة فيها، وفتح الأبواب أمام عشرات الآلاف من اليمنيين، الذين تعطّلت معاملاتهم بسبب إغلاق عدد من السفارات لمكاتبها في صنعاء، على خلفيّة الأوضاع الأمنيّة الأخيرة، لا سيّما بعد احتلال الحوثيين للعاصمة وتنفيذ الانقلاب.
اقرأ أيضاً: اليمن: سيناريوهات ما بعد عودة هادي إلى عدن
وفي سياق متصل، يكشف محافظ عدن، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد"، أنّ هادي ترأس، أمس الأحد، اجتماعاً في القصر الجمهوري في عدن، ضمّ قيادات محافظات إقليم عدن وقادة الأجهزة الأمنية وقيادة المنطقة العسكرية الرابعة. ويشير إلى أنّ "الجميع أكّدوا تمسّكهم بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذيّة، ورفض الانقلاب، والتأكيد على تمسّكهم بالدولة الاتحاديّة، ودستور الدولة الاتحادية".
تعزيز الأمن
وتوافق المجتمعون، وفق بن حبتور، على "تعزيز الأمن في معظم المحافظات، تمهيداً لتوفير الظروف الملائمة في عمليّة إدارة الدولة من عدن"، لافتاً إلى "توجّه لدى عدد من البعثات الدبلوماسيّة، لنقل مقراتها وصلاحياتها إلى عدن، لتمارس عملها، لا سيّما ما يطال علاقتها ومصالحها مع الدولة اليمنيّة، ما يتطلّب توفير الأمن والاستقرار، لتسهيل عمل البعثات وتحرّكاتها".
ويوضح بن حبتور أنّ "مدينة عدن ستكون مقراً لمؤسّسة الرئاسة، برئاسة هادي، لتولي مهام إدارة الدولة، فيما ستكون تعز مقراً للحكومة اليمنية، لممارسة صلاحياتها ومهامها الوطنية، الى جانب الرئيس وطاقمه". كما تطرّق اللقاء إلى "طريقة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني".
تصفية الحسابات
في غضون ذلك، لم يتأخر المتحدّث الرسمي باسم "الحراك الجنوبي" ردفان الدبيس، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، في دعوة هادي لـ "الوقوف إلى جانب شعب الجنوب، وألا يسمح بأن تكون عدن ساحة لتصفية الحسابات، أو لانطلاق صراعات إقليميّة ودوليّة، أو جعلها عاصمة لليمن أو للحوارات اليمنية".
اقرأ أيضاً: هادي يعلن بطلان قرارات الحوثيين كافة
وفي موازاة تأكيده "رفض الجنوبيين للانقلاب الحوثي، وتضامنهم مع أشقائهم في الشمال لرفض الانقلاب، ودعمهم في إقامة دولة مدنية، وتحسين العلاقة بين الشمال والجنوب، من خلال علاقات حسن الجوار"، يشدد الدبيس على أنّ "شعب الجنوب يطالب بدعمه لاستعادة دولته والتحرير من الاحتلال اليمني"، مشيراً إلى أنّ "الجنوبيين لن يقبلوا بدخول مليشيات الحوثيين إلى الجنوب".
وكانت مصادر أمنية أشارت إلى "قدرة الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة في محافظة عدن على تأمين العملية السياسيّة والدبلوماسيّة"، في وقت تعزّز فيه السلطات الأمنيّة في عدن، تواجدها قرب مقرات المنظمات الدوليّة والبعثات الدبلوماسية، لا سيّما في مدينة خور مكسر، حيث تتواجد معظم البعثات الدبلوماسية ومطار عدن، علماً أنّ عدداً من المقرات الأمنية والعسكرية يحيط بهذه المناطق.
وتفيد مصادر بأنّ هادي التقى بعد وصوله، عدداً من ممثلي البعثات الخارجية، وبحث معهم التطورات في اليمن ومصير البعثات الدبلوماسية، لا سيما تلك التي أعلنت تضامنها ضد الانقلاب، وغادرت اليمن تعبيراً عن رفضها. وطالبت أطراف سياسية البعثات الدبلوماسية، التي غادرت اليمن، بالعودة إلى عدن أو تعز، ونقل تعاملاتها، تزامناً مع تأكيد بعثات عربية ودولية، نقل طواقمها الدبلوماسيّة إلى عدن، الى جانب تلك الموجودة أصلاً ولم تغادر.
في موازاة ذلك، تبدي بعض الأطراف خشيتها من أن تخلق الاحتكاكات، التي تجري بين اللجان الشعبيّة الجنوبيّة وقوات الأمن الخاصة، ثغرات أمنيّة، وهو ما تسعى اللجنة الأمنية وقيادة محافظة عدن والجيش الذي يتكفل بحماية مناطق الخلاف بين الطرفين، إلى تجاوزه، ولا سيّما أنّ عدن شهدت خلال اليومين الماضيين هدوءاً نسبياً".