عجائب البطريرك

27 ديسمبر 2014
البطريرك بشارة الراعي (الموقع الرسمي لبكركي)
+ الخط -

قبل ألفي عام ولد "مخلّص" للبشر تحتفل الطوائف المسيحية اليوم بميلاده. دفع زمن "المحبّة والرجاء والفرح" في عيد الميلاد، البطريرك الماروني، بشارة الراعي، إلى محاكاة قيادة تنظيمي "الدولة الإسلامية" (داعش) وجبهة "النصرة"، علّهما يعفيان عن العسكريين اللبنانيين المخطوفين لديهما منذ خمسة أشهر.

خاطب الراعي، الخاطفين المتشدّدين بلغة "المشاعر الإنسانية التي لم تخرج منكم" وبوصفهم "أناساً مؤمنين بالله"، وثالثاً لكون العسكريين "بشراً". الجميع "مؤمنون بالله" فما البال إذا كانوا يقتلون باسمه؟ الجميع بشر ويمكن للمشاعر الإنسانية أن تلفحهم يوماً ما وفي زمن ما. وعلّ هذا الزمن يأتي اليوم، فتحلّ العجيبة الإلهية على، زعيم تنظيم "داعش"، أبي بكر البغدادي ويحوّل سكاكين جنوده إلى ألعاب ملوّنة، ويصبح آكلو القلوب البشرية من محبي الحلوى وعصي السكاكر الميلادية.

الجميع بشر، وفق كل الديانات ووفق المنطق الإنساني الطبيعي، غير أنّ هذه المسلمة تساوي بين القاتل والضحية، حتى لو كان ضحاياه بالآلاف، وحتى لو كان اسمه "داعش" أو "النصرة" أو نظام الرئيس السوري، بشار الأسد. الجميع بشر إلّا وفق قناعات القاتل أياً كان اسمه.

يتحدث البطريرك الماروني إلى الخاطفين كما لو أنّه لم يسبق لهم أن أعدموا أربعة من العسكريين، أو أنّ زملاء لهم لم يرتكبوا المجازر الجماعية ويهجّروا مئات الآلاف من سورية والعراق. كما لو أنهم مجرّد لصوص مخطئين يسرقون ليأكلوا أو يرتكبون الأفعال الجرمية ليعبّروا فقط عن كبت ما. للمرة الثانية يحاول الراعي محاورة "داعش"، إذ سبق أن دعا قيادته إلى "التأمل بالله وبالإنسانية". 

يحاول البطريرك الماروني اقتباس الكثير من أعمال الكنيسة الكاثوليكية ورأسها، تحديداً البابا فرنسيس، بالدعوة إلى الحب والغفران والتأمل والسلام. لكن الراعي تخطّى ذلك بأشواط وحوّل تعاليم الكنيسة وممارساتها المفترضة إلى خطاب متكرّر ومتعثّر في آن واحد. وفي حين تجمع الدول من الغرب إلى الشرق، على وجوب قصف "الإرهاب" وتدميره على رأس قيادته، يبحث الراعي عن حوار ونفحة عجائبية. وبدل أن يطلب أن تحلّ النعمة الإلهية على المسؤولين في الدولة اللبنانية فتدفعهم إلى السير بالتفاوض وإنقاذ أرواح العسكريين، فضّل التحاور مع الشرّ المطلق مباشرةً.