عثمان سو.. رحيل إلى أرض أفريقيا

01 ديسمبر 2016
(الفنان مع أحد أعماله)
+ الخط -

رحل، صباح اليوم في العاصمة السنغالية داكار، النحّات السنغالي عثمان سو عن 81 عاماً، والذي يعد أحد أبرز النحّاتين الأفارقة على الساحة العالمية.

هاجر سو إلى فرنسا منذ ستة عقود. في سن الحادية والعشرين، توجّه عثمان على ظهر سفينة للشحن إلى فرنسا، وعاش مشرّداً، يطلب النوم مرّة في قسم الشرطة ومرّة في مكان آخر، إلى أن درس العلاج الطبيعي في فرنسا وعاد إلى بلاده مع الاستقلال 1960 بعد أن اختار الاحتفاظ بجنسيته السنغالية. انتظر إلى سن الخمسين تقريباً ليتفرّغ تماماً للنحت.

أقام معرضه الأول سنة 1987 الذي كان يضمّ منحوتاته النوبيّة، وبعدها بدأت أعماله في الانتشار عالمياً، إذ تعرض اليوم في عشرات متاحف الفن حول العالم. في سنة 1999 جذب معرضه الذي أقيم على "جسر الفنون" في باريس قرابة ثلاثة ملايين مشاهد: كانت منحوتات مصارعي قبائل الزولو، الشهيرة بمقاومتها للسيطرة الأوروبية، تقف بكلتها الضخمة  بكل كبرياء وعنفوان على جسر يطل على نهر السين، وهو ما اعتبر رسالة سياسية وقتها.

استمر سو بتقديم سلسلة أبطال تنتمي إلى الشعوب القديمة في أفريقيا؛ من النوبيين والزولو والماساي. وفيما بعد، قدّم أعمالاً تستلهم الشعوب الأميركية الأصلية. وغالباً ما صوّر في أعماله مشاهداً من المعارك أو من الحياة اليومية لأفراد هذه الشعوب. كان يؤسس من المنحوتات مشهداً بصرياً كاملاً تتوزع فيه كتل أبطاله الذين تتصف أجسادهم بالضخامة وبالقوة التي تختزنها، بالإضافة إلى حدة الملامح المشبعة بالكبرياء والفخر.

كثيراً ما قارن النقاد أعمال سو بالنحات الفرنسي الشهير أوغست رودان (1840-1917) حتى لقبه البعض بـ"أوغست رودان السنغال". وفي عام 2013، منحته "الأكاديمية الفرنسية للفنون الجميلة" مقعداً فيها بصفته شريكاً أجنبياً، وكان أول فنان أسود يدخل الأكاديمية، حيث قال في كلمة تنصيبه: "أنا أنتمي إلى تيار يهتم بأفريقيا، على غرار نظيري ومواطني الكاتب السنغالي ليوبولد سيدا سنغور الذي انتخب في الأكاديمية الفرنسية قبل ثلاثين عاماً. لهذا أهدي هذا التكريم لأفريقيا كاملة ولجاليتها في الشتات".

تروي حياة الفنان السنغالي حكاية ارتباط بأرض أفريقيا التي غادرها عاد إلى ترابها اليوم، تاركاً فيها تماثيله الضخمة التي طالما قيل عن مادتها: "مصنوعة من خلطة سرية لا يعرفها أحد سوى عثمان سو".

دلالات
المساهمون