وقال رئيس البرلمان، علي عبد العال، إن هناك أحكاماً قضائية واجبة النفاذ ضد عضوين في المجلس، غير أن المادة 110 من الدستور تنص على أنه "لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء، إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخلّ بواجباتها. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه".
وأضاف عبد العال: "هذه المادة تتكلم عن نوعين من إسقاط العضوية، الأول فقد الثقة والاعتبار وشروط العضوية، والثاني الإخلال بواجبات العضوية"، مبيناً أن إسقاط العضوية أو "الإسقاط التأديبي" يقتضي موافقة الأغلبية من النواب، الأمر الذي توقف أمامه كثيراً بوصفه أستاذاً للقانون الدستوري، وما إذا كان هذا النص ينطبق في حالات الأحكام الجنائية واجبة النفاذ.
وتابع: "الحقيقة أن الموضوع يحتاج من المجلس الكثير من التفكير الهادئ والعميق، في ضوء ما ذهبت إليه المحاكم الدستورية العليا، إذ اقتبس ما قالته المحكمة بأن: الحصانة البرلمانية لا تعد امتيازاً للعضو، وإنما مقررة للمصلحة العامة، وليست لمصلحة العضو الشخصية. ويتعين أن تبقى العضوية والحصانة في الحدود والقيود التي تكفل لها استقلال البرلمان، وحرية أعضائه أثناء القيام بواجباتهم، وهم في مأمن من كيد خصومهم السياسيين".
وزاد عبد العال: "الحصانة ليست مقررة لمواجهة الأحكام القضائية، ولا ينبغي أن يذهب البرلمان في استقلاله إلى حد التعدي على السلطات الأخرى، أو تتحول الحصانة لوسيلة تستهدف خرق القانون"، مستطرداً: "الموضوع على درجة كبيرة من الأهمية، لذا يجب إعمال المادة 19 من لائحة المجلس، والتي تنص على أن لمكتب المجلس أن يكلف إحدى اللجان بدراسة موضوع معين، وعرض ما تنتهي إليه اللجنة من توصيات على المجلس".
وطلب عبد العال من اللجنة التشريعية في المجلس إجراء دراسة قانونية عن الأحكام القضائية الصادرة في حق النائبين، وما إذا كان هناك إجراءات لإسقاط العضوية، أم العضوية تسقط بذلك بشكل تلقائي، استناداً إلى نصوص الدستور والقانون، والأعراف البرلمانية في هذا الصدد، إيذاناً بعرض التقرير على البرلمان في مدة أقصاها عشرون يوماً، لتبيان التصويت على إسقاط العضوية من عدمه (سقوطها تلقائياً).
وختم عبد العال قائلاً إن "مقترحه يراعي إيجاد حل قانوني لا يصطدم بقرار المجلس بشأن إسقاط العضوية، على اعتبار أن هناك أثراً مترتباً لاحتمال رفض المجلس لإسقاط العضوية. وبالتالي لا بد من التفكير بشكل قانوني في إيجاد الحلول، وتحديد طريقة إجراءات إسقاط العضوية، على ضوء ما نصت عليه اللائحة الداخلية المجلس من إجراءات تتعلق بحالة فقد الثقة والاعتبار، أو بحالة فقد شروط العضوية".
وانتهت اللجنة التشريعية، في تقرير لها، إلى إسقاط عضوية النائبة الهواري، استناداً إلى الحكم النهائي الصادر - حضورياً - من الدائرة الرابعة بمحكمة جنايات الإسكندرية الاقتصادية، بجلسة 23 فبراير/ شباط 2017، ويقضي بحبسها لمدة خمس سنوات في القضية رقم 39 لسنة 2012 (جنح اقتصادية عامرية أول)، لارتكابها جريمة التفالس بالتدليس على النحو المبين بأوراق ومستندات القضية.
وأشار تقرير اللجنة إلى أن الواقعة المنسوبة للهواري، تعود إلى إبان شغلها منصب عضو مجلس إدارة شركة الإسكندرية للصلب (شركة مساهمة مصرية)، إذ أخفت دفاتر الشركة التجارية بالاشتراك مع آخرين، في تاريخ سابق على أكتوبر/ تشرين الأول 1998، واتفقت وتواطأت مع أعضاء مجلس الإدارة فيما بينهم بسوء نية، وذلك برهن أصول الشركة، ومقوماتها.
وأضاف التقرير: "وإمعاناً في التدليس، استخرجت الهواري وآخرين سجلين تجاريين تقدموا بهما إلى بنكي القاهرة والاعتماد والتجارة، للحصول على قروض عدة تجاوزت قيمتها 218 مليون جنيه، بما يفوق مقومات الشركة من دون ضمانات كافية، بالتواطؤ مع مسؤولي البنك، مستغلين في ذلك اسم الشركة المفلسة، واختلسوا المبالغ لأنفسهم، وقاموا بإخفائها، والاستيلاء عليها، والتصرف في أموال الشركة على نحو أضر بالدائنين".
كما أفاد تقرير اللجنة بأن المتهمين تلاعبوا أيضاً في أصول الشركة، وتحميلها ضرائب، وقاموا بأعمال تجارية لحسابهم الخاص، والتصرف في أموالها كما لو كانت أموالهم الخاصة، حتى تراكمت ديون الشركة فتوقفت عن دفع ديونها الحالية الخالية من المنازعات، وعن الوفاء بالتزاماتها، ما قضى بشهر إفلاسها في القضية رقم 47 لسنة 2001، بما يعد تفالساً بالتدليس على النحو المبين بالأوراق.
ورأت اللجنة في التقرير أن هذا الحكم القضائي هو عنوان الحقيقة، ومن ثم فإن النائبة فقدت أحد الشروط اللازمة للعضوية، ألا وهو الثقة والاعتبار، بحسبان أن كل حكم بعقوبة يفقد الثقة والاعتبار، موصية بأن يتخذ المجلس إجراءات إسقاط العضوية عنها وفقاً للقانون والدستور.
وفي 25 يوليو/ تموز 2018، أرجأ مجلس النواب التصويت على تقرير اللجنة الخاص بإسقاط العضوية عن الهواري، والتي تشغل منصب عضو الاتحاد المصري لكرة القدم، إلى دور الانعقاد التالي (الحالي)، برغم إيداعها سجن دمنهور للنساء منذ إبريل/ نيسان 2017، تحت ذريعة عدم توافر النصاب القانوني اللازم لإسقاط العضوية، والمحدد وفق الدستور واللائحة المنظمة بموافقة الثلثين "نداءً بالاسم".
وأقر تقرير اللجنة التشريعية بوجوب إسقاط عضوية الهواري، الفائزة بمقعدها النيابي عن قائمة "في حب مصر"، المدعومة من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، كونها فقدت شرطي الثقة والاعتبار، مبينة أن محكمة النقض قبلت طعن النائبة شكلاً، ورفضته موضوعاً، وهو ما يستلزم الإسراع في إجراءات إسقاط عضويتها، استناداً إلى المادة 110 من الدستور.
على صعيد متصل، أوصت اللجنة التشريعية بإسقاط عضوية النائب بشر، على خلفية الأحكام القضائية واجبة النفاذ الصادرة ضده في القضايا أرقام 42782 لسنة 2013، و28731 لسنة 2014، و13304 لسنة 2016، و20373 لسنة 2016، و20374 لسنة 2016 (جنح مركز الزقازيق)، والحكم الصادر في القضية رقم 15124 لسنة 2015 (جنح الدقي).
وأدين بشر بتحرير شيكات من دون رصيد لبنك "المصرف المتحد" بقرابة 34 مليون جنيه، إذ أصدر العديد من الشيكات لصالح البنك، ضماناً لمديونية وقروض حصل عليها، ولم يقم بالوفاء بالمديونية للبنك، الأمر الذي حدا بالأخير بأن يتقدم بطلب إلى مجلس النواب لإسقاط العضوية، وفق الأحكام الصادرة ضده بمناسبة استيلائه على أموال مملوكة للمصرف المتحد، والبنك المركزي المصري.
واعتبرت اللجنة التشريعية أن تورط بشر في تلك الوقائع يمثل خروجاً على التقاليد النيابية، والقيم الأخلاقية، وكذلك المبادئ الأساسية الاقتصادية للمجتمع المصري، وذلك وفق الخطابات المقدمة من محافظ البنك المركزي، ورئيس المصرف المتحد، والتي أحالها رئيس المجلس للجنة لدراستها.
وحسب تقرير اللجنة، فإن الخطابات المقدمة لها تضمنت صوراً من الأحكام الصادرة من محكمة جنح مركز الزقازيق، وكذا صورة من الحكم الصادر من محكمة جنح الدقي، التي تثبت ارتكاب بشر جريمة إصدار شيكات من دون رصيد، مع الإشارة إلى أن اللجنة أتاحت الفرصة للنائب للتسوية مع البنك على مدار الفترة الماضية من دون جدوى.
ورأت اللجنة أن "صدور أحكام قضائية بعقوبات مختلفة، لهي دليل على أن النائب قد استجرأ مخالفة القانون، وعدم الانصياع لأحكامه، وبالتالي يفتقد شرط حسن السمعة، أياً كان مأل تلك الأحكام"، لافتة إلى أن الأوراق كشفت حصول النائب على مبالغ مالية من المصرف المتحد - كقروض – وتحريره شيكات كضمان لذلك، وعندما تقدم المصرف لصرف قيمتها من البنك المسحوب عليه، تبين عدم وجود رصيد للنائب.
كما رأت أيضاً أن المصرف قد أرفق مع الأحكام إقراراً من بشر، موقعاً منه بتاريخ 18 يناير/ كانون الثاني 2017، بتصديقه على كامل المديونية المستحقة للمصرف قبله، بإجمالي 44.3 مليون جنيه، ورأت أن جريمة إصدار شيك بلا رصيد من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة والسمعة الحسنة، وتفقد الثقة والاعتبار، ولا يجب أن يسمح للنائب باستغلال حصانته البرلمانية للإفلات من إجراءات الدعوى الجنائية.
سبق أن عرقل رئيس البرلمان فصل المجلس في طلب الإذن برفع الحصانة عن بشر، والمقدم من النيابة العامة، في ديسمبر/كانون الأول 2016، لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد عضو البرلمان المتهم بالنصب والاحتيال في قضية إصدار شيكات من دون رصيد. ورفض رئيس المجلس آنذاك مناقشة تقرير اللجنة التشريعية الذي أوصى برفع الحصانة عن النائب، بدعوى تمكينه من إبداء دفاعه أمام المجلس.