عام مجهول الملامح

31 ديسمبر 2016
+ الخط -
انطوت اللحظات بما حملته من سعادةٍ وتعاسة، لحقتها الذكريات الموطّنةُ في ذاكرة الأيام، وانتهت الأوجاع ومرارتها والفرحةُ ولذتها، ولم يبقَ سوى الأثر الطيب منحوتًا في القلوب والكلمة الصادقة بذرةً حسنةً بين الناس، وإذ يوشك هذا العام أن يغلق مصراعيه، وتدق طبول ميلاد عام جديد بحلةٍ جديدة وطلة بهية، لا نزال نرتدي ثياباً رثّة متسخة بدمامة السياسة وقبح التآمر على السلام والأمن والاطمئنان.
اغتيلت الأوطان على حين غرة، صرخت طويلآ في سبيل أن يشوّش صراخها سبات معتصمٍ، ويقض بكاؤها مضاجع العرب، بحّت الأصوات وتحشرجت الحناجر ودمرت المآذن، وانتزعت الأرواح من أجسادها، فيما لا يزال العرب يترنحون ويعربون عن قلقهم، يصدرون خطابات تعوي لا يكاد السامع يفقهها، ولا تمت للواقع بصلة، قممٌ يُعلن عنها، وجلسات تعقد للتشاور، طاولات يثقلون ظهرها بما لذّ وطاب، وبدلات يرتدونها مشدودةَ الوثاق، يهتمون بنوع ربطة العنق وشكلها، ولا يأبهون بأعناق تقتلع، يحزمون بطونهم كي تتوارى تخمتهم فيما شعوبهم يطبق الجوع على معداتها، يلمّعون أحذيتهم ولا يهمهم أولئك الحفاة العراة الذين تنتعلهم الألغام، وتنال منهم الحروب وتفتك بعقولهم سياسةٌ حمقى.
في ختام العام الماضي كتبتُ بحروفٍ متفائلة، تتوق لعامها الجديد وما يحمله على متن قطاره وعربات شمسه وقمره من أمن وسلام، لكن ظني خاب، فقد عزمت في نهاية هذا العام أن أتجنّب التوّقع والتخمين لما تحمله سفينة العام 2017 في طياتها من موضوعات، وما زرعته على جنبات الطريق، وما تحمله من منعطفات وهاويات.
لا أدري هل سينصب العام الجديد خيامه على أرضٍ مستويةٍ تتوفر بها مقومات الحياة وأساسيات السعادة وتوتد حبالها بأرض متماسكة في وجه العواصف وتخضّر مروجها وتثمر عروبتها؟ أم أنّه سيحط الرحال على شفا هاوية تؤرق منامنا، ومنزلقات صخريةٍ تهوي على رؤسنا، ينال منّا البرق بسوطه وتجرفنا الأمطار بسيولها؟
لا أريد الاطلاع على كاتالوغ العام الجديد، ولا أسعى إلى معرفة ما يدور خلف الكواليس، سلّمت أمري للقدر وتوكلت على المقدّر.
21FED83A-CE8B-4769-AE42-E81311C1A2AE
21FED83A-CE8B-4769-AE42-E81311C1A2AE
رمزي مهدي الجديعي (اليمن)
رمزي مهدي الجديعي (اليمن)