عبد الجبار الرفاعي: قراءة أُخرى في التراث

16 يناير 2019
خالد الساعي/ سورية
+ الخط -

يُواصل الباحث العراقي، عبد الجبار الرفاعي (1954)، تقديم مراجعاته للتراث الإسلامي، من خلال التعامل معه باعتباره منجزاً بشرياً محكوماً باشتراطات زمانية ومكانية خاصة، وتعبيراً عن واقع سياسي واقتصادي وثقافي ولغوي، خارج المنظومة الفقهية التقليدية التي رُبطت الأخلاق والفكر والمجتمع بها.

"أفق جديد لفهم الوحي خارج المدوّنة الكلاميّة: من ولي الله الدهلوي إلى محمد مجتهد شبستري" عنوان محاضرته التي ينظّمها قسم العلوم الإسلاميّة في "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون" (بيت الحكمة) في تونس العاصمة عند الرابعة من مساء غدٍ الخميس.

يُعدّ الدهلوي (1703 - 1762) أحد أبرز المجدّدين في الخطاب الديني في شبه القارة الهندية، ويشير الرفاعي في مقال سابق إلى أن العديد من المفكّرين العرب والإيرانيين استعاورا كثيراً من المقولات الاعتقادية والمفاهيم الكلّية الهامة من المفكّرين الهنود.

ويوضح أن الدهلوي امتلك رؤية تتّسع لعبور أسوار التراث، وتحاول أن تُعيد قراءة القرآن والحديث في ضوء الأفق التاريخي لعصر البعثة، إذ ازاح شيئاً من ركام التفاسير المكرّرة والشروح التي دفنت القرآن وغيّبت المقاصد الكلية للرسالة الاسلامية، وحاول أن يرى النص القرآني بلا وسائط تحجبه.

كما يلفت إلى أن ولي الله قد اصطلح على تعبير الشرائع عن مجتمعاتها بـ "الارتفاقات"، وهي تعني أن شرائع النبوات تتناسب وإيقاع حياة ونمط عيش المجتمعات التي ظهرت فيها، ولا تخرج إلا بشكل محدود عن طبيعة حياتهم وظروفهم وعاداتهم وتقاليدهم؛ بمعنى أن هناك تناغماً بين الشريعة واحتياجات المجتمع.

يعتقد الدهلوي، بحسب الرفاعي، أن وحي القرآن إنما يحدث في "قالب كلمات واصطلاحات وصياغات سبق أن وجدت في ثقافة النبي"، مؤكّداً أنه يمكن أن "نقرأ ما يشي بشيء من إيماءات هذا الفهم أخيراً لدى محمد مجتهد شبستري، في سلسلة محاضراته الموسومة بـ"القراءة النبوية للعالم"".

ويوضح أن الشبستري ينطلق في قراءته للوحي من التمييز بين تصنيفين، ففي التصنيف الأول يتحدّث عن مستوى وجود قراءة بشرية، وفي الثاني عن مستوى وجود قراءة فوق بشرية، وهو في هذا التصنيف يوظّف مجموعة من المقولات التي تنتمي الى المنجز الثقافي الغربي، وجاوزت الطرح الإشكالي للتراث في التعاطي مع إشكاليات التراث من منظور ثنائي للأشياء.

المساهمون