عبد الحسن الديري: الاكتفاء الذاتي يبدأ من المشاريع الصغيرة

07 يناير 2015
رئيس مجلس إدارة جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة البحرينية
+ الخط -
* كيف تقيّم واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحجمها في العالم العربي؟
تحتاج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الى المساعدة. وتعد المقاولات قاعدة ‏هرم الاستثمار، إلا أنه حتى اليوم، لا يزال الاهتمام بها ضعيفاً، حيث تمثل المقاولات الصغرى والمتوسطة أكثر من 90‏‎%‎‏ ‏من المؤسسات العاملة في المجالات الاستثمارية المختلفة، لكن أغلبها ‏يفشل بعد ثلاث سنوات من إنشائها بسبب غياب ‏الدعم المطلوب والمناسب. فيما لو تم الاهتمام بها، لكانت نسب نجاح ‏هذه المقاولات أعلى. كما أن دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة يساهم في إيجاد فرص للعمل، الامر الذي يعود بالنفع على الاقتصاد ‏الوطني للدولة. في المقابل، نلاحظ الاهتمام الكبير للمؤسسات الصغيرة والمتوسطه في الدول المتقدمة، حيث تسعى هذه الدول الى طرح العديد من برامج الدعم وتقديم المساعدة لها على التوسع.
لذا أعتبر أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعد الجسر لأي وطن ‏كي يضمن الاكتفاء الذاتي.‏

* ما هي مجالات وآليات عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟
يركز عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الاستثمار في مجال الخدمات، بحيث لا ينصبّ اهتمامها بشكل كبير على الانتاج. لذا ينبغي علينا العمل على التحول من مجتمعات مستهلكة ‏إلى مجتمعات منتجة، حتى تتوسع أفاق عمل المؤسسات. فعلى سبيل المثال، يجب أن ندفع المؤسسات الصغيرة ‏والمتوسطة نحو المساهمة في الأمن الغذائي، عبر الاستثمار في ‏المجال الزراعي، وتشجيعها للخوض في غمار الصناعة، كصناعة الأجهزة الإلكترونية ‏والملابس.
يلاحظ أن عدد هذه المؤسسات كبير، لكن عدد رواد الأعمال العرب قليل، لذا نطمح ‏في المستقبل إلى صناعة رواد قادرين على الابداع والابتكار. فمن المعيب، على سبيل المثال، أن نستمر في استراد البلاستيك، ونحن دول نصدر البترول ‏ومشتقاته، ويمكن أن يكون هذا المجال من تخصص المقاولات ‏الصغيرة والمتوسطة، كي لا يعود ما صدّرناه خاماً مصنّعاً إلينا ‏بأضعاف الأسعار. ‏

* ألا تلاحظون في دول الشرق الأوسط، وخاصة الخليج، وجود ‏مزاحمة من القطاع العام للمقاولات بشكل عام؟ ‏كيف تفسّر ذلك؟
هذه قضية جوهرية ومهمة. ويجب أن أشير إلى مبادرة تقدمنا بها ‏لتشجيع الشركات الكبيرة، سواء الحكومية أو الخاصة، للعمل مع الشركات الصغيرة، حيث نسعى الى إقناع الفئة الأولى بضرورة أن توكل جزءاً من أعمالها ومنتجاتها إلى شركات ‏أصغر منها. وإن جرى إقرار هذه الصيغة، سيكون هنالك ربح متساوٍ ‏بين الفريقين، وستغيب المزاحمة، مقابل توفير منتوجات بأسعار أقل. ‏كما يمكن للشركات الكبيرة أن تشتري الخدمات من الشركات الاصغر،عبر عقود ذات قيمة متدنية نسبياً مع هامش معقول من الربح، وفي هذه ‏الحالة، تتمكن المؤسسات الكبيرة، سواء الخاصة أو الحكومية، من التفرغ لإقامة المشاريع الكبرى، كما هو الحال في دول مثل اليابان وألمانيا. ‏

* هل تلمسون دعماً من طرف اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي؟ وما هو نوع هذا الدعم؟ وكيف تقيّمون التجربة؟
لا شك أن هناك نوعاً من الدعم بدأ أخيراً من طرف الدول العربية مجتمعة. وهناك ‏صندوق أنشئ بمبادرة من أمير الكويت، عندما ترأس القمة العربية في ‏مصر في العام 2011، لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لكن ‏ثورات الربيع العربي أخّرت تنفيذ بعض الأمور. من جهة أخرى، فإن الدعم المصرفي والقروض أمران ضروريان لانطلاق واستمرار عمل المؤسسات ‏الصغيرة والمتوسطة.

* هل عامل الثقة حاضر بين المصارف والمؤسسات ‏الصغيرة والمتوسطة؟ ‏
على مستوى الخليج، هناك دراسة تمت منذ عامين تقريباً، أظهرت أن نسبة إقراض المؤسسات الصغيرة ‏والمتوسطة لا تتعدى 4‏‎%‎‏ في أحسن الفترات. وهذه النسبة لا شك أنها ضعيفة ‏جداً، حتى أنها تصل في بعض الدول إلى 1‏‎%‎‏ فقط. في المقابل، نجد أن ‏الدول المتقدمة تفرض على القطاع المصرفي منح قروض لدعم عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما ‏نسبته 30‏‎%‎‏ كحد أدنى، لكي تستطيع المصارف تجديد رخصها سنوياً. ‏ومن خلال هذه المقارنة، يتبيّن أن الفرق في آليات التعامل بين المصارف والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة شاسع جداً. نحن لا نطلب من المصارف ‏في دولنا أن يكون الدعم حتى 20‏‎%‎، لكن على أبعد تقدير يجب أن يصل قريباً إلى ‏‏10‏‎%‎‏ على الأقل، وهنا يأتي دور حكومات الدول كي تبني الثقة بين ‏المصارف ومؤسسات المقاولات الصغيرة والمتوسطة.‏

* كم يبلغ عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دولة البحرين؟ ‏
تشير أحدث الإحصائيات إلى وجود ما بين 75 و77 ألف مؤسسة ‏صغيرة ومتوسطة. تمثل فيها المؤسسات الصغرى التي يعمل فيها من ‏‏1 إلى 9 أفراد، ما نسبته 88‏‎%‎‏، وتساهم في الناتج القومي الداخلي ‏بنسبة تصل إلى 35‏‎%‎‏ في أفضل الحالات. ‏

* ما هو تعليقكم على إقامة منتدى ضخم لتشجيع عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتضنه البحرين مستقبلاً؟ ما هي النتائج التي يمكن أن يخرج بها المنتدى في حال إقامته؟
تبنت الأمم المتحدة حديثاً مفهوم ريادة الأعمال مضاف له التنمية. ‏وحين نتحدث عن ريادة الأعمال، لا نقصد بها التدريب والتمويل فقط، ‏ما نريده تنمية متكاملة تجمع (التدريب، التمويل، المساعدة، وتقديم ‏الاستشارة لضمان العملية الاستثمارية). ‏
ولذا سنعمل على طرح سلة إجراءات وبرامج تخلق بيئة سليمة، وجمع ما ‏أمكن من المستثمرين الرواد على هدف واحد، وهو تشجيع وضمان ‏المؤسسات الحديثة النشأة، وتقديم الدعم ‏بشكل أساسي لتنمية هذه الاعمال في المستقبل، نظراً لدورها في تنمية الاقتصاد المحلي.

* هل تفكرون في إيجاد منتدى أو جمعية أو اتحاد يضم جميع المقاولين ورواد العمل الشباب؟ ‏
لا شك أن التقسيم من أجل التنظيم أفضل. لكن هذا لا يمنع من التفكير ‏في العمل تحت سقف واحد، وأن نقوم بتأسيس إطار يجمع كل هؤلاء. ‏وانطلقنا من دول مجلس التعاون الخليجي، حين أسسنا في العام ‏الماضي "الاتحاد الخليجي لرواد الأعمال"، والذي يجمع مجموعة من ‏المؤسسات المستقلة، وأخذنا على الأقل من دول الخليج منظمتين من ‏كل دولة، ونعتقد أن هذه التجربة ستنجح، والدليل على نجاح هذه الخطوة ما أحرزه هذا الاتحاد في العام الاول لإنشاءه.
بالاضافة الى ذلك، هناك اتحاد عربي للمنشآت الصغيرة، مقره في القاهرة، وكلنا أمل أن ‏نحييه قريباً بعد إنشاء مجلس إدارة جديد. وهناك أيضاً اتحاد الشباب ‏العربي للتنمية المتكاملة، وكان لدينا لقاء أخيراً في مدينة مراكش ‏المغربية، وسوف نعلن عن مبادرات تصب باتجاه خدمة المقاولات ‏الصغيرة والمتوسطة.‏
المساهمون