عجز قياسي في الميزان التجاري الجزائري

23 يوليو 2016
لا يزال النفط مهيمناً على الصادرات الجزائرية (Getty)
+ الخط -
سجّل الميزان التجاري للجزائر خلال النصف الأول من السنة الجارية عجزاً جديداً غير مسبوق قُدر بـ 10.83 مليارات دولار، مقابل 8.51 مليارات دولار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، أي بنسبة ارتفاع بلغت 27.2% وفق ما كشفت عنه بيانات حديثة للجمارك الجزائرية.
وأوردت الأرقام التي كشفت عنها الجمارك الجزائرية تراجع الصادرات بشكل ملموس، حيث صدرت الجزائر ما قيمته 12.86 مليار دولار، وهو رقم يقل كثيراً عما صدرته البلاد في نفس الفترة من السنة الماضية رغم الأزمة المالية، حيث صدرت الجزائر قرابة 19 مليار دولار، أي أن المداخيل تراجعت بنحو 33%، وهو ما يمثل 6.25 مليارات دولار.
أما واردات الجزائر فقد تراجعت هي الأخرى حسب حصيلة النصف الأول التي كشفت عنها الجمارك الجزائرية، لتستقر عند 23.51 مليار دولار مقابل 27.44 مليار دولار خلال النصف الأول من 2015، أي بانخفاض يقدر بـ 3.9 مليارات دولار.
ولا تزال الصادرات النفطية تتقدم قائمة صادرات الجزائر، حيث حازت على نسبة 93.55% من الحجم الكلي للصادرات، وبقيمة 11.86 مليار دولار فقط خلال النصف الأول من السنة الجارية، فاقدةً نحو ستة مليارات دولار، حيث صدرت الجزائر في نفس المدة من السنة الماضية ما قيمته 17.86 مليار دولار، ويعتبر هذا التراجع منطقياً ومتوقعاً نظراً للأسعار التي سجلها الذهب الأسود في البورصات العالمية.
وتشير الأرقام نفسها إلى أنّ الزبائن الخمسة الأوائل للجزائر خلال النصف الأول من 2016، هم زبائن "الطاقة"، وعلى رأسهم إيطاليا بـ2.5 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20% من إجمالي الصادرات الجزائرية خلال هذه الفترة، تليها إسبانيا بـ1.7 مليار دولار، ثم فرنسا بـ1.4 مليار دولار، وبعدها الولايات المتحدة الأميركية بـ931 مليون دولار، فكندا بـ 784 مليون دولار.
إلا أن المفاجأة التي حملتها أرقام الجمارك الجزائرية حول الميزان التجاري للبلاد، هو انخفاض الصادرات غير تلك التي تتبع لقطاع الطاقة، وذلك رغم الخطاب الرسمي الداعي لتنويع الاقتصاد الوطني، حيث استقرت صادرات الجزائر خارج النفط عند 818 مليون دولار أي تراجعت بـ 235 بعدما كانت عند 10.06 مليارات دولار في نهاية النصف الأول من 2015.


وجاءت المنتجات نصف المصنعة وراء المحروقات في قائمة صادرات الجزائر بنحو 624 مليون دولار، تليها السلع الغذائية بنحو 129 مليون دولار، بالإضافة إلى المنتجات الخام بـ34 مليون دولار، والتجهيزات الصناعية التي تمثل 22 مليون دولار، وكذا السلع الاستهلاكية غير الغذائية بـ9 ملايين دولار.
ودفعت الجزائر ما يقارب 13.6 مليار دولار نقداً من أصل 23 مليار دولار، ومولت خطوط ائتمان الواردات بنسبة 37.9%، أي بقيمة تقدر بقرابة 9 مليارات دولار، في حين مولت الحسابات بالعملة الصعبة ملياري دولار من مشتريات الجزائر الخارجية، وبقية الواردات التي تم تمويلها من خلال العودة إلى وسائل أخرى للدفع بحوالي 970 مليون دولار.
وحسب الجمارك الجزائرية فقد جاءت الصين على رأس الممونين الرئيسيين للجزائر للعام الثالث بما يزيد عن 4 مليارات دولار من السلع الصينية أي 17.7%من إجمالي الواردات الجزائرية، تليها فرنسا التي أزاحتها الصين سنة 2014 عن الصدارة بـ 2.6 مليار دولار، وإيطاليا بـ2.4 مليار دولار، ثم إسبانيا بـ1.86 مليار دولار، وألمانيا بـ1.33 مليار دولار.

وكان الميزان التجاري للجزائر قد حقق في الأشهر الأولى من العام الجاري عجزٍاً قياسياً بلغ 1.875 مليار دولار خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2016، ليترفع عند نهاية شهر آذار/ مارس المنصرم إلى5.616 مليارات، ثم إلى 9.8 مليارات دولار عند نهاية شهر مايو/ أيار مقابل 7.23 مليارات دولار عند الفترة نفسها من 2015.
ويجمع المحللون على أن الأرقام التي كشفت عنها الجمارك الجزائرية والمتعلقة بتطورات الحركة التجارية للبلاد، جاءت مخالفة لخطاب الحكومة الجزائرية الرامي لتنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار في القطاعات غير النفطية.
ويرى الخبير الاقتصادي جمال نور الدين في تعليق لـ "العربي الجديد" أن "الوقت لا يزال مبكراً نوعاً ما للحكم على أداء الحكومة الجزائرية في ما يتعلق بكبح فاتورة الواردات وتنويع الصادرات خارج النفط، إلا أن الأرقام التي كشفت عنها الجمارك الجزائرية تترجم محدودية الإجراءات الاستعجالية التي أقرها الجهاز التنفيذي وفي مقدمتها إقرار نظام "رخص الاستيراد" التي وفرت نحو 4 مليارات دولار فقط مقارنة مع السنة الماضية وجلها جاء في قطاع السيارات والأدوية، فيما عجزت الحكومة الجزائرية عن كبح فاتورة واردات البلاد من القمح ومسحوق الحليب وغيرها من السلع التي يرتبط بها "الأمن الغذائي" للبلاد.
ويرى المحلل الاقتصادي إبراهيم نواورية أن التجارة الخارجية الجزائرية تعاني من مشكلتين؛ الأولى هي عدم قدرتها على تقييد فاتورة الاستيراد والمشكلة الثانية هي استمرار تهاوي أسعار النفط.
ومن هنا، يتوقع نواورية أن "يصل العجز في الميزان التجاري عند نهاية السنة الحالية عند 30 مليار دولار، وأن تضطر الحكومة إلى تغطية هذا العجز من خلال سحب أموالٍ من احتياطي البلاد من العملة الصعبة".

المساهمون