عجز المعارضة المصرية: مساومات وضغوط ونجاح سطوة الأجهزة الأمنية

13 يوليو 2017
غياب التظاهرات الحاشدة للاعتراض على اتفاقية "تيران وصنافير"(إبراهيم عزة/Getty)
+ الخط -
تزداد الانتقادات من قبل المعارضة المصرية، لا سيما من معسكر "30 يونيو"، للنظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، سواء في أزمة التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، أو بسبب سياساته الاقتصادية التي تلقي بثقلها على الشعب المصري. لكن النظام نجح في لجم حركة المعارضة العاجزة بدورها عن تشكيل جبهة موحدة عابرة للمصالح الحزبية الضيقة.

وقد خرجت تظاهرات محدودة بعد دعوات من "حملة الدفاع عن الأرض"، ثم ما لبثت أن هدأت الأمور من دون معاودة الدعوة لتظاهرات حاشدة للاعتراض على مصادقة السيسي على الاتفاقية التي وافق عليها مجلس النواب المصري. وباتت المعارضة لا تمارس دورها إلا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، مع الأخذ في الاعتبار أن المشاورات الهادفة إلى تقديم مرشح بديل للسيسي في انتخابات الرئاسة، شبه متوقفة خلال الفترة الحالية.

ورأى مراقبون أن الأحزاب بشكل عام غير قادرة على التحرك بشكل فعّال لقيادة الشعب المصري واستثمار حالة الغضب الشديد لصالحها، في مواجهة النظام الحالي. وذكرت مصادر شبابية في أحد أحزاب المعارضة، أن هناك ضغوطاً كبيرة مارستها أجهزة أمنية في الدولة على المعارضة خلال الفترة الماضية، فضلاً عن طريقة التعامل مع القيادات التي تعرضت لاعتداءات خلال المسيرات الرافضة للتنازل عن الجزيرتين، بحسب المصادر نفسها.

وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد" أن المعارضة تواجه صعوبة شديدة في التحرك، لا سيما أن قوات الأمن تلاحق القيادات الوسطى في الأحزاب، إضافةً إلى الشباب الفاعلين والناشطين المعروفين. وتابعت أن الوضع في مصر "ينتقل من سيئ لأسوأ" خلال الفترة الحالية، حتى أن جهود توحيد المعارضة متوقفة، علماً بأنه يجب الإسراع في هذه الخطوة، على حد تعبير المصادر التي تدعو في هذه المرحلة، إلى ضرورة التغاضي عن أي خلافات أيديولوجية بين صفوف المعارضة سواء من الأحزاب أو الحركات الثورية.



ولفتت المصادر إلى أن تحذيرات وصلت لقيادات المعارضة في المحافظات من قبل جهاز الأمن الوطني بعدم القيام بأي فعاليات، ومن يخالف ذلك ستتم ملاحقته مثلما حدث مع قيادات حزب "تيار الكرامة" في الإسكندرية ومحافظات أخرى. وشددت على أن منسوب الغضب الشعبي يتزايد ولكن من دون قدرة حقيقية على استغلاله بفعل تحركات الأجهزة الأمنية. وتوقعت المصادر الشبابية تشديد هذه الملاحقات والتضييق على المعارضة كلما اقترب موعد انتخابات الرئاسة المقبلة.

وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن هناك مساومات للإفراج عن الشباب الذين اعتقلوا قبيل تمرير اتفاقية "تيران وصنافير"، والمعتقلين خلال المسيرات اللاحقة، وذلك مقابل سكوتهم والتزامهم بعدم التصعيد. وأكدت عدم قدرة المعارضة على الهروب من الحصار المفروض عليها، في ظل استمرار عمليات القبض على أعضاء ناشطين في صفوفها.

من جهته، قال خبير سياسي في "مركز الأهرام للدراسات السياسية" إن الأجهزة الأمنية نجحت في فرض كلمتها على المناخ السياسي في مصر، وبالتالي فإن أي خروج عن الخط المرسوم سيواجَه بقسوة. وأضاف الخبير السياسي لـ"العربي الجديد" أن أحزاب المعارضة لن تتحرك ولا يعول عليها مطلقاً، خاصةً أنها ضعيفة في الأساس وتستسلم للضغوط الأمنية. وتابع أن الرهان الآن على الشباب والناشطين غير المحسوبين على أي تيار أو حزب، لكن هذا يحتاج إلى طريقة تعامل مختلفة حتى يكون هناك فاعلية أكبر خلال الفترة المقبلة، وفق تعبيره. وأشار إلى أنه في النهاية لن تتمكن هذه الأحزاب من التجمع في كيان واحد يمثل المعارضة بمفهومها الواسع، وبشكل يتجاوز المصالح الحزبية الضيقة.

في السياق ذاته، قال أحد شباب "ثورة 25 يناير" إن الخلافات وعدم القدرة على التحرك الفعلي تدفع الشباب للابتعاد عن أي مشاورات خاصة بالأحزاب. وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأحزاب لا تؤمن بفكرة الدفع باتجاه ثورة جديدة ولكن الشباب يرون أن لا بديل عن هذا الأمر، لا سيما أن كل المؤشرات والتحركات تشي باستمرار السيسي لفترة رئاسية ثانية بغض النظر عن مدى قوة المرشح الذي قد ينافسه، في ما لو قرر أحد الشخصيات خوض السباق الانتخابي من الأساس. وتابع أن بعض شباب الثورة فضّل الابتعاد عن الساحة قليلاً بسبب عدم تفعيل مسار توحيد قوى المعارضة، لا سيما أن بعض الأحزاب عرقلت أكثر من مرة مشاورات تشكيل جبهة موحدة للمعارضة في أوقات سابقة منذ وصول السيسي للحكم.

المساهمون